أكد فضيلة الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية على أننا في حاجة ماسة وشديدة إلى إدارة حضارية للخلاف الأسري ؛ لأن هذا الخلاف الأسري هو ظاهرة موجودة ، وواقع لا يمكن أن تنفك عنه أسرة ، سواء حصل الخلاف بنسبة كبيرة أو بنسبة صغيرة ، لكن الأسرة الذكية والرشيدة والعاقلة هي التي تستطيع أن تحتوي هذه الخلافات وتميتها في مهدها . كما أكد فضيلته خلال برنامجة الأسبوعي "مع المفتي" المُذاع على "قناة الناس" : على أنه ليس هناك طرف دون طرف هو المسئول عن تفاقم المشكلات والخلافات الزوجية ؛ بل كل منهما مسئول عن تلافي هذه المشكلات وإدارتها إدارة حضارية . وأوضح مفتي الجمهورية ، أنه لا توجد أي فائدة أو مصلحة من نشر ما يحدث داخل البيت لخارجه إلا الكلام واللغو وتضييع الأوقات ؛ فتفاصيل البيوت يجب أن تكون حبيسة الغرف المغلقة ، وأن يحتوي الزوجان خلافاتهما دون اللجوء للأهل إلا إذا عجزا عن حلها ، وعلى أهل الطرفين أن يثقلا الزوجين بالخبرات الحياتية اللازمة بوعي وحكمة لتفادي أي خلافات قد تطرأ على حياتهما . وأشار فضيلته ، إلى أن القرآن الكريم يرشدنا في مراحل وعظية ومراحل تأديبية ويبين لنا طريق الصواب في التعامل مع الخلافات الأسرية ، فيحدد لنا أول هذه المراحل وهي الوعظ وتحتاج إلى لين جانب وليس استعلاء من كلا الزوجين ، ثم مرحلة الهجر وتهدف لاتِّخاذ موقف صارم وليس ترْك البيت لأنه تصرف خاطئ ، فترْك أي طرف للبيت ما هو إلا تصعيد للمشكلات ؛ ومن رحمة الإسلام أن طلب الله عز وجل بعدم إخراج المرأة المطلقة من بيتها إلا بعد انقضاء العدة . ثم يأتي الضرب ويمثل رمزية ، ويجب أن يفهم مدلوله وكيفيته وفقًا للمسلك والنموذج النبوي الشريف في التعامل مع زوجاته ، فتقول السيدة عائشة رضى الله عنها وعن أبيها: "ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدًا من نسائه قط ، ولا ضرب خادمًا قط ، ولا ضرب شيئًا بيمينه قط إلا أن يجاهد في سبيل الله"، بل إنه مغاير لمنهج الصحابة رضوان الله عليهم كما ثبت عن سيدنا عمر رضى الله عنه ، فقد صبر على خلافه مع إحدى زوجاته باستحضاره لإيجابياتها وفضائلها . ولفت مفتي الجمهورية النظر إلى أن حل المشكلات بالضرب وإبراز السلبيات هو مسلك الضعفاء وغير المنصفين الذين لا يديرون الأسرة إدارة حسنة ، فضلًا عن تعارضه مع الميثاق الغليظ . واختتم فضيلة المفتي حواره قائلًا: "إن العنف الأسرى يتعارض مع مقاصد هذه الحياة الخاصة في طبيعتها حيث مبناها على السكن والمودة والرحمة ، بل يُهدِّد نسق الأسرة بإعاقة مسيرتها وحركتها نحو الاستقرار والأمان والشعور بالمودة والسكينة ، ومن ثَمَّ تحويلها لتكون موطنًا للخوف والقلق والشجار المستمر ونشر الروح العدوانية ، فضلًا عن مخالفة هذا العنف لتعاليم الإسلام ؛ فقد حث الشرع الشريف على اتِّباع الرفق ووسائل اليسر في معالجة الأخطاء".