تعتبر الدائرة السادسة من أهم الدوائر وأكثرها سخونة خاصة وأنها تحتوي علي 6 مناطق من العيار الثقيل كما يقال ، وهي قصر النيل والزمالك وبولاق أبو العلا وعابدين والموسكي والأزبكية, ولكن ربما كانت أكثرها نظاما والتزاما سواء من حيث الانضباط بين الناخبين أو من حيث مواعيد فتح الباب علي التصويت . المشهد حضاري جدا كما رأيته صباح اليوم ، ورغم أن المنطقة التي تقع فيها لجنة التصويت تعتبر من المناطق الشعبية ، إلا أن التحضر والتعاون هي السمة الرئيسية الانتخابات حيث قمت بالإدلاء بصوتي في مدرسة أبو بكر الصديق الابتدائية بشارع حسن الأكبر خلف قصر عابدين ورغم أنه في طريقي إلي المدرسة عدد من اللجان الانتخابية .. إلا أن المشهد متكرر فيما بين كل اللجان حيث أن عدداً من رجال الجيش يتمركزون أمام المدرسة وعدد المناصرين من السيدات والشباب للمرشحين وعند الاقتراب من اللجنة يحاول البعض أن يستقطب الناخبين المتجهين للإدلاء بأصواتهم وشرح مزايا المرشح الذين يقومون بتدعيمه وأنه " أبن الدائرة " ويجب ترشيحه لأنه أفضل من المرشحين الآخرين خاصة وأنه يمكن الوصول إليه بسهولة بخلاف أي مرشح آخر كما أنه سوف يساعد أهل منطقته .. ومن بين هؤلاء المدعمين لأحد المرشحين تحدثنا إلي شعبان حسين الذي أكد: أقف هنا منذ السابعة والنصف صباحا أي قبل بدء الانتخابات بنصف ساعة حتى يمكنني أن أشرح للناخبين مزايا أبن دائرتي وأدعوهم لانتخابه دون ضغط أو إجبار أو تأثير عليهم ولكن من أجل توعيتهم فقط. وعن وجود تلاعب ما بين شراء الأصوات أو إعطاء هدايا للناخبين من قبل بعض المرشحين أكد لنا أن هذا لم يحدث علي الإطلاق من جانب أي مرشح أو حزب وأن الجميع ملتزم تماما لأن الناس خلاص أصبحت لديها وعي كبير لدرجة أنه لا يجرؤ أحد علي تجاوز طابور التصويت مهما كانت مكانته أو وظيفته في المجتمع. ومن أمام اللجان أكد نور محمد أحد الشباب الذين يقومون بإرشاد الناخبين أنني لا أهتف لأسم المرشح الذي أدعمه ولا أجبر أحداً علي اختياره ، ولكنني أوضح للناس مزاياه وكيف أنه قادر علي الخوض في هذا السباق وأوضح له مزاياه فقط, وعن المقابل المادي الذي يتقاضاه مقابل هذا التدعيم قال لنا : أحصل علي 100 جنية في اليوم , أماً السيدات فيحصلن علي ما بين 50 إلي 75 جنيهاً فقط لأن الشباب يقف طوال اليوم منذ الثامن صباحا حتى السابعة مساء ولكن السيدات حتى منتصف اليوم فقط. ورغم أن الدوائر الانتخابية في العديد من المناطق بالقاهرة تعاني من الزحام الشديد والتباطؤ إلا أن منطقة وسط البلد كانت علي العكس تماما حيث ظهرت اللجان منظمة تماما حيث تم تنظيم اللجان بحيث تكون السيدات في لجان مختلفة عن اللجان التي يدلي فيها الرجال بأصواتهم ما جعل العملية أكثر سهولة مهما أختلف توقيت الذهاب إلي اللجنة سواء كنت أحد من يذهب خلال فترة الصباح أو بعد الظهيرة. وفي منتصف الطابور تحدثت إلي أحد الفتيات التي تسبقني الطابور وتدعي شيماء محمود السيد 31 سنة وأكدت لي أنها لأول مرة تشارك في الانتخابات ليس خوفا من الغرامة ولكن لأنني لأول مرة أشعر أن صوتي يمكن أن يصل دون تشويه أو تزييف في صوتي لصالح أحد من بقايا أو رعايا الحزب الوطني, وأكدت لي أنها لم تتعرض لأي محاولة من الضغط من جانب أحد المرشحين أو حتى من يقومون بتدعيمهم من الشباب أمام اللجان الانتخابية. بينما أكدت سيدة محمود 53 عاما أنها جاءت لأنها تخشي أن يقع عليها غرامة وأضافت ولا أعلم من هو الأصلح لكي أقوم باختياره فسألت أحد الفتيات ممن تبدو عليهم المعرفة والثقافة من أمام اللجنة ووجهوني ماذا أفعل وبالفعل قمت باختيار ما قالوا لي عليه وخلاص .
... وانتخابات بالإكراه !
كتبت : شيماء ممدوح اليوم مصر تشهد عرس ديمقراطي كما وصفه العديد من النشطاء و السياسيون و الإعلاميون في مختلف الأصدارات الإعلامية و القنوات الفضائية .. ربما يشعر البعض بالأجواء الإحتفالية لهذا العرس .. الا أن الكثيرين على الجانب الأخر يشعرون بالإكراه على الإحتفال و أنا واحدة منهم .. فلولا الغرامة المالية التي ستطبق على الممتنعين عن التصويت لما نزلت من البيت ولا أعطيت صوتي لأحد .. فكيف أعطي صوتي لأشخاص لا أعرف عنهم إلا شكل صورهم الشخصية ورموزهم الإنتخابية .. ؟! . المهم نزلت من بيتي مكرهه الساعة السابعة صباحا " فاكرة نفسي الناصحة الوحيدة في مصر " و توجهت الى مدرسة نوبار الأعدادية بنات في دائرة عابدين – قصر النيل ، وطبعا شعرت بالصدمة حين رأيت الطابور الطويل الممتد من المدرسة الى الشارع الرئيسي ، فوقفت أخر الصف و بدأت أسمع و أري ما لم أكن أتخيل انه سيحدث في مصر حتى بعد ثورة 25 يناير ، حيث جاءت فتاتان ترتديان خماراً طويلاً للدعاية لحزب " الحرية و العدالة " واخذا يقنعاني بأهمية التصويت للحزب خاصة و انني " مسلمة و محجبة " و طبعا بدأت أستشيط غضبا و قبل أن أفتح فمي بكلمة واحدة انتبهت بعض الفتيات في الصف لما يحدث ووجدت سيلاً من الأعتراضات ونساء تصيح فى وجه الفتيات اتباع الحرية والعدالة قائلات هذا لا يصح لا يجب توزيع منشورات دعائية لأي حزب مهما كان لأن هذا الأمر غير قانوني وغير دستوري . أكملت دوري في الطابور الطول حتى وصلت لأوله ، و اذا بإحدي المرشحات عن العمال في الدائرة اسمها عزة على حسب ما كان مكتوب في بطاقتها .. نعم بطاقتها كانت معنا ، فهي أرادات أن تدخل اللجان من اجل الأنتخاب و تعدت على الطابور كله ، الا أن الأصوات بدأت تتعالي و تقول لها ماذا تفعلين ، أنت مازلت مرشحة و تتجاوزين القانون فماذا ستفعلين عندما تنجحين ورفضوا تماما دخولها وأبعدوها إلي نهاية الصف وطلبوا من الناخبين عدم انتخابها لأنها تتجاوز القانون واعلنوا ما حدث في صفي البنات و الرجال .. طبعا انتابني حالة من الذهول و السعادة و شعرت بالفعل انه عرس حقيقي ، ليس عرساً للديمقراطية أو الأنتخابات بل انه عرس للوعي السياسي الذي يعيشه الشعب المصري و حتى وصلت الى مقر لجنتي الأنتخابية كنت أرى و أسمع ما جعلني أزداد شرفاً بأني مصرية و أسعد بأنني شاركت في هذا العرس الديمقراطي .. حتى و لو بالإكراه ! .