كشفت التحقيقات التي أجرها مستشارا التحقيق المنتدبين من وزير العدل للتحقيق في وقائع التمويل الأجنبي غير المشروع لعدد من منظمات المجتمع المدني المصرية والأجنبية أن الولاياتالمتحدةالأمريكية قامت بتقديم حجم هائل من التمويل لمنظمات مصرية وأمريكية تعمل على أرض مصر في أعقاب ثورة"25 يناير"على نحو يفوق عدة مرات ما كانت تقدمه لتلك المنظمات من قبل، لاسيما خلال الفترة من عام 2005 وحتى عام 2010. وأظهرت تحقيقات المستشارين سامح أبو زيد واشرف العشماوى في القضية التي أحيل فيها 43 متهما إلى محكمة "جنايات القاهرة"من بينهم 19 أمريكيا وآخرين من جنسيات أجنبية أخرى، أن هذه الأموال التي كانت تقدم للمنظمات سواء المصرية أو الأمريكية العاملة على الأراضي المصرية ، كان يتم اقتطاعها من المبالغ المخصصة للأعمال التنموية المتفق عليها سلفا بين مصر والولاياتالمتحدة في مجالات التعليم والصحة والبنية التحتية على ضوء برنامج المساعدات الاقتصادية الأمريكية..حيث كان يجري تحويل جانبا كبيرا من أموال البرنامج لصالح تلك المنظمات،على الرغم من كونها تضطلع بأعمال سياسية بحتة. وكانت وزير الدولة للتعاون الدولي الدكتورة فايزة أبو النجا قد قالت - في معرض شهادتها التي كانت قد أدلت بها في شهر أكتوبر من العام الماضي أمام مستشاري التحقيق في تلك القضية عقب بدء التحقيقات-إن أحداث ثورة 25 يناير جاءت مفاجئة للولايات المتحدةالأمريكية، وخرجت عن سيطرتها لتحولها إلى ثورة للشعب المصري بأسره..وهو ما قررت الولاياتالمتحدة في حينه العمل بكل ما لديها من إمكانيات وأدوات لاحتواء الموقف وتوجيهه في الاتجاه الذي يحقق المصلحة الأمريكية والإسرائيلية أيضا. وأوضحت أبو النجا أن مصدر معظم مبالغ التمويل المشار إليها تم استقطاعه من المبلغ المخصص من برنامج المساعدات الأمريكية الاقتصادية بقرار أحادي الجانب من أمريكا . وأشارت أبو النجا إلى أن هناك فرقا كبيرا بين التمويل الأجنبي لكيانات المجتمع المدني المصرية وبين المعونات أو المساعدات الرسمية للدول والجهات الأخرى التابعة للدولة..وهو فرق جوهري وأساسي بين تقديم تمويل مباشر لأغراض سياسية أو تنموية في خارج الأطر الرسمية، حيث أن الأساس في تقديم المساعدات أن تكون من دولة إلى دولة، ومن حكومة إلى حكومة ومن ثم تكتسب التسمية الدولية المنصوص عليها في كافة المواثيق الدولية والاتفاقات الثنائية وهي المساعدات التنموية الرسمية. وأشارت الوزيرة إلى أن الاتفاقية الدولية الأم الموقعة في 1978 لا تتضمن أي بند يتيح لأمريكا تخصيص أي مبالغ لكيانات المجتمع المدني المصري أو الأجنبي العاملية في مصر، إلا أن أمريكا قامت بإدخال تعديل من خلال الكونجرس على قانون اعتماد العمليات الخارجية عن عام 2005 وما بعدها تحت مسمى تعديل (براون باك) لكي ينص على ربط وتخصيص إتاحة المساعدات الأمريكية والاقتصادية لما أسموه ببرنامج الديمقراطية والحكم .. وعدم اشتراط موافقة الحكومة المصرية على قيام أمريكا بتقديم ذلك التمويل المباشر للمنظمات المحلية والأجنبية. وأكدت أنه طوال هذه الفترة التي شهدت ذلك التمويل منذ عام 2005 كان هناك اعتراض دائم وعدم موافقة من الجانب المصري على ذلك ، وتم إخطارهم رسميا وشفاهة عدة مرات من خلال وزارتي التعاون الدولي الخارجية المصرية على ذلك التمويل المباشر، والذي زاد بشكل غير مسبوق اعتبارا من فبراير 2011 وحتى أكتوبر 2011 والذي تزامن مع إدلاء الدكتورة فايزة أبو النجا بأقوالها أمام مستشاري التحقيق. وذكرت أن الجانب الأمريكي كان يقوم بموافاة الجانب المصري بتقارير بأسماء المنظمات والكيانات المصرية والأجنبية العاملة في مصر، التي تقدم لها الولاياتالمتحدة تمويلا مباشرا لممارسة نشاطها في مصر، غير أن أمريكا كانت تقوم بإخفاء بعض تلك المعلومات أو تأجيل الإعلان بها لعدة أشهر إلى ما بعد انتهاء مراحل تخصيص تلك المبالغ وإتاحتها للمنظمات وصرفها بالفعل.