إذا أردت السيطرة على الناس أخبرهم انهم معرضون للخطر وحذرهم من أن أمنهم تحت التهديد، ثم شكك في وطنية من يعارضك. هتلر تخيلوا معي ، ماذا لو حدث هذا السيناريو؟؟ بعد قيام ثورة يوليو التزم الثوار بوعودهم بالتأكيد على مدنية الدولة، ولأن مجلس الوصاية على العرش برئاسة الأمير محمد عبد المنعم أعلن تأييده الكامل للثورة، فقد أصبح بمثابة أبا لها وبدأ خطوات تنفيذ مطالب الثورة. الأمير عبد المنعم أعلن وبشكل واضح أن مجلس الوصاية على العرش منحاز تماما إلى صف الثوار ولمطالبهم المشروعة، ولذلك فقد أعلن عن تشكيل لجنة لتعديل الدستور وذلك لتقليص صلاحيات الملك المقبل، البعض طالب بتحول مصر لدولة جمهورية، وقد أعلن الأمير عبد المنعم عدم معارضته للطرح طالما يرى فيه نزولا على إرادة الشعب، ولكن حتى يتم هذا الاقتراح يجب أن يكون هناك برلمان منتخب قادر على صياغة دستور معبر عن إرادة الشعب. الأمير عبد المنعم أصدر تصريحات أكد فيها دعمه لحكومة علي ماهر باشا والذي اختاره الثوار، ولأن الثوار من حقهم أن يمارسوا السياسة في النظام الجديد، فقد طلب منهم التخلي عن مواقعهم العسكرية وإرتداء الملابس المدنية وذلك تأكيدا منهم على احترام مدنية الدولة، وقد وافق الثوار على ذلك وتقدم مجلس قيادة الثورة باستقالة جماعية إلى معالي وزير الحربية وأعلنوا تشكيل حزبا تحت اسم " الأحرار". ويلاحظ في تلك الفترة صعود التيارات الاسلامية والإخوان المسلمين، والذين انتهزوا الفرصة ليعلنوا عن وجودهم بعد اضطهاد الملك المخلوع لهم، وقد خرجوا في مسيرات مليونية بصحبة السلفيين ليأكدوا إنحيازهم للثورة ورفضهم لإجراء تعديلات دستورية في الهيكل الرئيسي للدولة وذلك قبل وجود برلمان منتخب يستطيع تمثيل إرادة الأمة. ولسوء الحظ فقد اختلفت القوى الدينية مع حزب "الأحرار"، فالأحرار مصرون على أن الجمهورية هي المطلب الحقيقي للثورة ويمكن إجراء استفتاء على إعلانها، بينما رفضها رفضا باتا الإخوان المدعومون من مجلس الوصاية على العرش!! ثم وفجأة ظهرت تأكيدات من قائمقام رشاد مهنى عضو مجلس الوصاية على العرش تقول أن بعضا من المنتمين لحزب "الأحرار" يتلقون تمويلا خارجيا من دول أجنبيه تريد التدخل في الشأن المصري، رشاد مهنى أكد أن أغلب من قاموا بالثورة هم من الضباط الشرفاء، ولكن يجب التصدي بحسم للعملاء وتحويلهم للمحكمة العسكرية. ولأن الأمير محمد عبد المنعم رجل غيور على بلده، فقد أمر بتحويل الملك السابق للمحاكمة غيابيا كما أكد أنه سيحرص على إعادته لمصر لمحاكمته فيها وقد أصدر توجيهات سامية بأن تكون المحاكمة علنية لتشهد مصر لأول مرة في تاريخها محاكمة ملك سابق على يد شعبه، وبعد أولى جلسات المحاكمة قال الأمير عبد المنعم أن مجلس الوصاية نفذ مطالب الثوار وأن عليهم أن يثقوا فيه ويتركوا الشوارع والميادين حرصا منهم على استقرار البلد واستئناف عجلة الإنتاج وحتى لا تتفاقم الخسائر الاقتصادية. ورغم نيات الأمير الطيبة إلا أن المواجهات بين قوى الاسلام السياسي والقوى الآخرى تصاعدت، حتى أن البعض خرج في مظاهرات ليؤيد بقاء الملكية لأنها النظام الأقرب للخلافة الإسلامية ولا تراجع عنها، وقد شهدت عدة مناطق اشتباكات بين القوى المختلفة، وحدث هرج ومرج كما حدثت بعض الاشتباكات الطائفية، ولأن الوطن أصبح على حافة الإنهيار، كان لابد أن يتخذ رجاله موقفا حاسما، ولذلك فقد أعلن مجلس الوصاية على العرش تنصيب الأمير محمد عبد المنعم ملكا على مصر لمرحلة إنتقالية حتى تهدأ الأوضاع، وقد أتبع ذلك قرارا بتعطيل الحياة البرلمانية لفترة إنتقالية حتى تهدأ البلاد وتتجاوز تلك الفترة العصيبة وهو ما تحقق على يد جلالته وذلك بعد أن حاكم الخونة والعملاء من حزب " الأحرار" ثم تفرغ للقضاء على قوى الاسلام السياسي التي تاجرت في الدين، وحرصا منه على استقرار البلاد أصدر عفوا عن الملك السابق فاروق وقد قال في عفوه أنه يغفر له انتمائه لأسرة محمد علي والتي قدمت العديد من الخدمات لتاريخ مصر. واليوم نحن ننعم بالرخاء في عهد الملك عبد المنعم محمد عبد المنعم. الثورة تسرق!! شريف بديع النور أقرأ أيضا : حتى تكتمل الثورة، سيناريو لثورة تسرق!! ولو كان نبيا مرسلا !