ستحتاج الحكومة الانتقالية برئاسة الدكتور كمال الجنزوري رئيس مجلس الوزراء؛ الى استجماع كل مهاراتها لاقناع البلاد بتطبيق اجراءات تقشف بعد عام من الاضطرابات السياسية والاقتصادية وفقا للتفاصيل التي تكشفت بشأن الاتفاق المزمع مع صندوق النقد الدولي. وتريد الحكومه ابرام اتفاق مع صندوق النقد للحصول على 3.2 مليار دولار لتفادي أزمة تلوح نذرها في الافق. لكن الصندوق يريد من مصر في المقابل أن تخفض العجز في الميزانية. وقال مسؤول مصري يتابع المحادثات عن كثب، ان اتفاق صندوق النقد يتضمن شروطا من المتوقع أن تنفذها مصر لتحصل على الاموال، وأحد هذه الشروط خفض عجز الميزانية. وأضاف المسؤول ان “تلك الشروط لها تبعات سياسية” ولهذا قال مسؤولون في السابق ان شروط صندوق النقد تؤثر على سيادة مصر. وطلب صندوق النقد من مصر اعداد خطة للاصلاح الاقتصادي تتضمن معايير وأهدافا واقناع القوى السياسية المصرية بها والحصول على تعهدات بمساعدات من مانحين اخرين. وستأتي الاقتراحات المرتبطة بذلك من الحكومة المصرية غير المنتخبة في الوقت الذي تقود فيه البلاد خلال عملية كتابة الدستور الجديد واجراء الانتخابات الرئاسية قبل نهاية يونيو. وأعلنت الحكومة هذا الشهر أنها وافقت على خطة تستغرق 18 شهرا هي نفس مدة برنامج صندوق النقد وأنها ستوقع اتفاقا في مارس. لكن حتى الان لم تطرح الحكومة الخطة للنقاش العام كما وعدت وقال صندوق النقد بشكل مقتضب ان المحادثات لا تزال جارية. ولم تنشر الا تفاصيل قليلة عن اجراءات التقشف التي تتضمنها الخطة، لكن تقريرا نقل عن وزير المالية ممتاز السعيد في العاشر من فبراير قوله ان الاجراءات تتضمن تغيير ضريبة المبيعات البالغة عشرة في المئة الى ضريبة للقيمة المضافة وتوجيه دعم الطاقة الى الفئات الاشد احتياجا. ولم يكن فرض ضرائب جديدة أو خفض الدعم الحكومي أمرا سهلا في يوم من الايام وقد حاولت الحكومة منذ فترة طويلة تطبيق اجراءات مماثلة لكنها لم تنجح. وفرضت ضريبة المبيعات في اطار برنامج سابق لصندوق النقد عام 1991 كخطوة أولى نحو ضريبة القيمة المضافة وحاول يوسف بطرس غالي وزير المالية انذاك انجاز التحول الى ضريبة القيمة المضافة على مدى أعوامه السبعة في المنصب. وحاول بطرس غالي أيضا التصدي لدعم الطاقة الذي يلتهم حصة متزايدة من ميزانية الدولة مع نمو الاستهلاك. وقد طالب صندوق النقد الدولي بأن يحظى أي اتفاق بتأييد سياسي واسع داخل مصر لاسيما من جماعة الاخوان المسلمين التي فازت بنحو نصف مقاعد البرلمان الجديد. وحتى الان يرفض الاخوان ابرام اتفاق الا كملاذ أخير لكن محللين يقولون ان الجماعة قد لا تجد خيارا سوى الموافقة. ومن بين الاسئلة المهمة هل تمتلك مصر الموارد اللازمة لتجتاز الانتخابات الرئاسية قبل أن تحدث أزمة مالية. وتنفق مصر ملياري دولار شهريا من احتياطياتها الاجنبية منذ أكتوبر لدعم عملتها. وبلغت الاحتياطيات 16 مليار دولار أي أقل من نصف مستواها قبل الثورة. وتتضمن هذه الاحتياطيات سبائك ذهبية بقيمة أربعة مليارات دولار ستجد الحكومة حرجا شديدا في استخدامها. وقال سعيد الهرش الخبير الاقتصادي لدى كابيتال ايكونوميكس انهم اذا استمروا بالوتيرة الحالية فستنفد كل احتياطياتهم تقريبا بحلول ذلك الوقت. وحينئذ سيكونون عند نقطة فارقة وهو ما يعني أننا قد نشهد انخفاضا غير محكوم في قيمة العملة. وحتى اذا توفر التأييد الداخلي للخطة فقد قال صندوق النقد انه يتعين على مصر أن تحصل على أموال من مقرضين أجانب لسد العجز الذي تقدره الحكومة بنحو 11 مليار دولار على مدى فترة البرنامج البالغة 18 شهرا وهو ما يعني أنها ستحتاج للحصول على نحو ثمانية مليارات دولار من مانحين غير صندوق النقد..