لو أعرف مصر رايحة فين كنت أركب معاها.. أغلى ما في الوطن اللحمه الضانى.. قالوا للمصرى سمعنا صوتك فغنى “ألحقونى”!.. كلها كلمات ساخرة كتبها الكاتب الساخر جلال عامر والذي رحل اليوم عن دنيانا بعد أن أصيب بأزمة قلبية يوم الجمعة بعدما شاهد اشتباكات بين المظاهرة التي قادها توفيق عكاشة لمؤيدي المجلس العسكري بالإسكندرية حيث يسكن جلال عامر ومئات المعارضين لها وكانت آخر كلمة قالها قبل إصابته "المصريين بيموتوا بعض"... وجلال عامر كاتب صحفي ساخر تخرج في الكلية الحربية وكان أحد ضباط حرب أكتوبر، وشارك في تحرير مدينة القنطرة شرق، ودرس القانون في كليه الحقوق والفلسفة في كليه الآداب، وعمل كاتبًا صحفيًا ونشرت مقالاته في عدة صحف، وكان له عمود يومي تحت عنوان "تخاريف" في جريدة المصري اليوم، كما كتب في جريدة الأهالي الصادرة عن حزب التجمع وأشرف كذلك على صفحة مراسيل ومكاتيب للقراء في جريدة القاهرة، ويُعد أحد أهم الكُتاب الساخرين في مصر والعالم العربى كما يعتبر جلال عامر صاحب مدرسة في الكتابة الساخرة تعتمد على التداعى الحر للأفكار والتكثيف الشديد. وفي حوار سابق مع مجلة الشباب أكد أنه كان في حاجة لدراسة فلسفة حتي يجد إجابات كثيرة عن أسئلة كانت ومازالت تطاردنه .. وعندما وجدها فضل الاحتفاظ بها لنفسه ! وبسؤاله عن مدي شعوره بالوصول للمكانة التي تستحقها موهبته فقال: طبعا مكانة أقل بكثير . والسبب إن أنا ماليش معارف وواسطتي قلمي وبس , محدش خدني من دراعي وقدمني للناس , ده غير أني بدأت متأخرا جدا , وكثيرون ربما لا يصدقون أن مشواري مع الكتابة عمره 10 سنوات فقط , صحيح أنني أكتب القصة القصيرة من 40 سنة لكن الشهرة جاءت لي مع بداية كتابة المقال الصحفي , فأنا تعرضت لصدمات كثيرة منها أنني سمعت كلام حكومات الستينيات والسبعينيات أنا وأهلي بخصوص حكاية السلم والثعبان قالوا لنا إن سلم الصعود الاجتماعي هو التعليم , اتعلمنا زي ماقالوا وطلع السلم أونطة والشهادات كل قيمتها في الورق وبس واكتشفنا أن الحياة أكثر تعقيدا مما نظن . وبسؤاله عما لو سأله أحد أبنائه عملت ايه لمصر التي تتكلم عنها ليل نهار فقال: يكفي أنني لم أسرق وكنت مواطنا شريفا وعلمت أولادي وربيتهم .. في الزمن ده الحاجات دي بتعتبر كفاية قوي ..!. وعن السخرية التي يطرحها في كتاباته قال: السخرية هي قدرة علي رصد التناقض والامساك بها من خلال موقف صحيح , وبالتالي السخرية بدون موقف صحيح تبقي تهريج , وكثيرون يعتقدون أنني أؤلف الحكايات التي أكتبها رغم أنها والله العظيم حصلت معي فعلا .. فأنا مثلا دخلت انتخابات مجلس الشعب من كام سنة وأعطيت واحدا من العيال بتوع زفة الانتخابات اسمه شعبان صورا كثيرة لي وقلت له علقهم في الشوارع .. فأقسم لي إنه حيعلقهم , لكن بعدها كل ما أعدي في شارع وأدور علي أي صور لا أجدها , طبعا حسب نظرية المؤامرة قلت أكيد المنافسين قطعوها لكني اكتشفت إن الواد شعبان مبيعرفش القراءة والكتابة وبعد ما علق أول صورة قالوا له ده واحد من المعارضة , فقال بلاش مشاكل وراح معلقهم في الزريبة .. فكتبت مقالا قلت فيه إنني حصلت في الانتخابات علي 500 صوت خروف !! وبسؤاله عما كان يتمني أن يكون لو لم يكن الكاتب جلال عامر فقال: كثيرين والله .. طول عمري نفسي أكون زي جمال عبد الناصر أو صالح سليم .. أو حماتي !! وتحدث الكاتب الراحل عن مشاركته في حرب أكتوبر التي شارك فيها للشباب قائلا: كانت حلم وتحقق .. ثم راح بعدها بسبب الانفتاح والصلح مع إسرائيل والمثقفون والغلابة ورجال الأعمال كلهم ذهبوا وراء حلم الانفتاح وكانت النتيجة ما نعيشه الآن لكن رغم ذلك هناك حقيقة لا يمكن أن ينكرها أحد وهي أن جيش أكتوبر هو الراعي الرسمي لثورة 25 يناير .. فحافظوا علي ' كرامة ' الشعب و ' هيبة ' الجيش لصد الهجمات المضادة !، فنحن دخلنا الحرب وليس كما يعتقد البعض بهدف عسكري فقط شعب مصر كله حارب .. وكنا نتمني الانتصار علي العدو لتحقيق التحرير في الخارج .. والعدل في الداخل , الهدف الأول تحقق لكن العدل لم يقم حتي الآن ولذلك أقول إن الحلم راح جاءت القطط السمان وكانت النتيجة أن النصر ورثه من لم يصنعه باختصار .. لم تبق سوي حلاوة النصر ومرارة النتيجة بعد سنوات من النصر تغيرت الدنيا بسرعة .. ولم يعد زمان المقاتلين فقد ابتعد السادات عن فقراء المصريين وأنشأ الحزب الوطني علي أنقاض حزب مصر ثم علي أنقاض مصر نفسها .. وارتفعت أسعار ' الأكل ' وانتقلنا من ( ابنك يقول لك يا بطل هات انتصار ) إلي ( أمك تقول لك لو بطل هات الخضار ). وعن ذكرياته في الفرقة 18 قال: بعيدا عن أي تفاصيل عسكرية المدينة الوحيدة التي تحررت في حرب أكتوبر هي مدينة قنطرة شرق فكل المساحات التي حررها الجيش المصري خلال أيام الحرب كانت صحراء داخل سيناء غير مأهولة والفرقة 18 التي كنت أحد أفرادها هي التي نجحت في تحريرها بقيادة العميد فؤاد عزيز غالي وهذه المعركة العنيفة التي خضناها كانت معركة اسلحة مشتركة وهكذا الحرب كلها والحديث فقط عن الضربة الجوية مع تقديرنا الكبير لدورها كان هدفه الكل يعرفه خلال السنوات الماضية لكن العسكريين يعرفون تماما أن أصغر تمرجي في المستشفي العسكري كان دوره في الحرب لا يقل عن أول مقاتل في الخطوط الأمامية . وعن حكاية الفرح الذي أصيب فيه قال: أنا حاربت في أكتوبر 1973 ورأيت الموت بعيني عشرات المرات وحاربت في حرب الخليج وأيضا شاهدت الموت بعيني لكن شاء الله أن الرصاصة الوحيدة التي أصبت بها كانت في فرح شعبي يا ابني كما قلت لك العبرة بالخواتيم وربنا فقط هو الذي يحدد نهاية كل واحد لقد كان عندنا مقدم أيام حرب أكتوبر سنة 1973 مسئول عن زراعة الألغام كل يوم يزرع ألف لغم وهي مهمة خطيرة جدا ورغم ذلك كان ينجو بقدرة الله وبعدما هدأت الجبهة كان يقف يصطاد سمك عند القناة فوقع في المياه .. ولأنه مبيعرفش يعوم غرق ! واقرأ ايضا: واقرأ أيضا : أخر رسائل الساخر جلال عامر رامي جلال عامر : وداعاً يا أبي ... ألقاك قريباً !