أحمد موسى: مصر لها جيش يحمي حدودها وشعبها ومقدراته    «القليوبية» تنفي تلوث مياه الشرب في المحافظة    تحديث أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 24-9-2024 في ختام التعاملات المسائية    بالصواريخ.. حزب الله يقصف قاعدة إيلانيا الإسرائيلية    وزير خارجية لبنان: حوالي نصف مليون نازح بسبب العدوان الإسرائيلي    تحرك عاجل من كاف قبل 72 ساعة من مباراة الأهلي والزمالك بسبب «الشلماني»    انتداب المعمل الجنائي لمعاينة حريق شقة سكنية بأكتوبر    بعد ظهورها في أسوان.. تعرف على طرق الوقاية من بكتيريا الإيكولاي    بشرى للموظفين.. موعد إجازة 6 أكتوبر 2024 للقطاع العام والخاص والبنوك (هتأجز 9 أيام)    عمارة ل«البوابة نيوز»: جامعة الأقصر شريك أساسي لتنمية المحافظة وبيننا تعاون مستمر    محافظ أسوان يطمئن المصريين: ننتظر خروج كل المصابين نهاية الأسبوع.. والحالات في تناقص    ريم البارودي تعود في قرار الاعتذار عن مسلسل «جوما»: استعد لبدء التصوير    «صعبت عليا نفسي جامد».. محمد شريف يتحدث عن لقطته مع كيروش    البحرين وكينيا تبحثان تطوير أوجه التعاون الثنائي في مختلف المجالات    مواعيد مباريات اليوم الأربعاء في الدوري الإسباني وكأس كاراباو بإنجلترا    قصف جنوب إسرائيل واشتعال قاعدة عسكرية للاحتلال    الاحتلال الإسرائيلي يواصل غاراته على جنوب لبنان ويسقط المزيد من القتلى والجرحى    خطر على القلب.. ماذا يحدث لجسمك عند تناول الموز على معدة غارفة    وزير الاتصالات: التعاون مع الصين امتد ليشمل إنشاء مصانع لكابلات الألياف الضوئية والهواتف المحمولة    قطع المياه اليوم 4 ساعات عن 11 قرية بالمنوفية    حال خسارة السوبر.. ناقد رياضي: مؤمن سليمان مرشح لخلافة جوميز    حمادة طلبة: الزمالك قادر على تحقيق لقب السوبر الأفريقي.. والتدعيمات الجديدة ستضيف الكثير أمام الأهلي    وفاة إعلامي بماسبيرو.. و"الوطنية للإعلام" تتقدم بالعزاء لأسرته    فريق عمل السفارة الأمريكية يؤكد الحرص على دفع التعاون مع مصر    بعد اختفائه 25 يوما، العثور على رفات جثة شاب داخل بالوعة صرف صحي بالأقصر    غلطة سائق.. النيابة تستعلم عن صحة 9 أشخاص أصيبوا في انقلاب سيارة بالصف    زيادة جديدة في أسعار سيارات جي إيه سي إمباو    محافظ الأقصر: «أي مواطن لديه مشكلة في التصالح يتوجه لمقابلتي فورًا»    ما حكم قراءة سورة "يس" بنيَّة قضاء الحاجات وتيسير الأمور    محافظ الأقصر ل«البوابة نيوز»: المرحلة الثانية لمبادرة حياة كريمة تستهدف قرى البياضية والقرنة    قرار جديد من الكويت بشأن منح وسحب الجنسية    الكيلو ب7 جنيهات.. شعبة الخضروات تكشف مفاجأة سارة بشأن سعر الطماطم    السفير ماجد عبد الفتاح: تعديل موعد جلسة مجلس الأمن للخميس بمشاركة محتملة لماكرون وميقاتي    السعودية وبلغاريا تبحثان تعزيز علاقات التعاون    مقتل عنصر إجرامي خطر خلال تبادل إطلاق النار مع الشرطة في قنا    بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم الأربعاء والأرصاد تزف بشرى سارة لمحبي الشتاء    لرفضه زواجه من شقيقته.. الجنايات تعاقب سائق وصديقه قتلوا شاب بالسلام    حريق داخل محل بجوار مستشفى خاص بالمهندسين    المباراة 300 ل أنشيلوتي.. ريال مدريد يكسر قاعدة الشوط الأول ويفلت من عودة ألافيس    تشيلسي يكتسح بارو بخماسية نظيفة ويتأهل لثمن نهائي كأس الرابطة الإنجليزية    وفاة الإعلامي أيمن يوسف.. وعمرو الفقي ينعيه    حظك اليوم| الأربعاء 25 سبتمبر لمواليد برج الحمل    خلال لقائه مدير عام اليونسكو.. عبد العاطي يدعو لتسريع الخطوات التنفيذية لمبادرة التكيف المائي    حظك اليوم| الأربعاء 25 سبتمبر لمواليد برج القوس    حظك اليوم| الأربعاء 25 سبتمبر لمواليد برج الحوت    حدث بالفن| وفاة شقيق فنان ورسالة تركي آل الشيخ قبل السوبر الأفريقي واعتذار حسام حبيب    رياضة ½ الليل| الزمالك وقمصان يصلان السعودية.. «أمريكي» في الأهلي.. ومبابي يتألق في الخماسية    هل الصلاة بالتاتو أو الوشم باطلة؟ داعية يحسم الجدل (فيديو)    بعد الاستقرار على تأجيله.. تحديد موعد كأس السوبر المصري في الإمارات    محافظ شمال سيناء يلتقي مشايخ وعواقل نخل بوسط سيناء    «اللي يصاب بالبرد يقعد في بيته».. جمال شعبان يحذر من متحور كورونا الجديد    هل هناك جائحة جديدة من كورونا؟.. رئيس الرابطة الطبية الأوروبية يوضح    طريقة عمل الزلابية، لتحلية رخيصة وسريعة التحضير    رسائل نور للعالمين.. «الأوقاف» تطلق المطوية الثانية بمبادرة خلق عظيم    حقوق الإنسان التى تستهدفها مصر    أمين عام هيئة كبار العلماء: تناول اللحوم المستنبتة من الحيوان لا يجوز إلا بهذه الشروط    خالد الجندي يوجه رسالة للمتشككين: "لا تَقْفُ ما ليس لكم به علم"    صوت الإشارة.. قصة ملهمة وبطل حقيقي |فيديو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الماعت ضد الفوضي!
نشر في أخبار السيارات يوم 16 - 03 - 2019

كان المصريون القدماء من أوائل الشعوب التي قدست الحق والحقيقة، وأعلت من شأن العدالة، واحترمت الصدق والقانون، وبنت حضارتها علي النظام الكوني المستقر.ومنذ تاريخها المبكر، اهتدت مصر القديمة إلي معرفة وممارسة الحقيقة والعدالة والحق والقانون والنظام بمعناه العام، وأيضًا النظام الكوني المتوازن، والقيم المعنوية والمادية المبنية والمستمدة من هذه المفاهيم المطلقة ومقوماتها الإيجابية.
ورمز المصريون القدماء إلي هذا كله بآلهة ذات طبيعة حساسة وصفات عظمي. وكان من صدق حسهم وحدسهم بها وتعظيمهم لشأنها أن أطلقوا عليها اسم »ماعت»‬. ويعني هذا الاسم حرفيًا »‬الصدق» أو »‬العادلة». واعتبروا هذه الربة المميزة ابنة لرب الأرباب، المعبود الكوني رب الشمس »‬رع». وصور المصريون القدماء عادة تلك الربة المهمة علي هيئة سيدة تشير إلي العدالة في مفهومها العام، إما واقفة أو جالسة، تعلو رأسها ريشة ترمز إلي نزاهة الحكم والعدالة المطلقة وتمسك بيدها اليمني علامة »‬عنخ» (وتعني »‬الحياة») التي كانت ترمز إلي الحياة في كل مناحيها وسياقها العام والخاص مما يعني أن الحياة لا تستقيم دون عدالة، وحملت في يسراها صولجانًا يرمز إلي الحكم الرشيد المستند إلي الحق والشرعية وتطبيق العدالة وسيادة القانون وتفعيل وإرساء الحق وتقديس الصدق .
ونظرًا لما جسدته تلك الربة »‬ماعت» من قيم نظامية وأخلاقية عدة، فقد جسدت المفهوم الذي دعت إليها آلهة مصر الكبري المؤسسة والحامية للدولة المصرية من خلال تكليف الملك المصري الحاكم والذي كان ممثلاً لهم علي الأرض بصفته ابن الآلهة وممثل الأرباب إلي تطبيق »‬الماعت» كنظام كوني شامل يدور النظام السياسي والإداري، وغيره من النظم، في فلكه الرصين الذي لا يصيبه الخلل أبدًا. وأقام الملوك الفراعنة دولتهم العريقة والمستقرة علي أساس متين من »‬الماعت» وبوحي وهدي منها وتحت إرشادها القويم. وكان هذا أحد أهم أسباب نجاح وتميز وازدهار الدولة المصرية القديمة ورأس النظام الحاكم المتمثل في شخص الملك الذي كان يتولي الحكم نيابة عن الآلهة باسم »‬الماعت»، وكذلك ممثلوه من كل رجال الحكم مثل الوزير والكهنة وكبار رجال الدين وقادة الجيش وحكام الأقاليم والقضاة وكل الموظفين العسكريين والمدنيين إلي أصغر موظفي الدولة المصرية العريقة في فنون الإدارة والتدوين والتراتب الوظيفي.
وكان كل هذا يحدث بشكل منظومي ومنهجي دون خلل عبر عصور ازدهار الحضارة المصرية العظيمة عبر تاريخ مصر الفرعونية الطويل. وعلي الجانب الآخر، كان في الحياد عن قيم »‬الماعت» وما يرتبط بها من تلك القيم المهمة في مصر القديمة انهيار تام للدولة المصرية وسيادة الظلم وتفشي الفساد وغياب العدالة وفشل النظام حاكمًا وممثلين له ومحكومين كما في عصور الانتقال أو الاضطراب والتي حدثت في مصر الفرعونية لثلاث مرات بعد عصر الدول القديمة، والذي تم تعريفه بعصر الانتقال الأول والذي سقطت فيه السلطة المركزية وسيطر حكام الأقاليم علي أقاليمهم واعتبر كل واحد منهم من نفسه حاكمًا مستقلاً عن العاصمة المركزية في منف العاصمة العريقة. وحدث أيضًا بعد عصر الدولة الوسطي حين احتل بعض الأجانب شمال مصر وتحديدًا الدلتا المصرية إلي شمال مصر الوسطي، وهم الهكسوس الذين أسّسوا عاصتمهم في منطقة »‬أواريس» أو »‬أفاريس» أو منطقة »‬تل الضبعة» الحالية في محافظة الشرقية. ونجح الملك »‬أحمس الأول» في القضاء عليهم وتحرير أرض مصر الطيبة من حكمهم البغيض وطردهم إلي جنوب فلسطين مما أدي إلي انتهاء ذكرهم من التاريخ إلي الأبد بعد أن حكموا مصر لمدة قرن من الزمان. وكانت فترة حكمهم أول مرة يتم في احتلال أرض مصر من قبل محتل خارجي، مما جعل مصر تفكر في تكوين إمبراطورية لها في آسيا وأفريقيا وتكوين منطقة دفاعية عازلة خارج الحدود المصرية حتي لا يقع أي اعتداء علينا علي أي جزءمن الأرض المصرية. وحدث الضعف أيضًا حينما خارت قوي مصر بعد عصر الإمبراطورية، أو عصر الدولة الحديثة، الأكثر ازدهارًا في مصر الفرعونية، وسقطت مصر في هوة التفتت والتشرذم والاحتلال الأجنبي لها من قبل الليبيين والنوبيين المتمصريين. ثم جاء عصر الأسرة السادسة والعشرين الصاوية ليعيد مصر إلي مجدها القديم، ربما للمرة الأخيرة، قبل سقوط مصر تحت حكم الفرسان والإغريق وتحول مصر إلي مملكة يحكمها الغرباء، ثم تصير مصر جزءًا من الإمبراطورية الرومانية وغيرها،ومن ثم تفقد استقلالها إلا في بعض الفترات القليلة.
وكان المصريون القدماء عباقرة بامتياز حين رمزوا إلي عكس مفهوم »‬الماعت» بمفهوم آخر أكثر إثارة هو مفهوم»‬الإسفت».ورمزوا به إلي الفوضي والقيم الهدامة واللانظام والعشوائية في كل شيء.وكان غياب مفهوم »‬الماعت» (العدالة) بكل ما تحمل هذه الكلمة العظيمة من قيم غالية في مصر القديمة السبب في أن نري مصر القديمة في لحظات ضعف لم تشهدها من قبل بسبب التزامها بقيم »‬الماعت» آنذاك، وكان البعد عن الماعت بعدًا عن الحق والخير والجمال وكل ما هو أصيل في تراث مصر القديمة العريق.
لقد كانت »‬الماعت» هي وجه مصر القديمة المشرق، بينما كانت »‬الإسفت» الفوضي هي وجه مصر القديمة المظلم. إن قصة الحضارة في مصر الفرعونية هي قصة إقامة »‬الماعت»، وقصة الفوضي في مصر الفرعونية هي سيادة »‬الإسفت». إن قصة مصر الفرعونية باختصار هي قصة الصراع بين »‬الماعت» (العدالة والنظام) و»‬الإسفت» (الفوضي) علي أرض مصر الفراعنة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.