»أعيدوا كتابة التاريخ» لأن تاريخنا انتقائي ومزيف.. صرخة نادت بها الراحلة العظيمة عاشقة مصر د.نعمات أحمد فؤاد، وهذا ما دفع بعالم في شهرة د. وسيم رشدي السيسي الذي يشاركها في عشق وحب مصر إلي البحث وراء »المسكوت عنه في التاريخ» وهو عنوان كتابه الذي صدر مؤخرا عن الدار المصرية اللبنانية.. ووسيم إلي جانب نشاطه وإسهامه الطبي في مجال جراحة المسالك البولية وأمراض الذكورة يهتم دائما بقضايا وطنه، وقد توصل بعد تفكير عميق إلي أن مصر لن يعود لها وجهها الحضاري وتصبح رائدة من رواد العلوم والفنون إلا بالإطلاع علي تاريخها القديم، خاصة أنه التاريخ الوحيد الذي أصبح علما يدرسه العالم هو »المصريات» سبق أن صدر للمؤلف عدد من الكتب منها »مصر علمت العالم» و»هذه هي مصر». من خلال »53» موضوعا من تلك المسكوت عنها تناول »وسيم» المسكوت عنه في تاريخنا مثل المسكوت عنه في تاريخ المرأة والرجل والمسكوت عنه في وحدة الشعب المصري والمسكوت عنه في مصر القديمة الدين، وموضوعات بالغة الحساسية والدقة تناولها بأسلوب علمي مبسط عن وثائق تاريخية استند عليها ليحسم العديد من التساؤلات، ولأن التاريخ »وعاء للتجارب الإنسانية، فلابد من أن نستفيد من إنجازاته ونتجنب انتكاساته كما يقول المؤلف خاصة أن المسكوت قد يجيء عمدا، وقد يقع من غير قصد، فحين نعرف ونقرأ عن المسكوت عنه في العصرين الأموي والعباسي والخلافة العثمانية فإنك لن تجد عاقلا يطالب بعودة الخلافة مرة أخري، وحين نقرأ عن المسكوت عنه في اغتيال الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه نجد كثيرا من الحقائق المسكوت ولو قرأنا التاريخ الحديث نجد أنه حين سقطت العراق نهبوا متاحفها، وحين سقطت سوريا سرقوا تاريخها، وكأن التاريخ يعيد نفسه، كما قال المفكر اليوناني »سيمونيدس» هزمناهم »إسبرطة» ليس حين غزوناهم بل حين أنسيناهم تاريخهم وحضارتهم. ويتساءل د.وسيم أخبروني بالله عليكم.. كم في المائة من شعبنا المصري الجميل يعرف تاريخ بلاده؟ وكم منا يعرف أن مصر رائدة في العديد من المجالات ومنها: جراحات المخ والتربنة والكتاركت وأن أول قانون لحقوق الإنسان أصدره »حور محب» وأول توحيد كان منذ الأسرة الأولي، ثم أخبروني ما الفرق بين إنسان مصري يعرف تاريخه وآخر لا يعرف عنه شيئا!! وحين سألوا فرنسيس بيكون كيف تتقدم أوربا؟ قال: بأن يكون لها تاريخ، فردوا عليه. أوربا ليس لها تاريخ، فقال: إذن نأخذ التاريخ اليوناني الروماني والذي قام طبعا علي التاريخ المصري وياللعجب!! ويقول العالم »سولون» ربت علي كتفي أحد الكهنة المصريين وقال لي: أنتم أيها اليونانيون أطفال بالنسبة إلينا!! أما الدكتور طه حسين فيقول في كتابه: »مستقبل الثقافة في مصر» اليونانيون يعرفون أنهم تلاميذ للمصريين في حضارتهم الراقية، كما يقول المفكر الأمريكي مارتن بارنال صاحب كتاب »أثينا السوداء» الحضارة اليونانية كلها بل نصف الكلمات اليونانية القديمة كلها مصرية، والكتاب كما يقول المؤلف دعوة لتسجيل كل حدث رائع في تاريخ الوطن لنستلهم منه الأمل والطاقة والقدرة علي تقدم هذا الوطن، ومنا دعوة لتدريس هذا الكتاب بالغ الأهمية لطلاب المدارس في جميع المراحل حتي يتعرفوا علي تاريخ وطنهم الغالي.