أثناء مرورك فى شارع رمسيس، فإن عينيك لن تخطىء تلك العمارة الشهيرة، والتى تبدو واحدة من معالم هذا الشارع المهم، مظهرها الأرستقراطى ، وشكلها التاريخى يدفعك لطرح تساؤلات عن هذه العمارة المهجورة ؟ تصوير: محمد لطفى عمارة كاديلاك التى تحمل الرقم 249 شارع رمسيس عبارة عن مبنى مكون من دورين ويوجد خلفه جراج، حكاية هذا المبنى المهجور يرويها أنطوانى أنيس سيطروس 72 عاما وهو مهندس أكد لنا أن العمارات التى تحمل أرقام 247 و 249 و 251 بشارع رمسيس كانت مملوكة لمحام إسمه "إيميل ديل ماركار" وهو تركى الأصل جاءت أسرته إلى مصر أيام حكم محمد على، ثم حصلوا على الجنسية المصرية بعد ذلك، وكانت العمارة 247 والتى تتكون من 3 أدوار هى مقر الإقامة لهذه العائلة.
وفى عام 1968 قام المهندس أنطوانى أنيس بشراء هذه العمارة من صاحبها وأطلق عليها إسم عمارة "على بابا" وحولها لسكن خاص به، وقام بتحويل إسطبل الخيل الموجود بجوار العمارة إلى ورشة للديزل، أما عمارة كاديلاك والتى تحمل الرقم 249 فهى مغلقة منذ فترة، وفى السابق كانت عبارة عن توكيل لسيارات كاديلاك والتى كانت تعتبر الأشهر فى تلك الفترة حيث كان الملوك والأمراء وكبار الفنانين، وكان العديد منهم يأتون لزيارة هذا المكان مثل أم كلثوم، ورشدى أباظة، وأسمهان والملكة نازلى والدة الملك فاروق، والتى كانت عندما تمر فى شارع رمسيس بسيارتها الكاديلاك كان يتم فرشه بالسجاد، أيضا الملك فاروق كان يمتلك سيارة كاديلاك وكان لونها أسود فى أحمر وكان من المحظور أن يمتلك أى شخص آخر سيارة لها نفس اللونين، وبالنسبة للعمارة الثالثة والتى تحمل الرقم 251 فقد اشتراها أحد الأشخاص وهدمها لإعادة بنائها مرة أخرى، إلا أن معلوماته عن أسرة المحامى ديل ماركار تتوقف على أن بعضهم هاجر إلى كندا حيث أنهم يمتلكون شركات سيارات هناك. عمارة كاديلاك بما تضمه من جراج تبلغ مساحتها حوالى 800 متر مربع، وهى بالطبع تساوى الكثير خاصة إذا علمنا أن أن ثمن المتر المربع فى هذه المنطقة قد يصل إلى أكثر من 15 ألف جنيه. وبالرغم من هذه المعلومات التى حصلنا عليها، إلا أن الإجابة الأهم ليس لها تفسير حتى الآن، لماذا تركت عمارة كاديلاك الشهيرة بشارع رمسيس منذ نهاية الخمسينات وحتى الآن مهجورة؟ خاصة أننا لم نجد من يجب على هذا التساؤل من سكان المنطقة من كبار السن. ولكن الإجابة قد تبدو واضحة إذا علمنا أن خريطة سوق السيارات فى مصر تغيرت مع بداية الخمسينيات من القرن الماضى، وتغيرت اتجاهات شراء المصريين للسيارات، فبعد أن كان الإقبال كبيرا على شراء السيارات الأمريكية،اتجه المصريون إلى السيارة مرسيدس مع بداية الخمسينات لتحتل مكانة السيار كاديلاك، والتى تصدرت مبيعات السيارات فى مصر فى الفترة من 1920 وحتى 1950، وزاد من خسائر كاديلاك دخول السيارة فولكس فاجن بيتل لمصر والتى حظيت باهتمام كبير من المصريين فى هذه الفترة، لتصبح أشهر سيارة فى تاريخ مصر، بعد النجاح الذى حققته، كما اتجه المصريون خلال هذه الفترة ايضا إلى سيارات الكتلة الشرقية ايضا والتى كانت تتميز برخص الثمن وكانت هذه ضربة أخرى لكاديلاك، وأكبر دليل على تراجع مبيعات كاديلاك فى مصر هو أنه فى عام 1952 كان عدد السيارات الكاديلاك فى مصر 580 سيارة بالرغم من أن عدد السيارات فى مصر كان قد وصل إلى 54933 سيارة، وبالتالى لم يكن هناك تناسب فى المبيعات وبين الإرتفاع فى حركة بيع السيارات بمصر.
هذا الإنخفاض فى المبيعات دفع جنرال موتورز الشرق الأدنى وكيل سيارات كاديلاك إلى الانسحاب من مصر بسبب ضعف المبيعات وكان ذلك عام 1958، وكانت أيضا الإجراءات الحكومية التى اتخذتها حكومة الثورة فى هذا الوقت ضد السيارات الأمريكية جعلت من استمرار كاديلاك أمرا مستحيلا