تحقيق: نورهان هاني- سارة محمد عبد المقصود ستة بنات فى الغرفة و18 فى الشقة .. والسرير المشترك ب400 جنيه شهرياً " الاحترام والأدب والنظافة " أهم شروط الإقامة .. والمدخنات فى غرفة واحدة سمسارة تسكين: الشقق المفروشة للطالبات والموظفات .. ومسموح بالعودة بعد منتصف الليل طالبات: زهقنا من قوانين المدينة الجامعية .. والإقامة فى بيوت المغتربات تجربة مثيرة المشاكل تظهر عندما تجمع الصدفة بين طالبات مختلفات فى الطباع والسلوكيات " شقة من ثلاث غرف للمغتربات ويُشترط أن تكون البنات محترمات " .. هذا هو أحد الإعلانات الخاصة ببيوت المغتربات الباحثات عن سكن بالقاهرة لاستكمال دراستهن بالجامعة.. إنه عالم آخر تحكمه قوانين وشروط وضوابط ومواعيد للحضور والانصراف، فهناك بيوت تمنح حق الإقامة للطالبات فقط وأخرى أشبه بالشقق المفروشة لا تضع شروطا صارمة وتصبح الحياة بها " سداح مداح " .. صورتان شخصيتان وتأمين شهرى وصورة من البطاقة الشخصية وموافقة الأهل أهم مؤهلات الإقامة.. 6 بنات فى الغرفة الواحدة و18 فى الشقة وقد يتجاوز العدد هذا الرقم.. هذا هو الواقع من الخارج أما الدخول إلى هذا العالم فكان يحتاج لمغامرة من نوع خاص .. وهو ما قمنا به فى سطور التحقيق التالى.. 440 جنيهاً إيجار نصف سرير البداية بالنسبة لنا كانت من داخل دور المغتربات بمنطقة منشية الصدر، حيث قررنا خوض تجربة زيارة الدار واقتحام هذا العالم الذي يتميز بخصوصيته الشديدة .. حيث التقينا مشرفة الدار وتدعى مدام كاميليا والتي تبدو في العقد الرابع من عمرها، حيث تظاهرنا بأننا نرغب في الحصول على سكن للدراسة.. المفاجأة أننا لم نقابلها بهذه السهولة فعندما وصلنا إلي هناك لم يسمح لنا الأمن بالدخول إلا بعد التحقق من هويتنا الشخصية وبعد إصرار قام أحد أفراد الأمن بالصعود معنا إلي شقة المشرفة لنعرف تفاصيل الحجز بالدار وخلافه. الطريف أنها لم تسألنا عن طبيعة دراستنا أو الجامعة التى ندرس بها.. ولكن كل ما طلبته صورتين شخصيتين وطبعا صورة من بطاقة الرقم القومى وإفادة بموافقة الأهل علي السكن في دار للمغتربات مع العلم أن مواعيد هذا الدار يوميا من الثامنة صباحا وحتي التاسعة مساء وأن جميع القاطنات بالمكان طالبات فقط وغير مسموح بسكن موظفات أو غيره كما أن الغرفة بها ثلاثة أسرَّة علي أن يسكن في الغرفة ست فتيات وكلهن يستخدمن دورة مياه واحدة وسريراً واحداً لكل طالبتين وذكرت لنا مشرفة الدارأن النظافة والعودة قبل التاسعة مساء من أهم شروط الاستمرار فى السكن مع شرط "الاحترام" والتزام الأدب، دون أن نعرف كيفية تأكد المشرفة من أخلاق الفتيات ولكنها ذكرت أنها تضمن لنا هذا وخصوصا أنه في كل شقة في هذا البرج المكون من تسعة طوابق توجد مشرفة تبيت يوميا مع الفتيات لمراقبة تصرفاتهن. أما عن تكاليف الإقامة فأوضحت لنا أن التعاقد يكون سنويا من شهر سبتمبر إلي يونيو بمبلغ 440 جنيها في الشهر مع دفع شهر آخر كتأمين، وأكدت لنا مشرفة الدار أن هذا السعر مناسب جدا رغم مبيت ست فتيات في غرفة واحدة أي ثماني عشرة فتاة في الشقة علي اعتبار أن الشقة مكونة من ثلاث غرف وفى نهاية حديثنا مع مشرفة دار منشية الصدر ألحت علينا بالإسراع في الحجز لأن هناك ست فتيات حجزن غرفة في إحدى الشقق والعدد أصبح محدودا فى ظل الإقبال الكبير على السكن بدور المغتربات نظرا لبدء الدراسة. الوجه الآخر بعض بيوت المغتربات تسمح بإقامة الموظفات والباحثات عن عمل بجانب الطالبات، باختصار أشبه بالشقق المفروشة، وهنا لم نجد أى صعوبة فى الحصول على عناوين كثيرة من على "جوجل" و "فيسبوك" فمبجرد كتابة مغتربات دون حتى كلمة سكن تظهر عشرات الصفحات التى تقود لمئات العناوين والأرقام التى تساعد على اقتناء سرير بشقة ولكن بقوانين تختلف عن الدار السابق ذكرها . بداية وجدنا على موقع "فيسبوك" رقما لسيدة تعمل كسمسارة تساعد الفتيات فى الحصول على السكن المشترك الملائم لهن، تواصلنا معها عبر التليفون وأخذنا معها موعدا لمعرفة تفاصيل الشقق المتاحة بجوار الجامعة بحجة أننا لم نستطع الالتحاق بالمدينة الجامعية، جاء موعد الزيارة المنتظرة فى محطة مترو غمرة، حيث اصطحبتنا إلى شقة على بعد خمس دقائق من المحطة، وفى طريقنا إليها حدثتنا عن الشقة ووصفتها "باللقطة" سألناها لماذا ؟ كانت إجابتها "لأنها ثلاث غرف كل غرفة بسريرين وكمان يسكنها موظفات يعنى هتريحوا بالكو من المشاكل .. ده غير إنه بيت عائلات محترم" التساؤل الذى استوقفنا هنا هو ما هو الشيء المميز بالنسبة للطالبات إذا قررن السكن مع موظفات لم نتردد فى سؤالها فردت بأن الميزة أن الموظفات طوال اليوم خارج البيت للعمل ولا يأتين إلا للأكل والنوم لذلك الحياة معهن أهدأ من الطالبات واستكملت كلامها "متقلقوش هما موظفتين وطالبتين " ، وهنا سألتها عن بند الاحترام المذكور فى الإعلان كيف نتأكد أن البنات محترمات أم لا ؟ ، جاوبت بلا إجابة "أنا أضمنه". المفاجأة أن الشقة فى بيت يبدو قديما فى منطقة شعبية بالطابق الرابع، وعند دخولنا الشقة قالت "خلوا بالكو البيت ده بيت عائلات بس إيه محترم " .. وبعدها أخذنا جولة بالشقة وحينها قالت السرير ب 350 جنيها ومواعيدنا حتى الساعة 12 مساء، وأى بنت ممكن تتسبب فى مشاكل فى المكان عليها أن تبحث عن سكن آخر.. والمدخنات فى غرفة واحدة أما غير المدخنات ففى بقية الغرف منعا للمشاكل. وأخيرا وجدنا إعلاناً عن شركة للتسكين العقارى متخصصة فى بيع وشراء منازل بالإضافة الى تأجير بيوت للمغتربين سواء كانوا بناتا أو شبابا بمناطق مختلفة وبأسعار متفاوتة ، فإيجار سرير بمكرم عبيد على سبيل المثال ب 800 جنيه فى حين أن إيجار سرير بالحى العاشر ب 450 جنيها، وبطبيعة الحال لا يهمهم سوى الايجار وصورة من البطاقة الشخصية وبالطبع شهر مقدم يُدفع كتأمين سواء كانت طالبة، أو موظفة، أو مطلقة. قصص وتجارب الحديث مع الفتيات القاطنات في بيوت المغتربات يكشف عن جوانب أخرى عما يحدث داخل هذه البيوت .. حيث تقول هند (20 سنة) طالبة بكلية الهندسة جامعة عين شمس: كنت أسكن بالمدينة الجامعية ولكنى تركتها بسبب سوء معاملة المشرفات وسمعت من إحدى صديقاتى أن هناك دار مغتربات قريبة من الجامعة وأن السكن بها يعطى مزيدا من الحرية والحركة للبنت كما أن مناخ المذاكرة أفضل بعيدا عن زحام وتوتر المدينة الجامعية، وبالفعل وجدت أن السكن فى هذه البيوت هو اضطرار ويتيح للفتيات الحرية والاعتماد علي النفس مادام بمعرفة الأهل خاصة أن الأسرة تعرف المكان، أيضا هناك تأمين ومتابعة من المشرفات، لكن المشكلة الكبيرة هى أن الصدفة قد تجمعنى بزميلة مختلفة فى الطباع والسلوكيات وهنا تظهر التناقضات وتحدث الخلافات. أما أمنية محمد، طالبة جامعية جاءت من المنصورة لتدرس فى كلية دار العلوم بجامعة القاهرة، فتحكى تجربتها قائلة: جلست عند أقاربى فى البداية لكنى شعرت أن وجودى غير مرغوب فيه ومن ثم أقنعت أهلى بفكرة الإقامة ببيت المغتربات، خاصة أننى أدرس بالسنة الأخيرة بالجامعة وبالفعل سكنت بإحدى دور المغتربات، وهناك متابعة يومية من أهلى بالتليفون". وترى شروق أبو العلا، 19 سنة، طالبة بكلية الآداب قسم علوم الاتصال والإعلام جامعة حلوان، أن هذه الدور بمثابة بديل آمن للفتيات المغتربات وأن تجربة العيش مع فتيات في نفس السن مختلفة وشيقة وتتيح اعتماد الفتاة علي نفسها بنسبة كبيرة، وبيوت المغتربات يراها الكثيرون غير آمنة بالنسبة للبنت لكن السكن بها في الواقع يعد تجربة شيقة وتستحق المغامرة من أجل الحصول علي فرصة تعليم أو وظيفة مناسبة لأن مستقبل الفتاة هو أهم شىء بالنسبة لها ويستحق المخاطرة في سبيله بشرط أن تلتزم هذه البيوت بتحقيق الراحة والأمان والمناخ المناسب للمذاكرة ومنع المشاجرات والتشاحن بين الفتيات. ومن جانب آخر أبدت بعض الطالبات تحفظات على الإقامة ببيوت المغتربات، حيث تقول نهى أحمد، طالبة بكلية الحقوق جامعة القاهرة:، إنها لا تثق علي الإطلاق في سمعة هذه الأماكن ولا المشرفات عليها، فالإقامة مع المغتربات قد تنقل للبنت الكثير من الصفات والطباع السلبية خاصة أن البنات يتأثرن ببعضهن فى هذه المرحلة العمرية، ولذلك فإن بيوت المغتربات غير مضمونة بشكل كامل.. لكن الظروف والرغبة فى تحقيق الذات وعدم قدرة المدينة الجامعية على استيعاب الطالبات المغتربات هو الذى يدفعهن للإقامة بهذه البيوت، لكن هذه الظاهرة فى تناقص بفضل الجامعات الإقليمية والالتزام بالتوزيع الإقليمى للطلاب.