مجرد تتبع بسيط لرموز السلطة من الحاشية أو كما يقولون ' شلة ' الرئيس السابق حسني مبارك يقودنا للوصول للتحولات التي حدثت حول كيفية إدارته لأمور البلاد وحول طبيعة هذه التحولات التي حدثت في بطانة الرئيس ومجموعته وتأثيرها علي إدارة الحكم التقينا الدكتور وحيد عبد المجيد الخبير والكاتب السياسي ونائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية في الحوار التالي .. كيف كان شكل المجموعة المحيطة بالرئيس في بداية حكمه؟ كانت حقبة الثمانينات امتدادا للعصر الجديد الذي دخلته مصر مع ثورة يوليو حيث استمر الاعتماد علي ضباط الجيش والتكنوقراط في نخبة الرئيس ولهذا فإن المجموعة التي أحاطت بمبارك في هذه الفترة كانت أصلا من هذه الفئة ولذلك تجد من كان حوله من بقايا عصر عبد الناصر والسادات مثل عصمت عبد المجيد وبطرس بطرس غالي والنبوي إسماعيل وغيرهم وكانت تظهر حوله من حين لآخر شخصيات لإدارة العمل العام ولهذا شكلت مجموعة الرئيس في هذه الحقبة ما يمكن أن يسمي ببيروقراطية الحكم وقد استمر هذا الوضع حتي النصف الأول من التسعينيات . ومتي بدأ التحول تحديدا في المجموعة المحيطة بمبارك؟ التحول بدأ في النصف الثاني من حقبة التسعينيات حيث بدأ يلتف حول مبارك مجموعة من المليارديرات من أصحاب المال وبدأوا يدخلون السلطة عبر البرلمان كأصدقاء مقربين وعناصر في شلة الرئيس ودخلوا من هذه البوابة إلي الوزارة وهذه الشلة كان هدفها الحصول علي حماية النظام لنشاطها الاقتصادي بحيث يجدون فرصة أكبر للكسب وهناك نوع صنعهم النظام وأصبحوا من أدواته حيث أفرط في منحهم إقطاعيات واسعة من أراضي مصر مثلما فعل محمد علي في القرن التاسع عشر كما أنهم استفادوا في مجالات أخري ومن هذه الشلة مثلا أبو العينين وابراهيم كامل وغيرهم . في تقديرك لماذا تم هذا التحول الكبير بهذا الشكل في هذه الفترة؟ التحول يعود بنسبة كبيرة لبروز شخصية جمال مبارك لأنه عاد من لندن في هذه الفترة حاملا لهذا الفكر وهو الذي نقل هذا الفكر للرئيس وأثر عليه .. ومن هنا تغيرت أدوات الحكم وتغيرت طبيعة الشلة ونجومها ولذلك ظهر ما يسمي بزواج السلطة برأس المال وكان المأذون في هذا الزواج بل و ' العراب ' هو السيد جمال مبارك ومن خلال هذا الاندماج بين أصحاب الثروة وبين السلطة تمت أكبر عملية نهب في تاريخ مصر ولهذا تخضع شلة الرئيس الآن للمحاكمة . أيضا هناك سبب آخر وهو أن مبارك كان علي يقين من أن مستقبل مصر كله سيكون في يد القطاع الخاص وعندما عاد مبارك الابن ساهم في تعميق هذا الفكر في ذهن الأب وفي ذهن السلطة ومن هنا التف حول مبارك من عندهم القدرة علي السير في هذا الاتجاه أما من لم يستطع التكيف فقد غادروا القطار . هناك شخصيات كثيرة بدأت مع مبارك منذ عام 1982 يعني علي سبيل المثال صفوت الشريف وكمال الجنزوري وأسامة الباز .. الأول استمر والآخران اختفيا فما السبب؟ هناك أشخاص قادرون علي البقاء مع أي نظام وعندهم قدرة علي التكيف والاستجابة لأي تغيرات لأن عندهم ما يسمي ب ' حس السلطة ' وبالتالي لا يصطدمون لأن تركيبة الشلة كانت كلها صراعات وكان كل من فيها يسعي لتحقيق نفوذ وتوسع علي حساب الآخرين من الداخل ومن كان يصطدم بمن هو أقوي منه كان يخرج من القطار وهذا يفسر اختفاء بعض الأشخاص واستمرار آخرين يعني أبرز من استمروا في النخبة الحاكمة كان علي رأسهم صفوت وفاروق حسني وكمال الشاذلي لأن هؤلاء أتقنوا قواعد اللعبة بمعني أنهم توسعوا في نفوذهم بدون أن يصطدموا بأحد . في فترة ما بعد 2000 وسطوع لجنة السياسات وبروز أحمد عز ضمن أبرز عناصر الشلة .. لماذ زاد نفوذ رجال الاعمال حول مبارك بهذا الشكل؟ هؤلاء كانوا جزءا من الفكر الذي طغي علي السلطة وطبيعي أن ينمو وجودهم بهذا الشكل أيضا الحزب الوطني لم يكن مجرد حزب وإنما كان تجمع مصالح وبالتالي من يدخله تشغله مصلحته وهذا التجمع التف حول مبارك وعمل هذه الدوامة وفي السنوات العشر الأخيرة أصبحت المصلحة هي شعار هذا التجمع وأصبحت الشلة هي شلة مصالح بحيث أصبح من رموزها أحمد عز وأمثاله كما أن الحزب كان جزءا من السلطة وبالتالي عندما تغيرت السلطة تغيرت تركيبة الحزب لتتغير في النهاية تركيبة النخبة أو المجموعة المحيطة بالرئيس والتي أدارها جمال مبارك الذي أقول انه كان ' عراب ' العلاقة بين السلطة والثروة . ماذا عن حسين سالم كأحد أبرز أصدقاء الرئيس؟ علاقة مبارك بحسين سالم مرتبطة بعلاقته بشرم الشيخ .. حيث كان حسين سالم وكيل مبارك ومجموعته في نهب شرم الشيخ أضف إلي ذلك دوره في صفقة الغاز مع إسرائيل .. وللأسف كلهم تعاملوا مع مصر كما لو أنها كانت أرضا بلا شعب .