بالتأكيد كلنا نشعر بالغضب والضيق والاشمئزاز الشديد من انتشار حالات التحرش في السنوات الأخيرة ، فالحكاية بدأت بمجرد حالات فردية بسيطة ثم أصبحت لها " مواسم " خاصة خلال الأعياد .. ومؤخراً ازدادت بعدما زحفت الظاهرة إلي المظاهرات ووسائل المواصلات وغيرها ، لكن هناك عدداً كبيراً من الشباب لم يكتفوا فقط بالغضب .. بل قرروا المشاركة بإيجابية في محاربة هذه الظاهرة السلبية والغريبة علي مجتمعنا المعروف بتدينه وقيمه ومبادئه وأخلاقه ، وبدأت تلك الصفحات بتوعية الفتيات وتشجعيهن على فضح المتحرشين ودعوتهن إلى عدم السكوت عند التعرض لأية مضايقات ، وأصبحت تلك الصفحات بمثابة خط الدفاع الأول عن أى فتاة تتعرض لهذا الموقف .. وقد تحدثنا مع أعضاء بعض الصفحات التى تدعو لمواجهة التحرش على الفيس بوك لنتعرف أكثر على طبيعة نشاطهم . بدأت جولتنا من حركة "شفت تحرش" ، وهى مجموعة ضغط مجتمعية تتكون من عدد من منظمات وجهات حقوقية ونسوية غير حكومية تعمل مع أفراد المجتمع بشكل فعال من وإلى الشارع المصرى لرصد ووضع أليات لمناهضة جريمة التحرش على المستوى القانونى والنفسى والمجتمعى ، وتقول نهلة حسن 23 سنة أحد أعضاء الحركة : بدأنا منذ أكثر من عام عندما لاحظنا كثرة حالات التحرش خاصة فى الأعياد وأمام السينمات والمراكز التجاربة ،وهدفنا الأساسى هو مواجهة ظاهرة التحرش وفضح المتحرشين بعدما لاحظنا بطء العقوبات الرسمية وعدم إتخاذ أى إجراءات أو إصدار قوانين رادعة للحد من تلك الظاهرة ، وبالتالى فإن عملنا الأساسى يقوم على رصد حالات التحرش ومساعدة أى بنت تتعرض له فى إتخاذ الإجراءات القانونية التى تضمن حقها مجانا من خلال عرض حالتها على محامين متطوعين معنا ، وصفحتنا على الفيس بوك تسهل التواصل مع كل الراغبين فى الإنضمام لنا ونشر كل ما نقوم به من أنشطة فى هذا المجال ، والحملة تقوم حاليا بتنظيم دورات لتدريب الفتيات مجانا على كيفية حمايتهن لأنفسهن من التحرش ومواجهتهن لأى أعتداء . أما إنجى غزلان "26 سنة" فهى عضو مؤسس بحركة "إمسك متحرش" ، تقول : منذ عام 2006 وأنا ألاحظ تعرض الكثيرات للتحرش بكافة صوره ، وبالتالى بدأت أفكر فى كيفية مواجهة هذه الظاهرة خاصة وأن صمتنا يجعل المتحرش أكثر جرأة ، فبدأت أنا وأصدقائى فى تأسيس حركة تهدف إلى رصد وتوثيق حالات التحرش من خلال فيديوهات أو تقارير او صور أو محاضر شرطة ، ونتيح الفرصة من خلال صفحتنا على الفيس بوك لأى بنت واجهت التحرش ان ترسل لنا ونحن نساعدها ، والتحرش ليس ظاهرة جديدة كما يعتقد البعض ، بل هى موجودة من سنوات عديدة والدليل على ذلك أن الكثير من الأفلام تناولته بشكل او بآخر ، لكن ما يجعلنا نشعر به الآن بصورة كبيرة هو أن الموضوع أصبح مثاراً فى وسائل الإعلام وأصبحت البنات أكثر قوة وقدرة على مواجهة التحرش وفضحه .
أما أيمن ناجى 27 سنة فهو أدمن صفحة " ضد التحرش" على الفيس بوك ، ويقول : بادرت بإنشاء هذه الصفحة لأننى أرى أن حماية البنت هى حماية للمجتمع ككل ولابد أن نحافظ على حقها وكرامتها لأنها فى الأساس إنسانة لابد من إحترامها وبالتالى كان هدفى الأساسى هو الدفاع عن حق الفتيات فى السير فى الشارع وركوب المواصلات بدون تعرضهن للتحرش ، ونحن نقوم بالعديد من الأنشطة أهمها تقديم ندوات بالمدارس والجامعات والنوادى لتوعية الشباب بالأضرار النفسية والإجتماعية للتحرش .بالإضافة إلى تنظيم ندوات خاصة لتدريب الفتيات على التصدى للمتحرشين ، وما هى الإجراءات القانونية التى عليها إتخاذها عند تعرضهن للتحرش .. وغير ذلك . كما حشدنا أعداداً كبيرة من المتطوعين للنزول لتأمين المتظاهرات فى ميدان التحرير وفى الميادين الآخرى تفاديا لوقوع حالات تحرش في أثناء المليونيات . فى حين تؤكد سمر على 28 سنة ،وهى عضوة بحركة "أنا مش هسكت على التحرش " أن تعرض البنات للتحرش هو أحد أسباب الشعور بالتوتر العصبى والضغط النفسى الذى تعانى منه الكثير من الفتيات هذه الأيام ، وتضيف : كان من الضرورى أن يكون لنا دور إيجابي فى التصدى لهذه الظاهرة من خلال توعية البنات بضرورة عدم إلتزام الصمت عند تعرضهن للتحرش لأن هذا هو بداية العلاج ، فالمتحرش فى الأصل هو مريض نفسى وفضحه هو أول طريق علاجه ، ونحن نشارك فى كل الوقفات المطالبة بمواجهة الحرش وتغليظ العقوبة علي الذين يقومون به حتى تكون رادعا حقيقيا لهم ،لأنه إن لم يعاقبوا بشدة فلن نقضى على التحرش على الإطلاق . بينما تقول أمينة على عضوة بمبادرة "نفسى" لمواجهة التحرش : مبادرتنا تهدف إلى أن يصبح الشارع مكانا آمنا للجميع دون إستثناء وأن يتم القضاء على التحرش نهائيا فى مصر ، ونحن نقوم بعدد من الحملات والوقفات الإحتجاجية للتنديد بالتحرش والمطالبة بالقضاء عليه ، وصفحتنا على الفيس بوك تضم أعدادا كبيرة من السيدات والفتيات من كل الدول العربية والمتضامنات مع مطالبنا بالقضاء على التحرش . أما أحمد محمد فهو عضو بمبادرة "معًا ضد التحرش" ، يقول : تم إنشاء هذه الصفحة على الفيس بوك منذ حوالى 10 شهور بهدف تنبيه المجتمع إلى الآثار السلبية للتحرش على المجتمع ،ويضيف أن عدد الشباب فى المبادرة أكثر من البنات وذلك لأنهم لديهم أمهات وأخوات وزوجات ولا يقبلون أن تتعرض أى بنت للتحرش ، وبالتالى عليهم القيام بدورا إيجابيا فى الدفاع عن الفتيات بل ومسئولين عن حمايتهن . ويوضح أنهم يتلقون شكاوى البنات والفتيات المتعرضات للتحرش عبر الخط الساخن للمبادرة والموجود بصفحتهم على الفيس بوك حيث يتم إرشادهن ومساعدتهن بالطرق المتاحة . وتتضمن الصفحات التى تدعو لمواجهة التحرش بعض التنويهات عن كورسات لتعليم البنات والسيدات فنون الدفاع عن النفس ويتم إتاحة هذه الكورسات مجانا لغير القادرين واللاتى تعرضن للتحرش ، أما للقادرين فيحصلون عليها بمقابل مادى يصل إلى 600 جنيها بمعدل مرة واحدة فى الأسبوع على مدار 10 أسابيع ، وأكد رامى جيرار لاتشينيان هو أمريكى من أصل مصري أنه يقدم هذه الكورسات إيمانا منه بأهمية أن تعرف كل بنت كيفية حماية نفسها أولا من التعرض للتحرش ، أو التصدى له ومواجهته فى حالة تعرضها له ، ويؤكد أن التايكوندو يعد من الفنون القتالية التى يتم تدريب الفتيات عليها لإستخدامها فى التصدى للتحرش بالإضافة إلى جزءا نظريا به إرشادات عامة لأى فتاه تساعدها بنسبة عالية جدا فى تجنب التعرض للتحرش مثل عدم الإنتظار فى السيارة فى مكان مظلم ، وعدم الإقتراب من مجموعة شباب يبدو مظهرهم غير مريحا ..وغير ذلك من النصائح . ويحذر رامى السيدات من حمل "سكينة "أو أى سلاح فى حقيبتهن لأنها إن لم تكن تجيد إستخدامه فى الدفاع عن نفسها فإن المتحرش قد يستخدمه ضدها .