فشل في العثور علي وظيفة فقرر بدء مشروع "طلباتك أوامر" لتوصيل الطلبات للمنازل الفكرة نفذها منذ 4 أشهر وانتشرت في المحافظات ويعمل بها الآن أكثر من 100 شاب حصل على 91% بالثانوية العامة وتخرج في كلية الآداب.. ولكنه اختار "الطيران" بأفكاره بعيدا عن الروتين يذهب للزبون يومياً لشراء كل طلباته مقابل 80 جنيهاً شهريا.. ويقوم بشراء المتطلبات من ماله الخاص ثم يحاسب صاحبها يقوم بشراء احتياجات دور الأيتام والمسنين وذوي القدرات الخاصة دون أي مقابل مادي الفكرة بسيطة، قد يعتبرها البعض مجنونة، وغير تقليدية، إلا أن صاحبها يعتبرها الطريق السليم، وأنها بداية حولت مسار حياته، كيرلس ميلاد، شاب مثل كثير من الشباب المصريين كافح من أجل بناء مستقبله، ولكن ظروفه اضطرته لترك عمله، لم ييأس واعتمد على مجهوده الذاتي، ودون أي رأس مال أصبح لديه مشروع ناجح حقق له مستوى مادي أفضل، "انت تؤمر" هذا هو اسم مشروع كيرلس ميلاد.. الفكرة ببساطة اعتمدت على كلمات بسيطة كتبها كيرلس علي موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، بأنه مستعد لتوصيل الاحتياجات للمنزل، من شراء متطلبات أو مأكولات أو مشروبات أو منظفات، أو علاج، وإيصاله للمنزل بمقابل مادي بسيط، في منطقته التي يعيش بها وهي حي "الظاهر". لكن كيف جاءت الفكرة لكيرلس، في نهاية شهر يوليو الماضي، ترك كيرلس عمله، لم ييأس وبدأ في البحث عن عمل جديد، وبعد فترة من البحث، قرر كيرلس أن يغير اتجاه حياته، وسأل نفسه: ما المؤهلات التي يمتلكها ويمكنه أن يوظفها في عمل مناسب لتوفر له دخلا ماديا؟ كيرلس أكد أنه كانت لديه 3 إجابات عن سؤاله، هي أنه يجيد شرح مادة الدراسات الاجتماعية، ولكن لم يوفق في إيجاد عمل بها، فتوجه للحل الثاني، وهو أنه يجيد الكتابة على الكمبيوتر، فذهب للعديد من المكتبات، ليكتب لهم الورق على الكمبيوتر، ولكنه أيضا لم يعثر على فرصة، فلم يكن أمامه إلا الخيار الثالث والأخير، وهو أنه يعرف "يمشي ويتحرك"، وهنا قرر استخدام قدراته كإنسان لتوفير فرصة عمل مناسبة، فكان مشروعه "انت تؤمر" لتوصيل وشراء الطلبات للمنازل بمقابل مادي. الفكرة ببساطة يلخصها كيرلس، وهي أنه يقوم بشراء الطلبات للناس، المشروع لم يحتاج لرأس مال، جمل بسيطة على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك صاغها كيرلس بتلقائية متناهية حيث كتب على حسابه: "أنا كيرلس ميلاد صاحب مشروع طلباتك أوامر لشراء طلبات البيت من (خضار، لحمة، فاكهة،...) أي حاجة عاوز تشتريها من الظاهر كلمني ..مواعيدي يوميا من 10 صباحا حتى 10 مساء ماعدا الجمعة والأحد إجازة.. بعد 6 مساء بقفل الموبايل وبستقبل الطلبات علي الواتس.. لو هتشتري من محل واحد 6 جنيهات.. لو من محلين 8 جنيهات.. 3محلات أو أكثر 10 جنيهات، التوصيل من بيت لبيت 10 جنيهات، لو عندك مشكلة في الفلوس ابعت لي علي الواتساب وبدون إحراج ومش هاخد من حضرتك فلوس التوصيل". الفكرة لاقت رواجا وتشجيعا لم يتوقعه كيرلس، وفي أول يوم بدأ فيه كيرلس العمل، لم يكن معه وسيلة للتنقل وبدأ يتحرك على قدمه من محل لآخر إلى منزل، وهكذا، ووصل في بعض الأحيان لحمل بضاعة تزن 30 كيلو جراما، ولحسن حظه، أحد الزبائن أعطاه دراجة مجانا في أول يوم عمل، وبدأ يتنقل عليها، بدأت شهرة كيرلس تنتشر في منطقته، وأصبح الكثيرون يطلبونه لتوصيل الطلبات لهم، وبعد شهر ونصف الشهر من العمل، أكرم الله كيرلس بدخل وفير أفضل مما كان يحصل عليه في عمله، وأصبح مثار الحديث على مواقع التواصل الاجتماعي، ولاقى تشجيعا كبيرا من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى تشجيع أسرته وأصحابه وفرحتهم بكفاحه ومجهوده، وطور كيرلس وسيلة لتنقله لتصبح "موتوسيكلا" بدلا من الدراجة، ليتأكد كيرلس أن خطوة تركه لعمله الأول كانت أفضل خطوة في حياته، ورفع شعار "الوظيفة هتخليك تاكل وتسدد فواتيرك بالعافية.. شغلك الخاص هو اللي هايخليك غني"، " الحاجات اللى حققتها فى 4 أشهر كنت هاحققها فى 15 سنة لو كنت فضلت لسه موظف". وضع كيرلس ما يشبه الدليل لأسعار الخدمة التي يقدمها لزبائنه في منطقة الظاهر، وهي 3 عروض، العرض الأول، نظام شهري، يدفع فيه الزبون 80 جنيهاً شهريا، وفي المقابل يذهب إليه كيرلس مرة يوميا لشراء كل متطلباته، العرض الثاني هو النظام الأسبوعي، حيث يدفع الزبون 25 جنيهاً أسبوعيا، وفي المقابل يذهب إليه كيرلس كل يوم أسبوعيا لشراء المتطلبات، أما العرض الثالث فهو النظام الحر، وهي أن يدفع الزبون 6 جنيهات تكلفة الأوردر الواحد، مع إمكانية قضاء المشاوير البعيدة ويحدد الثمن حسب المسافة والوقت والاتفاق، أما بالنسبة للمحلات فيكون السعر مضاعفا. الأمانة واالصدق، هما الصفتان اللتان اشتهر بهما كيرلس بين أبناء حي الظاهر، ولكنه زيادة للطمأنة، يقوم بشراء المتطلبات من ماله الخاص في أحيان كثيرة ويعطيها للزبون ثم يحاسبه بعد ذلك، وللضمان يشتري كيرلس كل المتطلبات بفواتير حتى يطمئن الزبون للأسعار، ولم ينس كيرلس أن يقدم خدمات إنسانية لدور الأيتام والمسنين ولذوي القدرات الخاصة بأن يقدم لهم خدمات التوصيل مجانا دون أي مقابل مادي. ويحكي كيرلس عن أول يوم بدأ فيه توصيل الطلبات للمنازل، حيث أخبره البعض أنه سيعامل كبواب، ولكن بالعكس لاقى احتراما ومعاملة جيدة فيها نوع من الاحترام والفرح بالتجربة، ولم يعطه أحد 6 جنيهات تكلفة الأوردر، ولكن أعطوه أكثر من التكلفة المحدة، لدرجة أن إحدى الزبائن أعطته دراجة هدية تشجيعا له ولفكرته، يومها تلقى كيرلس العديد من المكالمات التليفونية تشجعه وتشكره على الفكرة، وصلت لحوالي 100 مكالمة و200 رسالة تشجيعية على فيسبوك وبدأ كيرلس ينتشر وزاد متابعوه على فيسبوك، كما أن هناك طلابا من كلية الهندسة، توصلوا لتطبيق على الموبايل قريب من فكرة التوصيل التي يعمل بها، طلبوا منه أن يعمل معهم، علاوة على أن 7 شركات كبيرة طلبوا منه أن يعمل معهم كمندوب. كيرلس يؤكد أنه في أي وظيفة كان يعمل بها كان صاحب العمل أو المدير يخبره أن إمكانياته ضعيفة، وأنه غير مؤهل للعمل معهم، وأنه لا يستحق أكثر من 1200 جنيه كراتب شهري، لدرجة أنه اقتنع بهذا المبدأ، ولكن اليوم هو يرى نفسه شخصا مختلفا لديه قدرات ومؤهلات لكي يفكر ويعمل وينجح بمفرده، اليوم أصبح لديه مشروعه الخاص، والجميع يتحدث عنه، من زملائه وأصدقائه في الوطن العربي، وأمريكا وإيطاليا وغيرهم من المصريين المهاجرين، يتواصلون معه باستمرار ويشيدون بفكرته، الأجمل أن فكرته أصبح لها صدى في جميع محافظات مصر، لدرجة أنه حتى الآن بدأ 100 شاب في تنفيذ الفكرة في مناطقهم التي يعيشون بها. كيرلس يسعى ويحلم بأن تتطور الفكرة وتعمم في أنحاء مصر لتوفر فرص عمل للكثير من الشباب، وذلك من خلال تبني شركة كبيرة لفكرة مشروع "طلباتك أوامر"، أو تكون الراعي الرسمي له في مقابل أن يكون لكيرلس نسبة من الأرباح، فالمشروع سيوفر الآلاف من فرص العمل للشباب، كما أنه سيخدم شريحة كبيرة من المواطنين غير القادرين على تلبية متطلباتهم اليومية. كيرلس أبدى فخره بعمله الجديد وبمشروعه، ورفض عروض 7 شركات كبيرة ليعمل لهم كمندوب، ونصحوه بترك هذا العمل، إلا أنه رفض، وقال أنا والدي "فراش" في مدرسة، طول حياته كان ينظف المدرسة، ويقوم بأعمال النجارة والكهرباء، ويحمي تلاميذ المدرسة، وأنه فخور بوالده وعمله، وأنه ايضا مثل والده فخور بالخدمة التي يقدمها للناس وسكان منطقته. قبل أن تنتهي من قراءة الموضوع، يجب أن تتعلم أن بطلنا، وصاحب قصة النجاح هذه كيرلس ميلاد، حصل على 91% بالثانوية العامة، وتخرج في كلية الآداب قسم تاريخ بتقدير جيد. كيرلس ينصح الشباب بأن يبدأ الطيران، وأن يغرد بأفكاره وأحلامه بعيدا عن الروتين.