احتل عدد كبير من أهالي منشية ناصر والدويقة المساحات الخضراء أمام قصر عابدين وتحديدا في الجهة المقابلة لمحافظة القاهرة فيما يشبه بالاعتصام الصامت والمفتوح ، وهو نوع من الضغط علي المحافظ لحل أزمتهم من أجل إيجاد مسكن خاص بكل أسرة بعد أن تم طردهم من أماكنهم . تصوير: محمود شعبان ومن بين ما يقرب من 800 شخص ينصبون الخيام المصنوعة من مجموعة من البطاطين المتشابكة ، قالت لنا صباح عبد العزيز 36 سنة : نحن لا يوجد أمامنا أي حل آخر سوي أن نقيم هنا أمام المحافظة, ونحن وجودنا هنا ليس من أجل اعتصام أو التظاهر ولكنه أصبح المكان الآمن الوحيد الذي يمكن أن نبقي فيه وسط كل ما يحدث من شغب في كل مكان ,وحتى نكون أمام المحافظ ليل نهار ربما يحن ويرق قلبه علينا وينظر بجدية إلي أوضاعنا, وكل ما نطلبه من المحافظ حجرة وحمام لا أكثر .. أربعة جدران تحميني أنا وأمي وأخواتي البنات من أن نتعرض لنظرات الناس خاصة وأن والدي متوفي وليس معنا رجل يحمينا ، وسنظل نقيم أمام المحافظة حتى نجد حلاً لمشكلتنا , وأنا لا يوجد لي أي مكان أو مصدر رزق وأصرف علي أمي وأخواتي البنات وأخدم في البيوت عشان أعرف أصرف عليهم ورغم أننا كبار في السن إلا أننا لم نتزوج وإحنا مش طالبين عريس ولا عربية إحنا عايزين " أوضة" نقعد فيها, فنحن لسنا بلطجية, ولم نقم بأي أعمال شغب أو هتافات ولكن كل ما فعلناه هو أننا أحضرنا البطاطين وأدواتنا وملابسنا واتخذنا من الحديقة التي أمام المحافظة لأنه مكان أمن نسكن فيه إلي أن يتم حل مشكلتنا ولكن للأسف لم نجد أحد يسأل فينا ويبدو أن المحافظ والحكومة لا تتحرك إلا بتظاهر وهتافات. أما جمال فوزي 47 سنة يقول ذهبنا إلي مجلس الوزراء وطلبنا مقابلة أحد المسئولين في المحافظة ليبحث مشكلتنا ولكنه قام بتوزيع بعض الأوراق الخاصة بطلب مسكن وطلب منا أن نكتب فيها العناوين الخاصة بنا ولكن العناوين المسجلة في البطاقة تركناها منذ سنوات لأننا لم نستطيع أن نسدد ثمن الإيجار الذي يرتفع كل فترة وقمنا ببيع العفش كله وبدأنا نلجأ لتأجير الحجرات في منطقة منشية ناصر وأيضا تم طردنا منها بعد الثورة,هل يمكن أن ننام في الشوارع 3 شهور متواصلة ورغم أننا ذهبنا إلي خيم مدينة السلام ولكن بعض المسئولين من الحي قالوا لنا ليس لكم الحق في المطالبة وان الشقق الموجودة لن توزع إلا علي من يكون عنوان بطاقته من هذه المنطقة فماذا نفعل؟ وحتى الآن لا نعرف أين نعيش وكل يومين في مكان وأصحاب الغرف اللي كنا نستأجرها طردونا لأننا نسكن بدون عقود, وبسؤاله عن مورد رزقه قال: أذهب كل يوم في منطقة الأزهر وأعمل حمالاً عشان أعرف أجيب فلوس أصرفها علي العيال. أطفالنا تمرض وتموت ولانعرف كيف نوفر لهم مكان أو طعام وليس العلاج! هذا ما يصرخ به محمد أمين قائلا إحنا تبهدلين وأولادنا معانا تنام علي الأرض الرطبة طيب ها نعمل إيه؟ ومن المسئول عن حالتنا ولا أحد يسأل فينا علي الإطلاق وكأننا مجرد كلاب في الشارع ده حتى الحيوانات لها جميعيات ترعاها!! ورغم وجودنا أمام البوابة الرئيسية للمحافظة إلا أن المحافظ كل يوم رايح جاي ومتجاهلنا تماما ولا يوجد أي حد يسأل فينا أو علينا علي الإطلاق وإحنا مش عايزين غير أوضة وإحنا راضيين بها بس تيجي!, وعن أدواتهم قالت زوجته: لا يوجد معي غير " حلة " واحدة , و"وابور" جاز اطبخ عليه وبطانية وملاية وشوية الملابس أما "عفش" البيت فقمنا ببيعه عشان أجرة الأوضة اللي كنا ساكنين فيها وما عندناش حاجة تانية نبيعها عشان نعيش بين أربع جدران! وعندما ذهب مجموعة منا إلي المحافظة لمقابلة أحد المسئولين قال لنا الموظف أن المحافظة ستخصص لهم أماكن ولكن ليس للجميع مما أوجد الغيرة بين الناس, ويبدو أنها كانت مجرد مسكنات. وتقول فتحية حسن : أنا سيدة كبيرة فى السن .. هل يرضي أحد من المسئولين أن تعيش أمه في الشارع, هل لأننا ليست لدينا أي واسطة يكون الرصيف أحن علينا من البني آدم !