الرقابة التي أعرفها بحكم تخصصي في مجال الإذاعة والتليفزيون هي باختصار »منع البلاء قبل وقوعه»!! بمعني أن الرقابة تبدأ في ممارسة عملها بفحص النص وتقرير مدي صلاحية تقديمه في عمل فني من عدمه.. وهو ما تم التعارف عليه بأسم لجنة النصوص التي كانت تضم في عضويتها عددا من كبار الكتاب والنقاد تتولي قراءة النص وإبداء الرآي بشأنه وبناء علي قرارها يتم اعتماد العمل أو رفضه.. وفي حالة القبول يبدأ المؤلف في كتابة المعالجة الدرامية إلي جانب ثلاث حلقات علي الأقل لعرضها علي الرقابة لإبداء ملاحظتها والرآي النهائي قبل بدء التصوير.. وهي مهمة أقرب ما تكون إلي نظام »الفلترة» الذي يقوم بتنقية العمل من الشوائب سواء كانت لفظية كالعبارات السوقية والمبتذلة أو مشاهد خادشة للحياء تتعارض مع الاداب العامة بحيث يتم حذفها من السيناريو قبل التصوير.. أما بعد انتهاء التصوير يتم عرض الحلقات مرة اخري لإجازتها رقابيا بعد تنفيذ المحذوفات ان وجدت في تقارير المتابعة.. ومن هنا كان يتم رفع البلاء قبل ان يصبح أمراً محتوماً لا يمكن تجنب وقوعه بعد خروجه للنور!! ولذا اتساءل ماذا يفيد البكاء علي اللبن المسكوب، فالبلاء -والعياذ بالله - قد وقع فماذا يضيره لو تم رصده بمعرفة لجنة الدراما التابعة للمجلس الأعلي لتنظيم الإعلام أو حتي هيئة الاممالمتحدة !! أو حتي توقيع غرامات أو توجيه انذرات!! عارفين ليه لان الرقابة علي المصنفات الفنية مرفوعة من الخدمة منذ البداية رغم صراخات رئيسها د. خالد عبدالجليل !!