منذ قيام ثورة يناير لم يتوقف الحديث عن سفر نشطاء مصريين لدولة صربيا تحديدا لتلقي دورات تدريبية في تغيير وقلب النظام علي يد حركة أوتبور الشهيرة بشعار' قبضة اليد الحديدية'والذي اتخذته حركة 6 أبريل أيضا شعارا لها , وكان لهذه الحركة الفضل الأكبر في ابتكار وسائل للحشد وقلب النظم سلميا .. لهذا تأتي أهمية الحوار مع السيد دراجان بيسنتش السفير الصربي بالقاهرة للحديث حول حقيقة هذه التدريبات وهل لا تزال مستمرة .. لكن السفير رغم تحفظه وفقا للتقاليد الدبلوماسية المعهودة , روي لنا قصة مشوار الثورات السلمية من صربيا 2000 إلي مصر 2011 . . تصوير : محمود شعبان
في البداية .. كيف تري دور حركة أوتبور الصربية في تدريب مجموعات من النشطاء السياسيين في مصر علي أساليب التغيير السلمي قبل اندلاع ثورة 25 يناير؟ حركة أوتبور تكونت من الشباب وصغار السن وضمت في الأساس طلاب الجامعات وكان لهذه الحركة الدور الأعظم كما هو معلوم في قيادة وتنظيم الاحتجاجات السلمية البعيدة عن العنف لقلب النظام في صربيا وعلي إثر ذلك قامت الثورة في يوجوسلافيا ضد سلوبيدان ميلوسيفتش عام ..2000 وكان النجاح البارز لهذه الحركة هو القدرة علي إشراك الشباب أو صغار السن بأشكال مختلفة .. صربيا في ذلك الوقت كانت تحظي باهتمام ومتابعة من المجتمع الدولي . وبسبب هذا التركيز والاهتمام العام فقد اتسعت أفكار أوتبور بالاعتماد علي الإنترنت ووسائل التكنولوجيا الحديثة .. وحظيت الحركة بالشهرة والمجد .. وفي أعقاب ذلك وبنفس الطريقة قامت الثورة البرتقالية في أوكرانيا ثم الثورة الوردية في جورجيا عامي 2003 و 2004, وفي هاتين الثورتين استخدمت أفكار حركة أوتبور , وأصبحت الآن هذه الأفكار متاحة بشكل أكبر ويستطيع أي شخص أن يدخل علي الإنترنت ويري هذه الأفكار .. لكن أوتبور لم يعد لها وجود في صربيا الآن , فما توجد الآن منظمة تحمل اسم canvas أي مدرسة الثوار وهذه المنظمة ليس لها ارتباط بدولة صربيا علي الاطلاق وهكذا يمكن أن نقول إن الحركة ولدت في صربيا ولكن فيما بعد أصبحت عالمية باستخدام الإنترنت والفيس بوك وكان لها تأثير بلاشك في نشر وسائل التغيير السلمي .. في تصورك .. ما نوع هذه الأساليب وما هي معلوماتك حول الصورة التي نشرت في بعض الصحف تظهر تدريبات لشاب مصري علي أعمال عنف منظمة في صربيا؟ هناك سوء فهم وإدراك لهذه القضية , ما حدث أنه في العام الماضي نشرت بعض الصحف صورة لأحد الشباب وهو يحمل بندقية في يده ويقوم بعمل تدريبات عنيفة وكان التعليق علي الصورة ' تدريبات في صربيا ' لكننا نعلم أن هذه الصورة غير صحيحة ومفبركة وأعتقد أن هذه الصورة التقطت في غزة وليس في صربيا لأننا ضد التدخل علي الإطلاق في شئون أي دولة خارجية بغض النظر عن الأسباب .. ودولة صربيا لا تسعي مطلقا ضد الاستقرار في مصر ونحن نشترك معا في تاريخ طويل , وحاليا لدينا اتجاهات واحدة نحو العلاقات والمسائل الخارجية ومصر تدعمنا وتساندنا و تقوم بدور دولي في العديد من القضايا التي تخصنا . صحيفة سويدية نشرت مقالا زعمت فيه أن الثورة المصرية جاءت من صربيا بالإشارة إلي تدريبات حركة أوتبور .. فما تعليقك؟ الثورة في مصر صناعة مصرية نقية بمعني الكلمة , وشعار الثورة المصرية هو ' المصريون ' ولم تكن ثورة إسلامية ولا ثورة من أي نوع آخر وإنما الشعب هو الذي خرج وشارك فيها وصنعها وطالب بالتغيير وطالب بالديمقراطية . هل تعرف النشطاء المصريين الذين قيل إنهم تلقوا تدريبات في صربيا مثل أحمد عادل وأسماء محفوظ وأحمد ماهر وغيرهم؟ لا لم نسمع عنهم . ما تعليقك علي اتهام بعض الصربيين في قضية التمويل الأجنبي؟ صربيا كدولة ليست طرفا في هذه القضية .. لكن هناك 3 مواطنين من صربيا يعملون في هذه المنظمات غير الحكومية ولا يمثلون بلادهم مثل غيرهم ممن يعملون في أي منظمات خارجية في أي دولة من دول العالم , ونحن كما قلت لك لا نتدخل في الشئون الداخلية لأي دولة .. ونحترم الإجراءات القضائية المصرية ولا نتدخل في هذه القضية . لماذا صرحت بأن عددا من شباب الثورة يدعون البطولة علي حساب الملايين الذين شاركوا في هذه الثورة ؟ عدد كبير شارك في هذه الثورة وهؤلاء هم أبطال الثورة , ولكن عادة بعد نجاح الثورات وظهور الصراعات يثار السؤال دائما حول من هو الأهم ومن هو القائد ؟ ! البعض يصف الثورة المصرية بأنها توءم الثورة في صربيا .. في رأيك ما تعليقك علي صعوبات الثورة المصرية وكيف يمكن تخطيها بالاستفادة من تجربة بلادكم؟ الإنجاز الأكبر للثورة في مصر هو أن الشعب أصبح مشاركا في صناعة القرار .. ويجب أن يؤخذ برأيه وأن يتم استشارته في القرارات السياسية ولا توجد أي سلطة أخري تستطيع أن تتخذ قرارا بدونه .. هذا شيء حدث أيضا في صربيا .. لكن التغيرات الكبري تحتاج صبرا و مساندة من العالم كالاتحاد الأوروبي مثلا أوالدول الغربية ومن كل الدول الأخري لأننا لا نستطيع أن نغير في شهر أو في سنة فهذه عملية تأخذ وقتا طويلا وتحتاج مشاركة من كل المصريين .. وبالنسبة للصعوبات فإنه يمكننا القول إنه في ظل التغيرات الجديدة والظروف الجديدة تتحول الديمقراطية إلي صراع .. ويتم السماح للشعب بأن يقول رأيه .. والناس مختلفون في التاريخ وفي وجهات النظر وفي كل شيء .. لكن في النظام الديمقراطي الدولة يجب أن تكون مستقرة لتغيير النظام السياسي والاقتصادي وهذا يحتاج وقتا أطول .. في صربيا واجهنا مشكلات مماثلة لأن الكثير من الناس كانوا يأملون الكثير من الانجازات وهذه مشكلة كبيرة , وكل الناس شاركوا في الثورة وكانوا يعتقدون أن التغيير يمكن أن يحدث حالا وفورا , وهذا لن يحدث والكثير من الشعب فيما بعد أصيب بخيبة أمل نتيجة عدم تحقيق الآمال العريضة التي انتظرها .. صربيا كان لديها مرحلة معقدة وصعبة . وفي هذه الفترة في عام 2003 اغتيل رئيس الوزراء الصربي الذي قاد عملية التغيير .. كان ذلك نتيجة للصراع في صربيا في المجتمع , لكن الآن بعد مرور 12 سنة علي الثورة حققنا الأهداف الأساسية للثورة وكل القوي السياسية أصبحت جزءا من تقدم صربيا والآن صربيا ستدخل الاتحاد الأوروبي .. هذه ليست مسألة أو عملية سهلة .. ولكني اعتقد ان الوضع في مصر أسهل . صداقة الرئيس عبد الناصروالزعيم اليوجوسلافي تيتو كيف تركت آثارها في العلاقات بين مصر وصربيا؟ نحن فخورون جدا بأن تكون مصر واحدة من الدول البارزة والمؤثرة في التاريخ الدبلوماسي لصربيا , لأن مصر واحدة من الدول القديمة التي أقامت مع صربيا علاقات دبلوماسية . وتعد سفارة صربيا أقدم سفارة في القاهرة وكانت في البداية سفارة يوجوسلافيا ثم أصبحت سفارة صربيا وتم بناؤها بالقاهرة عام 1942 أي منذ 70 سنة تقريبا , نحن فخورون أيضا بهذا الجزء من التاريخ بعد الحرب العالمية الثانية عندما كانت يوجوسلافيا ومصر - في هذا الوقت - عضوين في حركة عدم الانحياز . ومصر تحظي بمكانة عالية وتتمتع بصورة إيجابية في أذهان الشعب الصربي .. وكان رئيس يوجوسلافيا الأسبق تيتو صديقا مقربا لعبد الناصر وهناك تراث لا ينسي حول هذه العلاقة .. هذا النوع من العلاقات وهذا التاريخ هو جزء من تاريخنا ومن علاقاتنا الحالية رغم أن الظروف التاريخية مختلفة .. صربيا الآن مراقب في حركة عدم الانحياز . في سبتمبر 2011 بلجراد استضافت مؤتمرا لوزارء خارجية الدول الأقدم في الحركة وحضره 113 وفدا وكان وزير الخارجية كامل عمرو متحدثا رسميا , ونحن ممتنون لدور مصر في تنظيم هذا المؤتمر بمناسبة ذكري تأسيس حركة عدم الانحياز .. وحاليا العلاقات بين مصر وصربيا في حالة نمو مستمرة وستظل علاقات قائمة علي الود والصداقة , لكن صربيا ليست قوة عظمي ولا دولة كبيرة , فعدد السكان 8 ملايين والمساحة تقريبا في حجم شبرا , لكن حجم وقوة الدول لا يقاس بعدد السكان ولا المساحة وإنما بالوضع والتأثير .. ومهمتي أن أستخدم قدرتنا بقدر المستطاع في الارتقاء بالعلاقات والتعاون الاقتصادي والثقافي بين البلدين .