■ أحد متاجر الماس في نيويورك تتميز مدينة نيويورك بأنها من أكثر المدن تنوعا وثراء في العالم.. فهي بلا منازع أكبر مركز تجاري وترفيهي وإعلامي حيث تضم أحياءها كبري الشركات العالمية التي تسيطر علي هذه المجالات. ومن ضمن ما تتميز به المدينة دون غيرها من مدن العالم وجود حي »الماس» الذي يعتبر من المعالم المهمة في المدينة ليس لكونه مركزا ضخما لتجارة الماس والمجوهرات فقط، ولكن لأنه يحوي العديد من الأسرار والغموض المرتبط بهجرة اليهود من هولندا إلي الولاياتالمتحدة وسيطرتهم الكبيرة علي الاقتصاد الأمريكي. ارتبط هذا الحي بتواجد كبير لليهود المتدينين، فبمجرد أن تمر به يلفت انتباهك انتشار العديد من الرجال يرتدون الملابس اليهودية السوداء المميزة والقبعات الكبيرة التي يرتديها الحاخامات والصغيرة المعروفة باسم الكيباه التي يرتديها اليهود الارثوذكس صغارا وكبارا. يقع هذا الحي المسمي (47) بين أكبر شارعين في منهاتن هما الشارع الخامس والسادس تصطف علي جانبيه المحلات المضاءة بشكل مذهل وتزداد إضاءتها بالماس والألماظ الذي يشع من داخل فاترينات العرض الزاهية التي تخطف أنظار المارة، يختلط هذا المشهد بحركة كبيرة وسط تواجد مكثف لرجال الشرطة وسيارات الشحن المصفحة المخصصة لنقل هذه البضائع الثمينة. خلف هذا المشهد التجاري هناك عالم سري صنعه اليهود المهاجرون الذين وصلوا إلي المدينة فارين من الاضطهاد بعد الحرب العالمية الثانية. كان معظم هؤلاء اليهود من اصول برتغالية وهولندية يتقنون مهنة تقطيع وتلميع الماس، وبالتالي نجحوا في تكوين شبكة علاقات مع تجار الماس الذين يجلبونه من الهند والبرازيل قبل عشرات السنين من وصولهم إلي أمريكا. وبعد وصولهم استقر معظمهم في شارع 47 وبالتالي، ولد حي الماس الذي أصبح الآن أكبر سوق للماس في العالم. يمر حوالي 90 ٪ من الماس المستوردة إلي الولاياتالمتحدة عبرهذا الحي أولاً. ويعد الماس أكبر صادرات ولاية نيويورك، وتقدر مبيعاته وحده بحوالي 24 مليار دولار سنويا. وتمكن اليهود من وضع قوانين الحي ولغته الخاصة حتي أصبحت المصطلحات العبرية هي المتداولة بين التجار في البيع والشراء. ومن بين قوانين هذا الحي ان »أي عرض شفهي ملزم بين المتعاملين، فعندما يتم التعبير عن الاتفاق بعبارات القبول مثل »مازل» و»بروشي» وهما تعنيان حظ طيب ومع البركة»، فهذا يعني أن الامر انتهي ولا يمكن التراجع، وفقا لأحد تجار الحي، الذي يقول ان هذا الحي بني علي مبدأ »الامانة»، علي حد قوله. يقوم بائعو الماس في هذا الحي باستخدام مصطلحات تقنية لوصف سلعهم وتحديد قيمتها وسعرها وقيمتها ووزنها وما اذا كانت تتضمن عيوبا في التصنيع والتصميم، بالإضافة إلي قيمته عن الماس عند الفحص دون أن تعرف أي شيء اذا كنت من خارج الحي. لم تقتصر سيطرة اليهود علي المحلات التي تعرض المجوهرات الثمينة في الحي بل تعدت ذلك، فخلف هذه المحلات هناك صناعة كاملة يسيطرون عليها بداية من جلب الماس والالماظ من منابعه الخارجية وصولا إلي شركات وورش منتشرة علي أسطح مباني هذا الحي والتي يقوم صناع يهود بإدارتها، وبينهم المتخصصون في تقطيع الماس وفرزه وتثمينه وتصميمه ثم اعداده وصقله ليخرج في شكله النهائي للبيع. ورغم تسميته ب »حي»، إلا انه في الحقيقة شارع صغير، يضم بين جنباته أكثر من 2600 متجر تبيع كل شيء من الماس والأحجار الكريمة والمجوهرات الراقية والذهب والساعات. بعضها متاجر فردية وبعضها أسواق كبيرة يتنافس فيها حوالي 100 من صائدي المجوهرات علي جذب اهتمام الزوار والتجار، لكن الصفقات خلف الجدران ضخمة جدا. وقدر عدد العاملين في هذا المجال ب60 الفا بينهم 35 الفا يتواجدون في الحي فقط.