الدور الثاني بدار القضاء العالي بشارع 26 يوليو أصبح قبلة لمئات المصريين الذين يتوافدون عليه يوميا من كل أنحاء مصر يأتون لهذا المكان وهم يحملون هموما وقضايا وأوجاعا حملوها بداخلهم طوال السنوات الماضية لم يكن يستطيعون البوح بما داخلهم أو الشكوي لأحد حتي لا يتم التنكيل بهم . لكن أخيرا جاءت لهم الفرصة وظهر الرجل الذي يقولون عنده مظلمتهم في هذا المكان حيث يوجد مكتب النائب العام الدكتور عبد المجيد محمود . لمدة ساعتين وقفنا هناك نرصد ما يدور .. من هم هؤلاء الأشخاص وماذا يريدون وما هي مشاكلهم وهل يلتقون فعلا النائب العام ؟! أو بمعني أدق ما هي المنظومة التي يسير علي أساسها خاصة في ظل الكم الكبير من الاتهامات والقضايا المرفوعة ضد عدد كبير من أفراد النظام السابق وممن كانوا منتفعين منه ولهذا أصبح مكتب النائب العام هو الأشهر في مصر خلال هذه الأيام بالتأكيد مع سجن طرة الذي يضم كبار رجال الدولة السابقين . لم يكن أصحاب الشكاوي فقط هم الذين يريدون الصعود لمكتب النائب العام فوجدنا ونحن في طريقنا إليه عددا من الأشخاص المعترضين علي اتهام شخصيات بعينها في موقعة الجمل ويطالبون بالإفراج عنهم لأنهم لم يفعلوا شيئا , وعلي الجهة الأخري كان هناك عدد من أهالي الشهداء الذين راحوا ضحية موقعة الجمل يطالبون بتوقيع أشد العقوبات والقبض علي كل من له صلة بهذه الواقعة سواء كان كبيرا أو صغيرا وتحول مكتب النائب العام من ديوان للمظالم إلي مكان لإبداء الرأي في محاولة من المؤيدين لأفراد النظام السابق التأثير علي العدالة وسير التحقيقات . وعندما اقتربت من مكتب النائب وجدت الشيخ حافظ سلامة قائد المقاومة الشعبية بالسويس واقفا هناك وكان يحمل في يده ملفات عديدة ويطالب بفتح باب التحقيق في عدد من القضايا منها قضية كاميليا شحاتة وتورط أشخاص مازالوا طلقاء حتي الآن في مقتل المتظاهرين بالسويس أثناء الثورة , وأنه يملك الدلائل التي تؤكد صحة كلامه أيضا شاهدنا عددا كبيرا من الفلاحين والبسطاء يطالبون برد أراضيهم التي أخذت منهم بالقوة أو بوضع اليد من قبل رجال أعمال أو من مسئولين في النظام السابق وجدنا ايضا موظفين يحملون هموم سنوات مرت وظلم وتعسف تعرضوا له من رؤسائهم الذين كانوا يحظون بدعم من النظام السابق وهم الآن يبحثون عن العودة لوظائفهم مرة أخري بعد أن فقدوها ظلما . أيضا الشكاوي لم تتوقف عند حد الشكاوي الخاصة بل كانت هناك شكاوي من موظفين بسطاء في شركات وقطاعات يحملون مستندات تؤكد وجود مخالفات مالية وسرقة تورط فيها مسئولو ورؤساء هذه الشركات وهم جاءوا الآن للحفاظ علي ممتلكات البلد . محمد حسين موظف بإحدي الهيئات الحكومية قال : إنه تعرض لظلم كبير في عمله ولم يتم ترقيته وإنه تعرض لتعسف حرمه من حقه وهو الآن يبحث عن حقه بعد الثورة التي ستقضي علي الظلم والفساد . عبد الله أحمد مزارع جاء من محافظة أسيوط ليبحث عن حقه الذي ضاع منه منذ سنوات من خلال تقديم شكوي ضد رئيس إحدي شركات استصلاح الأراضي يتهمه فيها بالاستيلاء علي أرضه الكائنة بطريق مصر أسيوط الغربي بوضع اليد وكان معه بعض المزارعين الذين يعانون نفس المشكلة وتضرروا من نفس الشخص . تركنا المكان ونحن نفكر في الوجوه التي تقف أمام مكتب النائب العام وتحمل في يدها أوراقا وحكايات تصلح لأن تقدم كأفلام وروايات يتحدث عنها الجميع وترويها الأجيال لتكون شاهدة علي ظلم نظام أهان شعبه لسنوات عديدة .