أصدر مجلس الوزراء ليلة أمس قرار تاريخيا باعتبار جماعة الإخوان جماعة إرهابية تنطبق عيها جميع نصوص المواد الخاصة بالإرهاب بقانون العقوبات وبأن تتخذ السلطة ضدها جميع الإجراءات القانونية والتنفيذية الخاصة بمكافحة نشاط الأرهاب .. أحدث هذا القرار تأثيرا كبير فى الرأى العام الذى بات ينتظر نهاية لهذا الصراع المؤسف بين جماعة موصومة بالإرهاب منذ أن خرجت منها كافة الجماعات التكفيرية والجهادية المتطرفة وبين الدولة التى تسعى لفرض الأمن عقب ثورة 30 يونيو .. ورغم وضوح القرار إلا أن هناك عدة تساؤلات تطرح نفسها منها مثلا: كيف يتم تطبيق القرار على مئات الآلاف من المنضمين للجماعة؟ وهل يعد هذا القرار البداية الحقيقية لأفول شمس هذه الجماعة التى صمدت بتنظيماها السرية والمعلنة طوال أكثر من 80 عاما ؟ المشهد الأول : مجلس الوزراء يحدد بنود تطبيق القرار على الجماعة وأعضاءها البداية بالنسبة لنا من قرار مجلس الوزراء الذى حد بشكل تفصيلي مضمون وصف الإخوان بأنها جماعة إرهابية .. في هذا الشأن أكد مجلس الوزراء أنه لا عودة إلى الماضي تحت أي ظرف، وأنه لا يمكن لمصر الدولة ولا لمصر الشعب أن ترضخ لإرهاب جماعة الإخوان المسلمين، حتى إن فاقت جرائمها كل الحدود الأخلاقية والدينية والإنسانية. لكل ذلك قرر مجلس الوزراء إعلان جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية وتنظيمها تنظيما إرهابيا في مفهوم نص المادة 86 من قانون العقوبات بكل ما يترتب على ذلك من آثار أهمها: 1- توقيع العقوبات المقررة قانونا لجريمة الإرهاب على كل من يشترك في نشاط الجماعة أو التنظيم، أو يروج لها بالقول أو الكتابة أو بأي طريقة أخرى، وكل من يمول أنشطتها. 2- توقيع العقوبات المقررة قانونا على من ينضم إلى الجماعة أو التنظيم واستمر عضوًا في الجماعة أو التنظيم بعد صدور هذا البيان. 3- إخطار الدول العربية المنضمة لاتفاقية مكافحة الإرهاب لعام 1998م بهذا القرار. 4- تكليف القوات المسلحة وقوات الشرطة بحماية المنشآت العامة، على أن تتولى الشرطة حماية الجامعات وضمان سلامة أبنائنا الطلاب من إرهاب تلك الجماعة. المشهد الثانى: الداخلية أول من يطبق القرار ب مصادرة صحيفة الحرية والعدالة وكان أول ما ترتب على هذا القرار أن أصدرت وزارة الداخلية بيانا صباح اليوم الخميس تعلن فيه مصادرة جريدة الحرية والعدالة ومنعها من الصدور بوصفها صادرة عن جماعة إرهابية.. وقالت الوزارة في بيان صحفي، إن الإدارة العامة لمباحث المصنفات وحماية حقوق الملكية الفكرية بالتنسيق مع مؤسسة الأهرام الصحفية التي تتولى طباعة الجريدة، تحفظت على الجريدة وأوقفت طبعها وتوزيعها، وأخذت التعهد على مشرف أقسام الطباعة بالمؤسسة بعدم طباعة أى أعداد من الجريدة المشار إليها. وأضاف البيان الصادر عن وزارة الداخلية أنه تم التحفظ على الزنكات الخاصة بطباعة عدد الجريدة المقرر صدوره، الخميس. المشهد الثالث : الجيش يحمى المؤسسات والشرطة تحمى الجامعات الدكتور عادل عامر الخبير القانونى ورئيس مركز المصريين للدرسات السياسية والقانونية والاقتصادية والخبير بالمعهد العربي الأوروبى بجامعة الدول العربية يؤكد أن القرار الصادر أخيرا يعنى تطبيق بنود قانون العقوبات على كل من ينتمى للجماعة وحظر كافة أنشطتها ومظاهراتها .. ويضيف عامر : أعلنت الحكومة المصرية الأربعاء أن جماعة الإخوان المسلمين "تنظيما إرهابيا"، وأكدت أن "جميع أنشطتها بما فيها التظاهر محظورة"، وأنه في حالة مخالفة جماعة الإخوان هذه القرارات ستطبق عليها بنود "مكافحة الإرهاب" التي أضيفت إلى قانون العقوبات المصري في العام 1992 . وتطبيقا لهذا القرار كذلك "ستدخل الشرطة إلى الجامعات" لمنع تظاهرات جماعة الإخوان. وإذا استمر أي عضو في الانضمام إلى جماعة الإخوان ولم يخرج منها "معناه أنه يشاركها في إرهابها وسيطبق عليه القانون" المتعلق بمكافحة الإرهاب. ويستكمل عامر حديثه قائلا أنه طبقا لما أشار إليه البيان الصادر من الحكومة بأن "حزب الحرية والعدالة لا يعدو أن يكون الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين والحكم الصادر (بحظر أنشطة جماعة الإخوان المسلمين) يقضي بأن كل ما ينتمي إلى تنظيم الإخوان المسلمين محظور وسنطبق الحكم بحذافيره". إن الإرهاب باعتباره ظاهرة إجرامية أو سلوك منحرف عن قواعد السلوك الاجتماعي السائدة في المجتمع ، وذلك تأسيسا على إن السلوك الإجرامي ليس محض واقعة يجرمها القانون ، ولكنه سلوك يصدر من إنسان يعيش في بيئة معينة ووسط مجتمع معين ، ومن ثم فهو سلوك اجتماعي منحرف، وبالمثل فالإرهاب ، كظاهرة إجرامية لها خصوصيتها بين غيرها من الظواهر الإجرامية الأخرى، ليس فعلا منعزلا أو عرضيا ولكنه ثمرة تضافر عوامل عديدة تحركه وتحدد تكوينه وهيئته وظهوره . ويرى عامر أن القرار الجديد يعد ضربة قاضية لهذه الجماعة الإرهابية خاصة وأنها فقدت تعاطف الشعب حيث أصبح الشعب فى المواجهة معها، وبمقتضى القانون يتم تجريم كل من ينتمى إليها علنا أو سرا كما يتعرض للمسائلة كل من يتعاطف معها عبر وسائل الإعلام. .. نيويورك تايمز: القرار يمهد لتكرار سيناريو الجزائر فى مصر!! أثار قرار مجلس الوزراء اهتمام الصحف العالمية .. صحيفة نيويورك تايمز مثلا وصفت القرار بأنه يجسد معركة طويلة بين الدولة والجماعة وذهبت إلى أن أعضاء الإخوان باتوا أمام خيارين كلاهما صعب، إما أن يتركوا الجماعة، أو يُعاملوا كالإرهابيين، لأن الجيش والشرطة بمقتضى هذا القرار مُنح لهم سلطات واسعة للقبض على أي شخص ينتمي للجماعة. ولكن الصحيفة انتقدت عدم تقديم حكومة الببلاوي أي دليل على تورط الإخوان المسلمين في التفجيرات الأخيرة التي تقول إنها دفعتها لاتخاذ القرار، ورأت الصحيفة أن القرار لن يساعد الحكومة على تهدئة الأوضاع واستعادة الأمن والاستقرار مرة أخرى، بل على العكس سيدفع البلاد لموجة أخرى من الاضطرابات. وحذرت الصحيفة من تكرار سيناريو الجزائر فى مصر كما حذرت أيضا من انشغال السلطة بمعركتها مع الإخوان فى حين تخطط جماعة بيت المقدس الإرهابية المسحلة لعمليات أخرى. الجماعة تقع تحت طائلة قانون الإرهاب .. جدير بالذكر أن قانون الإرهاب الصادر 97 لسنة 1992 قام بتحديد ملامح هذه الجريمة طبقا للآتى : ماده 86 – يقصد بالإرهاب في تطبيق أحكام هذا القانون كل استخدام للقوه أو العنف أو التهديد أو الترويع، يلجأ إليه الجاني تنفيذا لمشروع إجرامي فردي أو جماعي، بهدف الإخلال بالنظام العام أو تعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر إذا كان من شأن ذلك إيذاء الأشخاص أو إلقاء الرعب بينهم أو تعريض حياتهم أو حرياتهم أو أمنهم للخطر أو إلحاق الضرر بالبيئة أو بالاتصالات أو بالمواصلات أو بالأموال أو بالمباني أو بالأملاك العامة أو الخاصة أو احتلالها أو الاستيلاء عليها أو منع أو عرقلة ممارسة السلطات العامة أو دور العبادة أو معاهد العلم لإعمالها أو تعطيل تطبيق الدستور أو القوانين أو اللوائح الإرهاب هو أي عمل يهدف إلى ترويع فرد أو جماعة أو دولة بغية تحقيق أهداف لاتجيزها القوانين المحلية أو الدولية. وبرغم قصور التعريف أعلاه عن رسم إطار جامع لحقيقة الإرهاب، كونها تتمايز حسب نوعه وشكله، إلا أنه يمكن أن يشكل القاعدة أو المنطلق الأساسي لتعريف الإرهاب أياً كان نوعه وشكله.