بمشاعر تفيض بالحزن والأسى وألم الفراق .. وبعيون تكسوها الدموع ونظرات القلق والترقب وبأصوات لا تخلوا من الصراخ والبكاء .. ودع مئات الآلاف من الأقباط جثمان قداسة البابا شنودة الثالث ظهر اليوم إلى مثواه الأخير من المقر البابوى بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية .. وتطبيقا لوصيته التى كتبها قبل نحو شهرين أمام الأنبا باخوميوس قائم مقام الكنيسة الآن فقد عكف رهبان وقساوسة دير الأنبا بيشوى بوادى النطرون على تجهيز غرفة الدفن الكبرى التى ستحتضن جثمان البابا الراحل .. وكان البابا شنودة عاشقا لهذا الدير على وجه التحديد وقضى فيه شبابه ومنه أدار شئون الكنيسة عندما غضب عليه السادات وفيه أيضا حدد السادات إقامته . وكان البابا يقضى به ثلاثة أيام أسبوعيا حتى رحيله ولهذا لم يكن غريبا أن يوصى البابا بدفنه به.. هذا ويعود تاريخ دير الأنبا بيشوى إلى القرن الرابع عشر ويضم عدة كنائس قديمة وبه مناطق أثرية وروحية مثل بئر الشهداء والمائدة الروحية وغير ذلك وسيكون متاحا زيارة البابا بدءا من الأسبوع القادم . هكذا فى هذا الدير قضى البابا شنودة حياته وفيه ايضا سيقى سيرة مماته. كان مشهد الجنازة مؤثرا وإنسانيا للغاية فلم يكن البابا شنودة الثالث مجرد رمز يمثل سلطة دينية على الأقباط وإنما كان أبا حنونا لهم قريبا منهم ومن مشكلاتهم وكانت عظة الأربعاء لقاء عائليا يلتقيهم فيها ويناقش مشكلاتهم وقضاياهم الخاصة والعامة .. كان رحيل البابا فى هذا التوقيت مثيرا للقلق والحيرة خاصة وأن الأقباط فى حالة ترقب وانتظار لحادثين خطيرين الأول متعلق بالدستور والثانى متعلق بانتخاب رئيس الجمهورية الجديد .. وفى ظل هذه التحولات الخطيرة كان شعور الأقباط بالقلق واضحا وسائدا فى مشاهد الوداع الأخيرة اليوم .. كانت العبارة الأكثر تأثيرا فى موكب الجنازة اليوم .. سايبنا وراريح فين يا سيدنا .. كانت هذه الجملة رغم بساطتها تلخص كل ما يمكن أن يقال.. بعد نهاية المراسم الكنسية بآداء صلاة انتقال الأموات من الأرض إلى السموات خرج من مقر الكاتدرائية تباعا الشخصيات العامة ورموز المجتمع والسلطة فى مصر وسط حراسة الجيش والشرطة وفى تمام الواحدة تقريبا خرج موكب البابا من الكاتدرائية وكان هذا هو الخروج الأخير بلا عودة لكن الأقباط لم يستسلموا وخرجوا فى حشود ضخمة خلف الموكب فى اتجاه ميدان العباسية ومنه إلى مطار ألماظا حاملين الصلبان والصور وآيات من الإنجيل المجيد.. وكان آلاف من الأقباط قد قضوا ليلتهم بالكاتدرائية حتى صباح اليوم للمشاركة فى مراسم الوداع .. وقد واصلت رحلة البابا سيرها إلى مطار ألماظة ومنه إلى مقر دير الأنبا بيشوى على متن طائرة عسكرية . حيث كان فى استقباله آلاف المشيعين لكن إدارة الدير قررت إغلاقه فى وجه الزائرين اليوم لتسهيل إجراءات الدفن والتى تتم وفق طقوس ومراسم خاصة للغاية. رحله البابا رحله البابا رحله البابا