"تم القبض على عنصر أجنبي في عملية الواحات الإرهابية وهو الوحيد الذي بقي حيا بعد قصف القوات الجوية لعناصر الخلية الإرهابي وسوف تتم إذاعة اعترافاته قريبا". كان هذا التصريح للرئيس عبد الفتاح السيسي قبل أسبوع واحد خلال فعاليات منتدى شباب العالم بشرم الشيخ. الخبر لاقى رواجا واهتماما محليا ودوليا نظرا لأهميته ولكون الجميع تفاجأ من وجود عنصر إرهابي بقي حيا في عملية الواحات مما أثار الفضول لدى وسائل الإعلام لمعرفة التفاصيل وجنسية هذا الإرهابي الأجنبي. وكان التصور المنطقي عن المشتغلين بمهنة الإعلام وعند أي شخص يفهم في استراتيجيات حصار الإرهاب دوليا وإبراز المخاطر التي تتعرض لها مصر للعالم الخارجي أنه سوف يتم إعلان اعترافات هذا الأجنبي في مؤتمر صحفي عالمي يتم دعوة الوكالات ووسائل الأنباء العالمية له لنقل الصورة للعالم الخارجي الذي من المنطقي أن نخاطبه في تلك الحالة. وإن لم يتم فعل ذلك فكان المنطقي أن تذاع اعترافات هذا العنصر الإرهابي على التليفزيون الرسمي للدولة لإعطاء الأمر الرسمية والقوة اللازمة التي تجعل الإعلام العالمي يهتم به وينقله عن اللسان الرسمي لمصر فضائيا. ولكن كعادة أي شيء يتم بدون تخطيط أو دون معطيات أو تفسيرات واضحة فوجئنا بقناة الحياة العائدة لتوها من مرحلة إفلاس، وشرائها من جانب شركة فالكون للحراسات!! .. فجئنا بها تعلن عن حوار حصري وانفراد مع الإرهابي الأجنبي في حادث الواحات يجريه الإعلامي عماد الدين أديب الذي أصلا كان متوقفا عن العمل التليفزيوني لوجوده خارج مصر بسبب مشاكل مالية وقضائية!! ولا أحد يعلم اللغز وراء ذلك إلا أن الأغلبية أرجعت الأمر لأن جهة ما لها علاقة بهذه الفضائية وتدعمها ومن ثم ساعدتها في هذا الحوار الحصري. وإن كان ذلك صحيحا فهذا يعني أننا أمام تعامل قضايا الأمن القومي باعتبارها سبق صحفي أو خبطة إعلامية جاذبة للجمهور ولشركات الإعلام. يا سادة هذه قضايا تخص مستقبل الوطن وتتعلق بالإرهاب الذي يحصل على دعم وتمويل خارجي لقتل أبنائنا سواء في الجيش أو الشرطة أو حتى المواطن المدني، فلا يصح أبدا أن تدار قضية بالغة الأهمية كهذه بتلك الطريقة ذات الرؤية القاصرة الباحثة عن مصلحة ضيقة. فإذاعة اعترافات إرهابي أجنبي شارك في عملية من أخطر العمليات عبر فضائية خاصة ستتعامل معها الوكالات العالمية باعتباره خبر عابر أو حوار أذيع عبر محطة محلية حسب الوصف المعتمد من تلك الوكالات العالمية ولن يحصل على القوة اللازمة لتغطية جادة وكبيرة عالميا وستحول الأمر باعتبارنا نخاطب أنفسنا. ولن يصحح الخطأ أن تتدارك وزارة الداخلية الأمر متأخرة وتصدر بيانا مكتوبا قبل إذا الحوار على الفضائية المذكورة بساعات تعلن فيه أن الإرهابي ليبي الجنسية وتدرب في درنة. فلا علاج لهذا الأمر إلا بمؤتمر رسمي عالمي وإلا ستظل الألغاز غائرة في النفوس حول ما يجري.