كان ضروريا أن أسأل الدكتور خالد عبدالغفار وزير التعليم العالي، عن الفرق بين خريج كليات الهندسة في الجامعات المصرية الحالية، وبين خريج نفس الكلية من الجامعة الدولية الألمانية، التي تبدأ الدراسة بها عام 2020؟ قال إن الجامعة الجديدة تقوم بتدريس العلوم التطبيقية التي يحتاجها سوق العمل، وهي تمنح درجة البكالوريوس والماجستير والدكتوراة، والجرعة التدريبية هي الأساس، وهذا ما يميز ألمانيا عن غيرها من دول العالم، وسيجد الخريج فرصة عمل في الداخل والخارج، لأن الشهادة التي يحصل عليها معتمدة من الجامعة الجديدة، وهي شهادة دولية، وهذا النوع من التعليم في ألمانيا أمن قومي. للايضاح: لأول مرة تسمح ألمانيا بإنشاء جامعات من هذا النوع خارج أراضيها، مما يعكس تقديراً كبيراً لمصر ورغبتها في تقديم الدعم والمساندة، بهذا النموذج الذي تقوم عليه الصناعة الألمانية، والجامعة الجديدة سيكون مقرها في العاصمة الإدارية الجديدة. لكن تبقي بعض الصعوبات الواجب تذليلها، ليصبح الحلم حقيقة: أولاً: سرعة تخصيص الأراضي المخصصة لبناء الجامعة، وأن تكون الأسعار رمزية، حتي لا يُستهلك المبلغ الذي خصصته الحكومة الألمانية في شراء الأرض.. ثانياً سرعة إصدار التشريع القانوني والإجراءات الإدارية اللازمة حتي لا يقع المشروع الأمل في براثن الروتين.. ثالثاً: البدء علي الفور في تهيئة بعض المصانع والمراكز الانتاجية لاستقبال الطلاب والدراسة وبدء المنظومة الجديدة، ضمانا لنجاحها وجديتها. الجامعة الجديدة عبارة عن تحالف بين 11 جامعة ألمانية، بجانب الجامعة الألمانية بالقاهرة، وتعتمد علي التدريبات المكثفة في المصانع والشركات، سواء الدراسات التطبيقية، أو العمل علي ايجاد حلول علمية لمشكلات قائمة، ومناهجها هي نفس المناهج التي يتم تطبيقها في الجامعات الألمانية، وتتم المراقبة علي طرق التدريس ومستوي الأداء وبصفة دورية من اساتذة ألمان، بجانب هيئة تدريس ألمانية، ومن الأساتذة الألمان العاملين في مصر، والشهادة يتم اعتمادها من ألمانيا، والتدريس باللغة الإنجليزية. مشروع الجامعة التطبيقية في مصر، هو الأهم في السنوات القادمة ويؤدي إلي تغيير جذري في نظام التعليم في مصر، بعد ان انفصلت الجامعات عن المجتمع وعن البحث العلمي، وأصبحت تمنح شهادات لا قيمة لها في سوق العمل، وتدفع بآلاف الخريجين الذين يعانون البطالة، بينما هناك فرص عمل حقيقية لا تجد من يشغلها، وبالتالي فشعار الجامعة هو »خريجون للعمل وليس للبطالة». الألمان قادمون لمصر بهذا المشروع العملاق، ونهضة ألمانيا وتقدمها أساسها التعليم التطبيقي، الذي يستحوذ علي 70٪ من أنواع التعليم الأخري، وهذا النظام هو الذي جعلها سيدة العالم اقتصاديا، وناتجها المحلي 3.3 تريليون يورو، ومتوسط دخل الفرد 40 ألف دولار سنوياً. ألمانيا لا تعرف شيئا اسمه البطالة، أو الخريجين العاطلين الجالسين في بيوتهم في انتظار وظيفة حكومية، ولكنها تحسن استخدام قوتها البشرية، ولا تهدر منها شيئا، وتوجهها في المجالات التي تحتاجها البلاد، وساعدتها النهضة الصناعية في توفير حياة كريمة لمواطنيها، بجانب التحكم في الأسواق، حيث لا تتجاوز معدلات التضخم 1.5٪. التعليم هو حجر الزاوية، ومصر تضعه في صدارة أولوياتها، فلا تقدم ولا مستقبل في ظل نظام التعليم الحالي، الذي يهدر إمكانيات الدولة وطاقات شبابها، ولمس الرئيس السيسي مدي الاهتمام بمصر، والرغبة في التعاون معها، في كل اللقاءات والمباحثات المكثفة التي عقدها في ألمانيا. من أهم اللقاءات التي حضرها الرئيس الغرفة المستديرة مع مستثمرين وكبريات الشركات الألمانية، وعبروا عن رغبتهم الحقيقية في الاستثمار في مصر، من شركات البتروكيماويات حتي السيارات، مما يهيئ الأجواء للدخول في استثمارات قوية، تتيح نقل التكنولوجيا الألمانية المتقدمة، وزيادة فرص التشغيل، والمشروعات الانتاجية التي تحتاجها البلاد. ألمانيا منذ أربع سنوات، ليست ألمانيا الآن، في علاقتها مع مصر، كانت متحفزة وأصبحت متعاونة، بعد أن لمست المصداقية والجدية والعزيمة في إدارة البلاد، والثقة الكبيرة التي يتمتع بها الرئيس عبدالفتاح السيسي، والألمان يقولون عنه »إذا وعد نفذ».