هي قمم مختلفة من عدة أوجه فمكان عقدها »مكةالمكرمة» استثنائي بمعني التفرد.. فليس هناك مكان علي ظهر الأرض أحب لقلب أي مسلم من هذه البقعة المقدسة..حيث البيت الحرام والكعبة المشرفة.. وهي مهبط الوحي والقبلة التي تتوجه إليها أجساد وقلوب وعقول المسلمين..البقعة التي خرجت منها الرسالة السماوية لكل البشر.. وهي مختلفة في عقدها لما يواجه البلدان العربية والإسلامية من أخطار تهدد الهوية والوجود وسط تربص بدولها.. وهي مختلفة لأنها لن تكون مجرد قمة واحدة بل ثلاث قمم كل واحدة فيها لا تقل أهمية عن بقية القمم (القمة الإسلامية القمة العربية قمة مجلس التعاون الخليجي)... صحيح أننا أمام فعاليات الدورة الرابعة عشرة للقمة الإسلامية العادية لمنظمة التعاون الإسلامي والتي يتم التجهيز لها منذ ثلاثة أعوام وستعقد تحت شعار (قمة مكة: يدا بيد نحو المستقبل) ويحضرها قادة الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامي من أجل بلورة موقف موحد تجاه القضايا والأحداث الجارية في العالم الإسلامي.. كما أنه من المنتظر أن يصدر عن القمة الإسلامية »إعلان مكة» بالإضافة إلي البيان الختامي الذي سوف يتطرق إلي العديد من القضايا الراهنة في العالم الإسلامي.. إذ من المرتقب أن يبحث القادة موقف الدول الأعضاء في المنظمة من آخر المستجدات الجارية في القضية الفلسطينية بالإضافة إلي إعلان موقف موحد إزاء التطورات الأخيرة في عدد من الدول الأعضاء.. فضلا عن اتخاذ مواقف واضحة من الأحداث الأخيرة الخاصة بالأقليات المسلمة وما يتعلق منها بتنامي خطاب الكراهية ضد الجاليات المسلمة.. وما يعرف بظاهرة الإسلاموفوبيا وضرورة التصدي للإرهاب والتطرف العنيف..وغيرها من القضايا السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية التي تُعني بها المنظمة.. لكن الخبراء المتابعين للأحداث يحللون المشهد الحالي.. من منطلق أن دعوة الملك سلمان بن عبدالعزيز لعقد قمتين خليجية وعربية إلي جانب القمة الإسلامية في مكة تهدف إلي ترتيب البيت العربي والخليجي..فالبيت الخليجي يعاني في الحقيقة من جراح..كما أن البيت العربي يعاني أيضا من جراح دامية في أماكن كثيرة لذا فإن توحيد الصفوف لموقف حازم تجاه المهدد الوحيد للمنظومة العربية والمنظومة الخليجية وهو مهدد وجودي..ولا يمكن قبول المنطقة الرمادية لأن القبول بتلك المنطقة يعني القبول بالتدخل الإيراني السافر في الشئون الداخلية للدول العربية والتهديد لأمن دول الخليج والدول العربية وليس أمامك سوي أن تكون بالسفينة التي ستضم دول الخليج والدول العربية وبمساعدة المجتمع الدولي للعبور بسلام من تلك التهديدات.. إن المملكة السعودية تريد من وراء تلك الدعوة إرسال رسالة إلي إيران مفادها »أن هذه القمة هي دائرة سلام وليست حرب»..وفي نفس الوقت هي قمة سلام الشجعان الذين يملكون أيضا قرار الحرب.. كما أن قمتي مكة الخليجية والعربية من وجهة نظر العديد الدبلوماسيين - جاءتا في التوقيت الصحيح للتشاور في مواجهة التحديات التي تعصف بالمنطقة العربية والخليجية وفرصة للحوار بين الأشقاء والقادة والزعماء العرب حول قضايا العمل العربي وبحث سبل مواجهة الأزمات والتحديات التي تواجه الأمة والاستجابة السريعة من القادة والزعماء العرب لانعقاد القمتين دليل علي وجود رغبة لتحديد ماهي نقاط التوافق التي تؤهل للحفاظ علي استقرار المنطقة وحماية مقدراتها.. كما أنها في الوقت نفسه تؤكد أهمية الدور الذي تلعبه منظمة التعاون الإسلامي المحوري والدور الريادي لجامعة الدول العربية وضرورة التعاون والتنسيق بين المنظمتين.. إن كل الأحداث والمعطيات تقول.. إننا نعيش لحظة تاريخية..أصبح فيها مصير البشرية مرتبطا بمصير العالم الإسلامي..لأن ما يقع في بلاد العرب والإسلام يؤثر علي بقية أرجاء العالم أكثر من أي وقت مضي..وهذا الشعور بالترابط والمسئولية الخلقية هو ما يدفعنا لأن نسعي لاستدراك الحلول للمسائل الملتهبة التي تواجهنا..وأن نتضامن عبر العمل الملموس وأن يكون هناك تضامن علي مستوي الحكومات والمنصات غير الحومية كي يكون للتضامن قوة سياسية تدعمه وتأييد شعبي عام يسنده.. هذا الأمر يلخصه »الدكتور يوسف العثيمين..الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي» بقوله: إن جسامة القضايا وكبر حجم التحديات التي تواجه العالم الإسلامي في هذه الأيام..تتطلب الدفع بالجهود الإسلامية لمواجهة التحديات التي تعترض الأمة الإسلامية..ومن هذا المنطلق فإن قيادة تحرك جماعي للعمل علي حل المشكلات والأزمات والتصدي للتحديات التي تواجه عالمنا الإسلامي انطلاقا من المملكة العربية السعودية سيكون لها أثرها الإيجابي.. وأضاف: »إن استضافة المملكة للقمة التي تنعقد وسط ظروف وتحديات تواجه العالم الإسلامي تأتي للتأكيد علي المكانة الريادية للمملكة العربية السعودية - دولة المقر للمنظمة -.. وما يبذله خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز من جهود في جمع شمل الأمة الإسلامية وخدمة قضاياها..وإيضاح الصورة الحقيقية للإسلام الوسطي المعتدل النابذ للإرهاب والغلو والتطرف.. إن القمة ستبحث جملة من القضايا الراهنة وتبلور موقفا إسلاميا موحدا تجاه كل ما يلتبس علي الأمة لتخرج بقرارات تؤازر العالم الإسلامي علي مجابهة الأزمات..وستضع القمة علي رأس أولوياتها قضية فلسطين والتطورات الجارية في المنطقة ومواجهة الإرهاب والتطرف والتصدي لحملة الكراهية التي تبثها حركات اليمين المتطرف.. إن أمام قمم مكة فرصة لأن تكون نقطة تحول في تاريخ العمل الإسلامي المشترك وتجديد الأداء ليكون رقما غير قابل للتجاوز في كافة القضايا التي تهم العالمين العربي والإسلامي.