" ما حدث شيء عظيم نتج عن تراكمات 60 سنة ، ولا يجوز أن نتحدث عن الثلاثين سنة الخاصة بحكم مبارك فقط لان الفترة الأولي والثانية من حكمه لم تكن تبشر بما حدث في الفترة الأخيرة .. لكن منذ عام 1996 انتشر الفساد وكان الشعب كله يعلم بقضية التوريث حتى جاء يوم 25 يناير لتخرج الناس عن صمتها " .. تصوير : أميرة عبد المنعم هكذا بدأ الفنان الكبير محمد صبحى حواره معنا ، والبقية فى السطور التالية . هل تعتقد أن الشعب المصري بعد يوم 25 يناير تغير بالفعل ؟ لا احد يستطيع أن يجزم بذلك مستندا علي سلوك المواطنين ما بعد الثورة من تنظيف المكان والتعاون بين الجميع لان هذه السلوكيات موجودة بالفعل في صميم المواطن المصري ولكن كانت تظهر وقت الأزمات والغريب أنه بعد الثورة مصر انقسمت نصفين الأول يمشي بأجنحة الملائكة والنصف الآخر هو من الفاسدين الحرامية وبعد أن استطعنا كسر حاجز الخوف والتوريث والفساد عجزنا عن كسر حاجز الأدب وأصبح أي حد يعترض علي سلوك مرفوض يتهم بأنه عميل وخائن وجزء من النظام السابق .. فمن باب أولي أن تجمع الثورة فلول هذا النظام السابق وتعدمهم كي نستريح لأنه لا يعقل أن يسقط الشعب ديكتاتورا لتنصيب مجموعة من أصحاب الصوت العالي الديكتاتوري لذلك أوجه نداء للشباب احذروا ستسرق ثورتكم عن طريق أصابع من الداخل والخارج . هل معني ذلك أنك تؤمن بمفهوم الثورة المضادة؟ لا استطيع أن احدد ذلك فمعروف أن الشباب خرجوا للمطالبة بمطالب شرعية ساندهم باقي فئات الشعب فيها ولكن قد يكون هناك من يختبئ وراء الشجرة لأنه يريد أن يشاهد المزيد من مشاهد الفوضي الخلاقة فمثلا إسرائيل الذراع اليمني لأمريكا أكيد ترفض إقامة نظام ديمقراطي في مصر أو اقتصاد قوي أو نظام تعليمي يفرز عباقرة وعلماء والدليل ما صرح به وزير الخارجية السابق علي وسائل الإعلام عند الاحتفال ببلوغه سن المعاش بأنه عمل لمدة ثلاث سنوات ونصف كانت مكرسة لمصر والسودان واستطاع تفتيت البنية الإنسانية في مصر وانفق لذلك مليار دولار وقال لقد أجهزنا علي 90% من السودان واقترب موعد انفصال الجنوب وبالرغم من هذا التصريح المسجل والمنتشر علي كل مواقع الانترنت طلع العباقرة المصريون يطالبون بالابتعاد عن نظرية المؤامرة مما جعل الشعب يغيب عن تأمر بعض الدول الأوروبية ضدنا إلي جانب قتل انتمائنا لمصر إلا في مباريات كرة القدم والتي كان يشجعها آل مبارك لكن نحمد الله أننا رجعنا إلي الطريق الصحيح ولكننا علي وشك ضلالة قريبا . كلامك به نبرة تشاؤم عالية؟ هو قلق مفزع لان ما يحدث في مصر الآن لم نعاصره من قبل فأصبحت كل مجموعة تريد إسقاط مديرها بمظاهرة مليونية وأنا حذرت من بداية الثورة من المنافقين الذين طبلوا للنظام السابق والذين سيحرصون علي التطبيل للثورة أيضا ولكن لا يعقل هدم مؤسسات الدولة بأكملها لان هذا اتجاه تصاعدي لهدم الوطن وتصبح مصر بلا دولة في الوقت الذي كان فيه من مطالب الثورة أن تصبح مصر دولة مؤسسات . وما درجة تفاؤلك تجاه وزارة د . عصام شرف ؟ الملحوظ أننا كل ما نتقدم خطوة نرجع عشر خطوات للخلف فهذه الوزارة الجديدة عطلتنا كثيرا لأنه من المفترض أنه عند مجيء وزير جديد يستغرق ذلك سنة حتي يفهم الدنيا من حوله فما بالك الوزارة القادمة في ظل كل ما تمر به مصر من قلق وفي ظل كل هذا يطلع علينا واحد كنا فاكرين انه مثقف يقول الدستور يتعمل في يومين . وهل لديك رؤية كي نخرج من هذا الوضع غير المستقر؟ كنت متوقعا أن يبدأ الجيش بالفعل في اتخاذ قرارات أكثر حزما وشدة وذلك للحد من الانفلات الامني لذلك علي القوات المسلحة إعلان الأحكام العرفية والعسكرية التي ليس لها علاقة بالقوانين المدنية فمن يخرب أو يروع المدنيين فيصدر عليه حكم بالإعدام الفوري دون محاكمة لأننا بمثابة من في حالة حرب ، من يتآمر أو يخون مصر يعدم فورا . إذا ترك لك المجال في وضع الدستور المصري فأي بند ستركز عليه؟ عند متابعتي للتعديلات الدستورية لاحظت مؤشرا مخيفا لأنهم تكلموا علي كل شيء لضمانة الحقوق السياسية لكنهم لم يلتفتوا للثقافة أو الفن بالرغم من أننا من 30 سنة بنحارب من اجل قانون الحرية الفكرية وقانون حق الأداء العلني والذي يضمن للفنان حياة كريمة بعد اعتزاله الفن وذلك من عائد ما قدمه طوال حياته وهذا مطبق في كل مكان في العالم علي عكس ما هو هنا في مصر .. الاحتكار يكون للمنتج و ورثته فقط ولا يوجد اي نسبة للفنانين وأيضا لابد من الالتفات إلي الإعلام المصري حتي يرجع إلي سابق عهده وان يحتل الريادة مرة أخري ومن يقل إن الإعلام الحكومي الوطني تغير مخطئ لأنها نفس التركيبة العقيمة فبدل ما كانوا بيخافوا الاقتراب من الحزب الوطني أصبحوا يخافون الاقتراب من الثورة والمصادرة علي اي حد يكون رأيه مخالفا لها مع أن المفروض أن يكون الاعلامي محايدا ويستوعب كل الآراء لان الثورة فعلا عظيمة ولكن هناك بعض السلبيات التي يجب التطرق إليها لأننا فعلا في حاجة إلي ثورة أخلاق . لمن ستعطي صوتك في انتخابات الرئاسة؟ قبل انتخابات الرئاسة نتمني ألا يعامل الشعب المصري كله علي انه من متظاهري ميدان التحرير فمثلا دكتور عصام شرف رجل محترم ولكنه بدأ حياته الوزارية بشكل خاطئ عندما أعلن انه اخذ شرعيته من ميدان التحرير الذي لا يزيد عن مليونين من اجمالي 85 مليونا ولذلك أؤكد أن مصر خسرت شخصا اسمه احمد شفيق وسنكتشف هذا تاريخيا وهذا لا ينقص من قدر الدكتور عصام شرف وعلي فكرة أنا لا اعرف احمد شفيق ولا عمري قابلته ولم يكن صديقا لي إطلاقا ولكن ما اعرفه أن هذا الرجل شريف واننا لم نستطع الاستفادة منه بحجة شبح مبارك الذي أصبح مسيطرا علي كل تفكيرنا ، والخوف أننا بعد اختيار رئيس للجمهورية تطلع مظاهرات لتغير مقر رئاسة الجمهورية لأنه المبني اللي كان قاعد فيه مبارك . ما خطة محمد صبحي الفنية في الأيام القادمة؟ استئناف بروفات مسرحية ' خيبتنا ' التي استغرقت كتابتها أكثر من 8 سنوات ولكني استكملتها بعد أحداث الثورة بالرغم من أني كنت متوقعا العديد من الأحداث التي حدثت بالفعل بعد 25 يناير والدليل مسلسل ونيس وأيامه الذي عرض بعد أحداث الثورة وكثير من الجمهور كانوا يعتقدون أنني صورته بعد أحداث الثورة لما فيه من تنبؤات ورصد للفساد المتفشي في مصر وبسبب هذه المشاهد عانيت مع الرقابة الأمرين حتي لا يتم حذف أي جزء من المسلسل .