في عام 2007 وأثناء جولة الرئيس السابق حسني مبارك بالمنوفية , زار مدرسته المساعي المشكورة , وأشار إلي أحد المقاعد , وقال إنه كان يجلس بهذا المكان عندما كان طالبا , بعدها توجهت " الشباب" إلي المدرسة وأجرت حوارا مع الطالب الذي كان يجلس علي المقعد الذي أشار إليه الرئيس السابق . هذا الطالب اسمه رامي محمد رضا . تصوير : محمد لطفي وقتها أبدي الطالب سعادته وفخره بأنه يجلس في المكان الذي كان يجلس فيه الرئيس المصري , وقال إنه يتمني أن يكون رئيسا للجمهورية , وإنه سيهتم بتطوير التعليم , وإن برنامجه الرئاسي سيضم 5 بنود , وهي التخلص من الروتين الحكومي , والقضاء علي البطالة والنظر للعملية التعليمية , والاهتمام بمحدودي الدخل , وإيجاد حل للمشكلة السكانية . أيضا رامي كان رئيسا لاتحاد الطلاب بالمدرسة , وكان حلمه الالتحاق بكلية الحقوق , أو احدي الكليات العسكرية أو الشرطة . الآن , وبعد ثورة 25 يناير , وبعد التهم الموجهة للرئيس السابق , ماذا يشعر الطالب الذي يجلس مكانه؟ هذا الطالب اسمه , رامي عماد حمدي الغزالي عمره 15 سنة , وهو طالب بالصف الأول الثانوي . الشباب التقته , وكان لنا معه الحوار التالي . ما هو شعورك الآن وأنت تجلس علي نفس المقعد الذي كان يجلس عليه الرئيس مبارك؟ لو أنا كنت أكبر من هذه السن , كنت سأكون فخورا لأنني أجلس علي نفس المقعد الذي جلس عليه الرئيس مبارك , لأنني مجبر علي احترامه , أما الآن فالأمر عادي , ولن أقول إن وجودي في مدرسته وعلي مقعده أمر مسيء لي , وكلامي السابق سببه أن الرئيس مبارك كانت فترة حكمه جيدة , فيما عدا ال 5 سنوات الأخيرة وحتي تنحيه عن الحكم , فأنا بدأت أدرك ما يحدث في الحياة السياسية منذ عام 2005, ولم أعاصر غير هذه الفترة السوداء في تاريخ مصر . تقول إن الأمر بالنسبة لك عادي , معني ذلك أن هذه الفكرة لم تدر في رأسك؟ الموضوع ليس في دماغي , الرئيس السابق دخل المدرسة أوخرج منها , آسف في اللفظ حسني مبارك لم يكن نبيا , كان رئيس جمهورية علي عيني ورأسي , لماذا لم يضع في دماغه أن يكون قدوة لنا كنشء وشباب , وأن يوصل لنا فكرة جيدة كأنه أفضل قائد عربي , وبطل من أبطال حرب أكتوبر , وقائد الضربة الجوية , وعندما تسألني أقول إنه قدوتي , لكن هو لم يفعل ذلك , وفي لحظة كل فكرتي عن هذا القائد تتغير , ويقال عنه إنه سرق البلد , وإن أولاده ليسوا بالصورة التي رسمها البعض , وإن زوجته السيدة سوزان مبارك التي تخيلنا أنها راعية التعليم وراعية المرأة في مصر , لم تكن كذلك , وإنها كانت تأخذ أموالا من تبرعات مكتبة الإسكندرية , لم يفكروا في أن يكونوا قدوة حسنة , للأسف هم اختاروا هذه النهاية , كل واحد بيحدد نهايته , فيه واحد يقول كل اللي يهمني الناس تتكلم كويس علي بعد ما أموت , لماذا لم يختر مبارك نهاية جيدة لنفسه , بالنسبة لي أمر جلوسي علي مقعده عادي , لأن حكمه فترة وخلصت , وجيل وانتهي ومرحلة لن تعود , نحن بدأنا صفحة جديدة بدون حسني مبارك بدون جمال مبارك بدون أحمد عز , يجب أن نترك الاعتصامات والتظاهرات والمطالب الفئوية , أتمني عندما أتخرج في الجامعة أجد نفسي في بلد أستطيع العيش فيه وأبني فيه مستقبلا جيدا . وكيف نبني مستقبلا جيدا لمصر في ظل الحالة السيئة التي تعيشها البلد؟ عندنا مدرس جغرافيا في المدرسة قال لنا قصة عن الصحراء الغربية , ومشروع ممر التنمية للدكتور فاروق الباز , ومشكلة الألغام المنتشرة في الصحراء الغربية والتي تعوق المشروع , هذا المدرس أخبرنا أن هناك شابا مصريا عبقريا , قال إنه يستطيع تفجير الألغام الموجودة في 1000 فدان في مدة 15 دقيقة فقط , وقال إن تفريغ الهواء من طائرة عسكرية تطير في الهواء , يحدث تفاعلا بين الهواء المفرغ والألغام فتنفجر , طبعا النتيجة كانت مذهلة , ونجحت التجربة , وحققوا له كل طلباته , ووضعوه في السجن , لماذا لم نستفد بأحمد زويل هنا في مصر , هناك أكثر من 25 ألف بحث مسجلة في مركز البحوث المصرية , أمريكا استغلت منها 5 آلاف بحث , التقدم الذي تعيشه أمريكا الآن ليس لكونهم عباقرة , ولكن بسواعد وأفكار العرب والمصريين , لماذا لم نستغل هذا لنصبح أفضل من أمريكا , وهذه هي مساوئ النظام السابق . بعد الثورة , هل تغيرت أحلامك , وأن لديك مستقبلا أفضل ينتظرك؟ زمان , عندما كنت أجلس مع والدي , وأقول له أنا أحلم أن أكون رئيس جمهورية مصر في يوم ما , فكان يقول لي ' يا ابني حرام عليك ما توديناش في داهية ', أنا في السنوات الماضية كان حلمي أن أكون عضو مجلس شعب , وكان هدفي الأول هو خدمة العديد من أهالي بلدي الذين يعانون الفقر ومشاكل عديدة , لكن كنت أعرف أن هذا من رابع المستحيلات , لأن عضو مجلس الشعب , كان من الضروري أن يكون تابعا للحزب الوطني , وأنا شخصيا لم أكن أميل لأي حزب أو أي جماعة سياسية , قبل هذا كنت أقول إنني سأترشح كمستقل , أما الآن , فلا مانع من الانضمام لأي حزب مادام لن يأتي علي وقت أسجن فيه بسبب انتمائي لحزب غير الحزب الحاكم , ويتم تعذيبي وإرهابي , و ' بهدلة ' أهلي معي , وكل الحكاية أنني كنت أريد خدمة البلد , هذه الصورة تغيرت بعد 25 يناير , والآن ليس من حقي أن أحلم فقط , بل أن أسعي لأحقق كل ما حلمت به , بأن أصبح وزيرا أو رئيس جمهورية , كل التفكير هذا ليس بالنسبة لي فقط ولكن بالنسبة لكل الشباب . ولكن أنا كان لي زميل كان حلمه يبقي رئيس جمهورية , لكن بعد الثورة قال لي لا ' يا عم أنا مش عاوز أودي نفسي في داهية ', فقلت له غيرت حلمك ليه , مش جمال وعلاء مشيوا , قال المشكلة مش في كده , سيدنا عمر بن الخطاب كان بيقول ' لوعثرت دابة في الشام لسئل عنها عمر ' أنا خايف من حساب ربنا . إذا كنت أجريت هذا الحوار قبل تنحي الرئيس السابق , هل كنت ستقول هذا الكلام؟ أنا لا أحب النفاق , ما قلت هذا الكلام بالطبع , ليس لكون مبارك رئيس الجمهورية , ولكن لأن ما كان محفورا في رأسي غير هذا تماما , فالرئيس السابق كان بالنسبة لي القدوة والمثل الأعلي لشباب مصر , كنا كلنا متوقعين أنه شيء كويس , كنا نعلم أن هناك فسادا كنت أعرف أن مبارك له حسنات مثلما كانت له مساوئ , لكن لم أتخيل أن يكون الفساد بهذه الصورة الغريبة . كل الناس بتتكلم عن السرقات بالمليارات . وما هي الكلية التي تريد أن تلتحق بها؟ أنا عايز أدخل كلية صيدلة , لأن عندنا مدرسا قال لي إن دواء الأنسولين يتم تصنيعه في أمريكا والدول الأوروبية , لأنه يدخل في تركيبته مادة مستخلصة من الخنازير , وأنا أتمني دخول الصيدلة , حتي أستطيع أن أصنع الأنسولين بمادة بديلة للمادة المستخلصة من الخنزير , أيضا هناك أكثر من دواء تدخله مواد محرمة علي المسلمين المفروض أن أسعي لإيجاد بديل لها , حتي أخدم بلدي . هل تري أن البلد تغير فيه شيء بعد الثورة؟ الحق , لا لم يحدث شيء , غير تغيير حسني مبارك , المشكلة لم تكن في حسني مبارك فقط , ' نحن نعيب زماننا والعيب فينا ', حتي نصبح أفضل لابد أن يتغير كل شيء , لازم كل حاجة في البلد تتغير , دلوقتي حتي تستخرج أي ترخيص , كهرباء مياه مرور , لازم ' تدفع علي الكبوت ' تدفع رشوة , كل اللي اتغير إن الموظف اللي قاعد في مكتبه اتشالت من وراه صورة حسني لكن الموظف لسه موجود , لازم النظام يتغير كله . ' إن الله لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم ' نجحنا في الإطاحة بمبارك ونظامه , وبالتالي لا بد أن نخلع النقاط السوداء الموجودة بداخلنا , لو كل إنسان طهر نفسه من السواد الموجود بداخله , كان مبارك سيخاف من الاستمرار في حكم هذا البلد وكان سيرحل بنفسه , من بلد كل الناس اللي فيه ماشية صح . * ما هي اهتماماتك غير الدراسة؟ أنا حافظ القرآن الكريم متبق لي فقط نصف جزء وأختمه كاملا , وقد بدأت حفظه وأنا عندي 4 سنوات , فأنا في الأساس كنت طالبا بالأزهر , كما أنني أقرأ كتبا , وآخر كتاب قرأته خطب الشيخ عبد الحميد كشك , كما أنني أخطب الجمعة منذ سنتين , وبالتالي لابد أن أقرأ كتبا دينية . وكيف كانت بدايتك كخطيب؟ منذ صغري , وأنا كنت أتكلم في كل المناسبات , ثم في الإذاعة بمعهد كفر طنبدي الأزهري , ولكن بدايتي الحقيقية كانت في عقد قران عمي بأحد المساجد , ويومها ألقيت خطبة أمام الحضور , فوجهت لي دعوة من المصلين بمسجد الشيخ محمد الحايز لخطبة الجمعة وكان عمري وقتها 12 سنة ونصف , والحمد لله وفقني الله في أول تجربة لي , والناس سمعوني , أكيد في البداية الناس تهكمت علي وقالوا دا عيل صغير , لكن الحمد لله كل من سمعني لمدة 5 دقائق لم يترك لي جمعة بعد ذلك , ولم يعد لدي رهبة .