يبدو ان ما تعرضنا له خلال الفترة الماضية وتحديدا منذ قيام ثورة يناير من ضغوط عصبية ونفسية وقلق وتوتر لم يترك أثره على حالتنا النفسية فقط وانما إنعكس على حالتنا الصحية بدليل زيادة الإصابة بأمراض القلب والأزمات الصدرية والقلبية خلال تلك الفترة الى الضعف وهذا ما يؤكده دكتورشريف مختار أحد أهم رواد طب القلب والحالات الحرجة فى مصر الذى قال لنا ان ما تعرض له المصريين على مدار العاميين ونصف الماضيين من ضغط عصبى وقلق وتوتر أثر كثيرا على قلوب المصريين جعلها فى وجه الخطر . كيف تقرأ واقع قلوب المصريين الأن ؟ أولا دعينا نؤكد على العلاقة الوثيقة بين الحالة النفسية وصحة القلب ، فقلوب الناس فى مصر مازالت تتأرحج بين اليأس والأمل منذ قيام ثورة يناير ما جعلها قلوبا غاضبة لاتشعر بالأمان وطبيعى ان هذا الإحساس سينعكس على حالتها الصحية . وكيف تؤثر الحالة النفسية على صحة القلب ؟ عن طريق الجهاز العصبى الاإرادى فالتغيرات الهرمونية التى يتعرض لها هذا الجهاز عند التعرض لأى ضغط نفسى أو قلق أو توتر تؤثر على ضغط الدم والمخ والكلى بشكل رئيسى وهذا بدوره ينعكس على القلب مما يجعله أكثر عرضة للأزمات القلبية والسكتات والذبحة الصدرية ، فضلا عن التدخين والذى يعد العدو الأول والرئيسى لصحة القلب فبالرغم من أن هذه العادة السيئة بدأت تختفى من العالم كله إلا انها مازالت عندنا فى حالة زيادة مستمرة بما تحتوى على من أضرار جسيمة على القلب فيكفى أن أقول لك أن النيكوتين الموجود فى السجائر يغير من كيمياء الدم ودرجة اللزوجة فيها مما يجعل الشخص المدخن أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب أضعاف المرات من غير المدخن . تغير المزاج العام للمصريين بعد ثورة يناير هل يمكن أن يؤثر على القلب أيضا ؟ نعم وهذا شىء لاحظناه خلال العاميين ونصف الماضيين من كثرة عدد مرضى القب ومن تعرضوا لأزمات قلبية وصدرية ، فكل الدراسات تؤكد أن المزاج العام للمصريين أصبح أكثر ميلا للإكتئاب منذ قيام ثورة يناير بل وأصبحوا أكثر قلقا وتوترا مما أثر على صحة قلوبهم بشكل مباشر ، فمن المعروف ان الأشخاص المكتئبة أو التى تميل بطبيعتها للإكتئاب تكون أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب ومضاعفاتها وما يترتب على تلك المضاعفات من نهايات سيئة . ولكن الميل الى الإكتئاب ليس جديدا علينا فالظروف الحياتية قبل الثورة كانت تفرض هذه الحالة على الناس ؟ ولكن كان هناك شعورا عاما بالأمان فضلا عن ان حالة القلق لم تكن من طبيعة المصريين نظرا لما كنا نتميز به من تسامح و" تكبير الدماغ " إن صح التعبير لكننا فى الفترة الأخيرة أصبحنا أكثر ميلا للعدوانية والعنف خاصة بعد أن صار السلاح هو المتحدث الرسمى فى لغة الحوار بين الناس فى الشارع وهذا بدوره أدى الى شعور المصريين بالقلق على أنفسهم وأولادهم وحياتهم بشكل عام وطبيعى ان تنعكس كل هذه المشاعر السلبية على صحة القلب والمخ بدليل اانا بدأنا نستقبل شباب فى الثلاثينان والأربعينات مصابيين بأزمات قلبية حادة وهذا شىء جديد علينا تماما فالمفروض ان تلك الأزمات لاتحدث إلا فى الأعمار الكبيرة ولكن نتيجة للظروف الحياتية الصعبة التى نعيشها الأن بدأت تظهر مثل هذه الأمراض فى الشباب ، بالإضافة الى ان زحام الشوارع وحالة التنافس التى يعيشها المصريين طوال الوقت على لقمة العيش ثؤثر على القلب أيضا فيكفى أن أقول لك اننا عندما نسير بالسيارة ونضطر للفرملة المفاجئة لتجنب أى خطر فإن ضغط الدم يرتفع فى هذه اللحظة الى 180 على 200 وهذا بدوره كفيل لأن يصيب بأزمة قلبية مؤقتة قد تتحول مع الوقت لأزمات متكررة ودائمة ، فنحن شعب أصبح يفتقر الإحساس بالسعادة . أفهم من ذلك ان السعادة تعد من أركان صحة القلب ؟ ليس القلب فقط ولكنها تعد من أركان صحة الجسد كله بشكل عام ،فيكفى ان منظمة الصحة العالمية تضع تعريفا للصحة ومن ضمنها السعادة . وما هى السعادة من وجهة نظرك ؟ أنا أتصور أن أى إنسان يستطيع أن يحصل على السعادة الكاملة بالرضا بالمقسوم والطيبة والبساطة والتسامح والقناعة بالمتاح مهما كان بسيطا ، فالرضا فى حد ذاته يجعل الإنسان هادئا مطمئنا وكلما كان الواحد فينا سعيدا كلما إنعكس ذلك على حالته الصحية وأجزاء الجسم التى تتفاعل مع الحالة المعنوية المرتفعة للإنسان . هل حقيقى ان كثرة الضحك خطر على القلب ؟ ليس بالضبط ولكن أى إنفعال زائد عن الازم قد يؤثر على القلب لذلك فنحن لدينا مثل شعبى يقول أن كثرة الضحك تميت القلب وهذا طبعا غير حقيقى ولكن المصريون بطبعهم يخشون من وقت الفرح الشديد والحقيقة أن هذا الخوف له مردود علمى وهو اننا عند التعرض لأى إنفعال عصبى سواء كان بالفرح أو الحزن تحدث زيادة فى إفراز هرمون الأدرينالين مما يؤثر على عضلة القلب بشكل مباشر، لذلك فعلينا آلا نبالغ فى أ شعور سواء كان بالفرح أو الغضب لما يترتب على ذلك من خطورة على الصحة العامة . هناك أغنية شهيرة تسأل مين السبب فى الحب القلب ولا العين ، فهل نجد الإجابة عندك ؟ الحب شعور وجدانى مركز بالمخ وليش القلب حتى التعبير عن الحب يكون عن طريق المخ الذى يعطى إشارات للقلب لأنه سيد الأعضاء بالجسم ، ولكنى أعتقد ان السبب فى أن يأخذ القلب كل تلك المكانة فى الأحاسيس والمشاعر هو أنه من أهم أعضاء الجسم ولأنه بتوقفه تتوقف الحياة فضلا عن أننا حين نحب أو نفرح لانشعر بإستجابات المخ ولكننا نشعر بقوة بزيادة عدد نبضات أو خفقان القلب ومن هنا ارتبط القلب بالفرح والحزن معا بدليل اننا عندما نحزن أيضا نقول ان قلبنا مكسور. هل يشيخ القلب مع الزمن ؟ ليس بالضبط ولكن هناك مصطلح طبى إسمه القلب الشيخوخى والذى يؤكد ان هناك خلايا تموت مع الوقت ، بالإضافة الى انه من الطبيعى أن قدرة عالعضلة على المجهود تقل مع الزمن ومع ذلك فهناك قلوب تستطيع ان تعيش مائة عام وكأنها قلوب شباب فى مقتبل العمر . وكيف نعرف أن قلوبنا فى خطر ؟ لن أقول لك بأن هناك ضرورة لعمل فحص دورى للقلب كل فترة للإطمئنان على صحة القلب ولكن هناك مؤشرات تؤكد ان القلب فى خطر وللأسف ان معظم من يتعرضوا لها يتغاضوا عنها على إعتبار انها أشياء عادية قد تمر دون مشاكل ومنها ألم الصدر وصعوبة التنفس والخفقان وتورم الكاحلين وحالات الإغماء المفاجىء فكل هذه المؤشرات قد تنذر ان القلب فى خطر فضلا عن السمنة والتى تعد من الأسباب الرئيسية لمشاكل القلب والأزمات القلبية بالإضافة الى التدخين والعادات الغذائية الخاطئة وعدم ممارسة الرياضة وقلة الحركة وأيضا العامل الوراثى . هل يمكن أن تحدث الأزمة القلبية فجأة وبلا مقدمات ؟ بالتأكيد فالموت المفاجىء يعنى أن هناك خلل حدث بالقلب أدى الى توقفه خلال ساعة من أعراض الأزمة وليس بالضرورة أن يكون الشخص مريضا حتى تحدث أزمة كما انه قد تكون هناك مشاكل بالقلب دون أعراض وكل هذا يعرض الشخص الى الأزمة القلبية المفاجئة والتى غالبا ما تحدث نتيجة جلطة فى الشريان التاجى وهذه الجلطة ناتجة عن إنسداد فى الشرايين التاجية التى تغذى عضلة القلب بالدم المحمل بالأكسجين والغذاء والذى يتعذر وصوله لتلف هذا الجزء من الشريان . وكيف نحمى أنفسنا من الأزمات القلبية ؟ بالإبتعاد التام عن التدخين السلبى والإيجابى والإبتعاد عن الدهون والكربوهيدرات وتغيير نمط الحياة اليومى والحرص على المشى لمدة ساعة على الأقل ثلاث مرات إسبوعيا ومحاولة تقنين إنفعلاتنا بما لايعرضنا لمشاكل ضغط الدم ، بالإضافة الى معالجة الأعراض المرضية التى قد تتسبب فى حدوث الجلطات وأمراض الشرايين ، أما على المستوى النفسى فلا مفر من ضرورة أن نفصل بين العمل وحياتنا الخاصة وعلينا ان نتعلم ثقافة الإستمتاع بالأجازة وأوقات الفراغ وهذا بالمناسبة لايتطب مستوى مادى معين فمجرد الخروج الى أى حديقة عامة والإستمتاع بالطبيعة يؤثر على صحة القلب بالإيجاب . هل انت راض عن مستوى طب القلب فى مصر ؟ الى درجة كبيرة فنحن لدينا أطباء شباب أكثر شغفا بالعلم والتكنولوجيا ومتابعة كل ما هو جديد ، فطب القلب فى مصر من أكثر الفروع الطبية التى تقدمت وأتصور انه لو أتيحت لنا الإمكانيات المادية لكان لنا شأن أخر فى هذا المجال فنحن نفوق كثيرون فى الخارج لولا ضعف الإمكانيات المادية .