رغم تصاعد الأزمة السياسية الناتجة عن أحداث مجلس الوزراء الأخيرة إلا أن الوضع فى التحرير بات هادئاً ، فقد انتقلت الأزمة من الميدان إلى أروقة الأحزاب والجماعات السياسية التى لم تكتف بالاعتراض على العنف وإنما تقدمت بعدة بلاغات للنائب العام ضد الداخلية والشرطة العسكرية .. الآن هناك خيمة واحدة فقط تحمل عنوان (ثوار الحرية) هى التى تبقت من اعتصام ميدان التحرير ومجلس الوزراء الأخير ، والخيمة التى تتوسط أرض الجزيرة الوسطى بالميدان تنتمى لمجموعة من المستقلين الذين شاركوا فى كل الاعتصامات السابقة وفى كل مرة تتعرض الخيمة للحريق وفى كل مرة أيضاً يصر المعتصمون بها على البقاء حتى تتحقق بقية مطالب الثورة التى خرجوا من أجلها منذ يوم 25 يناير .. وقد ناشدت العديد من الإئتلافات والقوى السياسية بوقف العنف وضمان عدم تكراره فقد أعلن اتحاد شباب الثورة فض الاعتصام من الميدان مقابل التحقيق العلنى فى الأحداث وتشكيل لجان شعبية لحماية المنشآت العامة وانسحاب الجيش والشرطة من الشوارع المحيطة. وقد ساد الهدوء تماما أرجاء ميدان التحرير لليوم الثانى على التوالى بعد أن تراجعت قوات الشرطة العسكرية والأمن المركزى إلى مقراتها بعد قيام الحيش ببناء الساتر الخرسانى فى شارع الشيخ ريحان .. وقامت اليوم مجموعات منظمة من الشباب المتطوعين بتنظيف الميدان وإزالة بقايا الطوب والحجارة والقمامة منه ، فى حين استمرت عمليات انتشال الكتب المحترقة من تحت أنقاض مبنى المجمع العلمى حيث قام الشباب المتطوعون بمساعدة عمال وخبراء الترميم بوضع الكتب والمجلدات المتفحمة بالكامل أو أجزاء منها داخل لفائف من أوراق الصحف لحمايتها من التمزق. لكن الغريب لمن يدقق أن الذين ساهموا فى إشعال الأحداث هم من يقومون الآن بتشكيل اللجنة الشعبية لانقاذ ما تبقى من تراث المجمع ويمنعون المصورين من التصوير والدخول بحجة الحفاظ على تاريخ مصر مما تسبب فى وقوع بعض المشاحنات بينهم وبين المارة أو من جاءوا من أجل مشاهدة أثار الأحداث . وتحولت ساحات التحرير إلى ميدان للسجال والنقاش بين المعارضين لبقاء المجلس العسكري وبين أنصار الاستقرار حتى تجرى الانتخابات. ومن ناحية أخرى فقد اختفى مثيرو الشغب والذين زادوا الأحداث اشتعالاً فى حين تبقى على أرض الميدان بعض الصبية والكثير من أطفال الشوارع والباعة الجائلين وتجار الملابس الداخلية فى وضع مؤسف ومسىء للغاية ، فعقب أحداث الثورة جاء السائحون لتصوير ميدان التحرير بعد تنظيفه من قبل جماعات تكونت على الفيس بوك لكن هذه المرة أكثر ما يسترعى انتباه السائحين وعدساتهم هو مشاهد الباعة الجائلين والمتسولين والمبانى المحترقة ! . # وفى تصعيد جديد قررت بعض القوى السياسية تنظيم وقفات احتجاجية واعتصاماً رمزياً لمدة أربعة ساعات يومياً أمام دار القضاء العالى للمطالبة بنقل السلطة للمدنيين والتحقيق فى الأحداث الأخيرة وشارك عدد من نواب مجلس الشعب مع بعض الأحزاب فى وضع مبادرة تقوم على وضع جدول زمنى نهائى لانتقال السلطة والتحقيق فى الأحداث وتم اليوم فى هذا الإطار تنظيم وقفة احتجاجية أمام نقابة الصحفيين شارك فيها نشطاء سياسيون ومحامون وأعضاء فى مجلس الشعب احتجاجا على ما تم نشره من صور توضح ما تعرض له المعتصمون من قمع من قبل قوات الشرطة العسكرية ورفع المحتجون لافتات تدين الجيش المصرى والقوات المسلحة مدعين "احتلال الجيش لأرض مصر" وهى اللافتات التى لم تلق قبولاً مطلقاً من قبل المارة الذين اتهموهم بأنهم مأجورون وهدفهم إساءة سمعة الجيش وتحقيق مآرب إسرائيل والقوى الخارجية حسب تعليقاتهم !