من مستنقع للمخلفات والأوبئة والأمراض إلي مسار جديد للتنمية الشاملة والمستدامة، تشهد »ترعة المحمودية» تطورات متلاحقة ضمن ما يعرف بمشروع »شريان الأمل» الذي يغير خريطة الإسكندرية جغرافيًا وإقتصاديًا وإجتماعيًا. وفي مؤتمر الشباب الرابع، ومن داخل مكتبة الإسكندرية، أعطي الرئيس عبد الفتاح السيسي، الضوء الأخضر للواء أحمد العزازي رئيس الشعبة الهندسية بالمنطقة الشمالية العسكرية لبدء أولي إجراءات تنفيذ المشروع الأضخم في عروس البحر المتوسط. ولإنجاز المشروع في الموعد المحدد، فبراير 2019، تحولت العاصمة الثانية لخلية نحل، وانتشرت 450 معدة علي جانبي الترعة في منظومة عمل دؤوب لا تتوقف ليلًا أو نهارًا. ويتضمن مشروع تنمية المحمودية إقامة محور مروري جديد يضاهي كورنيش الإسكندرية بطول 21٫1 كيلو متر، يسع من 6 إلي 8 حارات مرورية في كل اتجاه، وذلك بردم وتغطية المجري المائي لترعة المحمودية من خلال خطوط مواسير مدفونة ذات قطر كبير. وينقسم المشروع الذي يبدأ من الحدود الإدارية لمحافظة الإسكندرية بالكيلو 56 »مخرج ترعة راكتا» شرقا وحتي المصب بمنطقة الدخيلة بالكيلو 77٫1 غربًا إلي ثلاث قطاعات. القطاع الأول »المفتوح» يصل ما بين كوبري الطريق الدولي وحتي تقاطع كوبري العوايد بطول 7.400 كيلو متر، ويمر معظمه بمناطق زراعية، ويتضمن إنشاء 6 كباري للسيارات، تم البدء في عمل الهيكل المعدني ل 5 منها. أما القطاع الأوسط فيمتد بين تقاطع كوبري العوايد وحتي بحيرة خلف المطار بطول 6.400 كليو متر ويمر بمناطق حضرية، ويتضمن منطقة البحيرات المفتوحة بطول 1.3 كيلو متر. وحول ما تم إنجازه في هذا القطاع، رصدت »أخبار اليوم» في جولة بموقع المشروع الانتهاء من أعمال فك التدبيش الجانبي وإزالة التعديات وردم أجزاء كبيرة من المجري المائي بعد دفن المواسير وعمل بيارات وهدم الكباري القديمة. بينما يجري تجهيز أول منطقة خدمية بمنطقة حجر النواتية تضم مركزا رياضيا به ملعب كرة وحمام سباحة وصالة متعددة الأغراض، بالإضافة إلي منطقة تجارية ومجمع للخدمات الإدارية ونموذج للمراكز التنموية بطول المحور. وشهد القطاع الثالث والأخير من محور المحمودية، والذي يمتد بين جنابية خلف المطار وحتي المصب بطول 7.810 كم، ويمر بمناطق مزدحمة بالسكان. انتعاش للاقتصاد والاستثمار ومن جانبه، قال الدكتور عبد العزيز قنصوه، محافظ الإسكندرية، إن المشروع ينفذ علي 5 مراحل بتكلفة 4.7 مليار جنيه تحت الإشراف الكامل للشعبة الهندسية بالمنطقة الشمالية العسكرية. وأشار»قنصوه» إلي أن المشروع سيعمل علي انتعاش الاقتصاد والاستثمار بالإسكندرية بحل مشكلة التكدس المروري، وتكوين مجتمعات صناعية جديدة في المناطق ذات الكثافة الضعيفة، فضلا عن رفع كافة مظاهر التلوث، والحد من نمو المناطق العشوائية. وأوضح أنه تم حصر جميع الأراضي والمنشآت غير المستغلة علي محور المحمودية وبيان جهة الولاية ونشاطاتها، لافتا إلي أن مساحة الأراضي والمصانع والكيانات غير المستغلة علي مسار ترعة المحمودية نحو 2 مليون و117 ألفا و239 مترا مربعا، بقيمة 43 مليار جنيه تقريبا. الظهير الجنوبي للإسكندرية الدكتور محمد أحمد نصر، أستاذ قسم الهندسة العمرانية بجامعة الإسكندرية والمنسق الفني لفريق العمل المعماري والتخطيط للمشروع، وصف المشروع بأنه ليس فقط تطوير محور مروري ولكنه ركيزة تنموية للظهير الجنوبي لمحافظة الإسكندرية. وأشار إلي أنه سيتم وضع 4 خطوط لمواسير مياه مغلقة بأقطار مختلفة علي طول المشروع، الأول لمياه الشرب، والثاني خاص بمياه الأمطار، والثالث لتجميع مياه الرشح والرابع لري المسطحات الخضراء. وأضاف أنه تم مناقشة كافة البدائل والمقترحات للوصول للحل الأمثل لتحقيق الأهداف المرجوة منه والتي تتضمن تدبير الموارد المائية الإضافية المستقبلية لمياه شرب لحوالي مليون نسمة تقريباً، والسيطرة والحد من العشوائيات الخطرة. حارة لأتوبيسات النقل العام وبدوره، كشف اللواء خالد عليوة، رئيس هيئة النقل العام في الإسكندرية، أن المشروع يتضمن إنشاء محور مروري منفصل لأتوبيسات النقل العام، وذلك لأول مرة في مصر، مما يساهم في حل مشكلة النقل والمرور. وقال»عليوة» في تصريح ل »أخبار اليوم»، إن متوسط طاقة النقل للأتوبيسات ضمن المحور الجديد تصل إلي 5000 راكب/ الساعة وفترة التقاطر مدتها 4 دقائق، مؤكدا أن زمن الرحلة بأتوبيس النقل العام علي المحور الجديد لن تزيد علي 30 دقيقة. وأضاف رئيس هيئة النقل العام بالإسكندرية، إن المحور الجديد علي ترعة المحمودية سوف يصبح موازيا لطريق كورنيش الإسكندرية والذي يتحمل الضغط المروري الأكبر منذ 30 عاما. ومن جانبه، قال الشيخ محمد خشبة، وكيل وزارة الأوقاف الإسكندرية، أنه سيتم بناء 14 مسجدا جديدا بطراز مميز بطول محور المحمودية ضمن المشروع، مشيرا إلي أنه تم هدم 6 مساجد حتي الآن. وأوضح الشيخ خالد عبد العظيم كبير الباحثين في الدعوة والإفتاء، بأنه لا يجوز إقامة أي منشأة حتي ولو مسجد علي حرم النهر.