تبدو مصممة الشموع والكاتبة غادة كريم رغم سنوات عمرها القليلة وكأنها إمرأة عاشت ألف عام لديها تجلياتها الخاصة التى جعلتها إرتدت ثوب العاشق وفتاة الأحلام أبحرت طويلا فى أعماق المشاعر الإنسانية لتؤكد إن الحب ليس مجرد كلمة ساحرة فى جملة أو موضوعا لنزوة عابرة إنما هو قطرات الندى التى تنعش زهرة الإبداع والشرارة التى تشعل فتيل الدفء فى الروح وفى هذا الحوار نقترب أكثر من الكواليس التى عاشتها أثناء تأليفها لكتاب " علامات الحب السبعة " الذى حقق نجاحا أكبر من توقعاتها وطبع أكثر من خمس طبعات حتى الأن والذى تؤكد فيه أن أصدق وأعمق مشاعر الحب ليست بالضرورة أن تكون بين رجل وإمرأة إنما كل لحظة صادقة يعيشها الإنسان حتى لو مع نفسه هى الحب ذاته. أنت واحدة من أشهر مصممى الشموع فى مصر فلماذا إذن عندما إخترتى موضوعا للكتابة تحدثتى عن الحب ؟ أنا فعلا أعشق الشموع وبدأت تصميمها منذ عام 2004 تقريبا حتى أصبح لدى بريند خاص بى وهو " happy candle" وفى مرة أجرت معى الصحفية إيمان القصاص حوارا فى مجلة صباح الخير عن الشمع وبعد نشره عملت به مينشن لرئيس تحرير روزليوسف الأستاذ "عبد الجواد الكب" الذى بدأ يقرأ بوستاتى على الفيس بوك والتى كنت أتكلم فيها عن الحب والعلاقات الإنسانية فطلب منى أن أكتب مقال إسبوعى فى روزليوسف ورغم إنى كنت مترددة إلا أنى فوجئت أن أول مقال أكتبة حقق نجاحا غير عادى وآتى بأعلى نسبة قراءات على البوابة وبعد ذلك عرض على موقع "ريد سكوير " فكرة كتابة مقال إسبوعى جديد إسمه كلام حريم مع غادة كريم وكنت أوجه فيه كلامى بشكل خاص للمرأة وكل ما يتعلق بتفاصيل حياتها من حب وزواج وحمل وولادة وبعد نجاح تلك المقالات عرض على الأستاذ عبد الجواد أن أجمعها فى كتاب وكنت كتبت وقتها ما يقرب من مائة مقال تدور حول كا ما يتعلق بالمشاعر وبالفعل خرج كتاب "علامات الحب السبعة" ولكنى طبعا لم أكن أتوقع أنه يمكن أن يحقق كل هذا النجاح بل والأهم من النجاح عندى أن هناك ناس إستطاعت أن تغير شكل حياتها بالفعل بعد أن قرأت الكتاب. رغم كل الظروف الصعبة التى حولنا هل مازلنا قادرين على رفاهية الحب بل والقراءة عنه ! بالتأكيد فلا يوجد إنسان يستطيع أن يعيش أو يستمر دون حب وليس بالضرورة أن يكون الحب هنا هو الشكل الرومانسى للعلاقة بين الرجل والمرأة لذا أنا لم أتحدث فى الكتاب عن الرومانسية بشكلها المعتاد فقط وإنما تكلمت عن كل المشاعر الإنسانية تجتاح حياتنا بما فيها مشاعر المرض والفقد والموت وربما هذا ما جعله يلمس كل الناس فى كل الأعمار . يقولون أن الحب يتلاشى تماما بعد الزواج فهل تؤيدى تلك الفكرة ؟ الى حد ما ولكن بشكل عام المرأة هى الأكثر إحساسا بتلك الفكرة لإنها الأكثر تحملا لمسئولية البيت وتربية الأولاد بالعربى كده هى اللى "مفرومه " فى الحياة ومن ثم يصبح الإحساس بالحب أو الكلام عنه رفاهية ليست فى متناول مشاعرها وهذا بالفعل ما لمسته فى ردود الفعل التى جائتنى عن الكتاب فمرة سيدة إتصلت بى وقالت لى إنها تعانى من الإكتئاب منذ سنوات طويلة ولكنها لاتستطيع أن تعبر عن ما تشعر به لزوجها وعندما قرأت الكتاب أخذت جزء منه لزوجها وطلبت منه أن يقرأه وقالت له أن هذا ما تشعر به بالضبط ومن ثم إختلف شكل حياتهم وأصبح أكثر إهتماما بها ومرة أخرى قالت لى إحدى الفتيات إنها تمت خطبتها بجواز الصالونات ولكنها لم تلمس أى مشاعر تجاه خطيبها وهو كذلك وبعد أن إتفقوا على فسخ الخطوبة وخلعوا الدبل بالفعل قرأت الكتاب فوجدت أن هناك نقاط كثيرة مما قرأتها موجودة عندها وعنده فطلبت منه أن يقرأه وبعد ذلك رجعوا لبعض وتزوجوا أما أكثر ما أسعدنى كان من شاب فى ثانوى بدأ يدخن دون معرفه أهله وفى مرة ذهب ليشترى سجاير فوجد الكتاب ولم يكن معه ما يكفى لشراء السجاير والكتاب معافإشترى الكتاب وبعد ما قرأه قرر أن يتوقف نهائيا عن التدخين وكتب هذا فى بوست على الفيس بوك ونشر صورة الكتاب بجانب السجاير . الحب الحقيقى هو إلغاء لكل ما جاء قبله من البشر فهم لم يكونوا إلا تمهيدا مبهج أو قاسى لما يحدث الأن .. معنى هذا أن الحب الحقيقى هو ما نعيشه فى الحاضر فقط ؟ نعم فكل إنسان عندما يدخل فى علاقة فإنه ينسى تماما ما كان قبلها وخاصة المرأة فهى تكتشف فى كل علاقة حب أو صداقة أو ونس جزءا من نفسها حتى تصل الى النضج الحقيقى مع الحب الذى تستطيع أن تكمل به حياتها وتلغى كل ما كان قبل ذلك حتى من خانة الذكريات . إذن فالحب الحقيقى يحتاج الى تجارب كثيرة حتى نصل الى مرحلة نضج المشاعر؟ نعم فكلنا مررنا بعلاقات نستجدى بها الونس والإهتمام والنية الطيبة والفضفضة وهذا كله ليس حبا ولكنها علاقات شبه الحب لإن الإنسان لايشعر بقيمته الحقيقية ومعنى حياته إلا عندما يكون فى حالة حب ولكن الحب الحقيقى بالفعل هو الذى يستمر ويبقى رغم المشاكل والظروف وصعوبات الحياة وهو الذى لايرجى منه شىء سوى أن يكون الأخر بخير حيث يخلو من المصلحة الأهداف المختبئة تحت إسمه وما دون ذلك هى تعريفات كاذبة يخيل لمن يعيشها إنها الحب ولكننا كلنا نقع فريسة لتلك المشاعر وهذا الحب الذى نستجدى به الأمان ونبحث فيه عن كلمة " إشتقت إليك " ربما تزداد نبضات القلب وتبث فيها الحياة من جديد . متى يبقى الحب متوهجا ؟ عندما نستطيع أن نمتلك قدرا بسيطا من الأنانية فلو لم يستطيع الإنسان أن يحب نفسه أولا وقبل أى شىء بالقدر الذى تستحقه فلن يحبه أحد أو يعطيه حقه كما ينبغى وهذا الكلام موجه للمرأة اكثر من الرجل لأن الرجل بطبعه أنانى أما المرأة التى تبلور حياتها حول رجل فمع الوقت ستذوب فيه الى أن تتلاشى تماما وإذا ربطت سعادتها بوجوده فستجد نفسها تستجدى هذا الوجود ولن تجده ومن ثم تدخل فى نوبات إكتئاب تجعله يصفها بالجملة الشهيرة " ست نكدية " وتضيع حياتها هباءا . الرجل أكثر نكدا من المرأة بكثير .. فهل توافقينى الرأى ؟ جدا ولكن الرجل لاينكد على نفسه فهو أستاذ فى النكد على من حوله ويستثسنى نفسه من هذا النكد . يقال أن قصة الحب التى تنتهى بالفراق تبقى دائما أكثر توهجا وحياة فى الذاكرة ! هذا حقيقى فعلا فالعلاقات التى لاتكتمل تبقى أكثر وهجا ولكنه وهج كاذب لإننا نرى فيها الفكرة من بعيد دون أن تلمس أرض الواقع أما لو كانت إكتملت لكنا إكتشفنا عيوب الأخر وإختلاف طباعنا عن طباعه وربما كنا كرهنا الواقع والظروف التى جمعتنا به لذا فعلينا دائما أن نتصالح مع أنفسنا وندرك أن الله لايأتى بشيئا عبثا فالفراق والوحدة والموت والإكتئاب والقلق والخوف كلها تجارب مررنا به لتنقى الروح وتمنحنا اليقين بأن الله سيمن علينا بالأفضل يعنى مثلا لو كل واحد فينا راجع حياته من سنوات طويلة مضت سيجد أن هناك أشياء كان يتمنى تحقيقها وربما عاش أحزان عنيفة بسببها ولكنه إكتشف مع الوقت والنضج إن عدم تحقيقها كان الخير بعينه . ومتى يصبح الخلاص من علاقة حب أو زواج ضرورة ؟ عندما نجد أن هذا الحب أو الزواج ضرره أكبر كثيرا من نفعه عندما يقهرنا ويطفينا ويستنزف مشاعرنا ويهدر طاقتنا وغالبا المرأة هى من تعانى من كل هذا لذا فلابد أن تأخذ القرار بإنهاء تلك العلاقة فورا وآلا تستسلم لفكرة الإستمرار من أجل الأولاد لإنها لو كانت أم حزينة ومقهورة فطبيعى أنها ستخرج أطفال معقدين نفسيا . هل ترين أن الصداقة نوع من أنواع الحب ؟ نعم وتحديدا بين الرجل والمرأة فأنا عن نفسى أراها حب على نار هادية لإننا فى النهاية بشر نضعف أمام الكلمة الطيبة والمساندة . متى ينتهى الحب ؟ بالقسوة فحنان الإنسان لايصمد أمام الصدمات وبالتالى يتلاشى ويذوب ويجد نفسه لايدرك من أين آتى بتلك القسوة على حبيب كان يملك جزيئات قلبه ولا ماذا كسرت فيه الصدمه فنحن فى النهاية بشر نضعف ونخطىء ونعاند ونكابر ونحمل الكثير بداخل قلوبنا للأخرين ومن الأخرين ولكنى يستوقفنى قدرات البشر المختلفة على التساح وهل هذا التسامح ضعف وإهدار للكرامة أم أنه منتهى القوة أن نعفو وننسى ونمنح فرصة ثانية . وأخيرا هل يمكن أن تتوقف قدرة الإنسان على الحب بمرور الزمن وصدمات الحياة؟ إذا توقفت قدرة الإنسان على الحب فإنه يتحول من إنسان الى أى شىء أخر أبعد ما يكون عن الإنسانية ولكن كل ما يحدث أنه قد يمر بموقف يعطل فيه قدراته على ممارسة طقوس الحب ولكن هذا العطل فى الغالب يكون عطلا مؤقتا الى أن يحدث زلزال يبث فيه قدرته على الحب من جديد ويعيد الحياة الى شرايين قلبه وهذا ليس له علاقة لابزمن ولا عمر ولا ظروف حياة .