تمر شجرة العائلة المالكة البريطانية وخلافة العرش ببعض التغييرات بين الحين والآخر.. ألقاب تمنح ويتوج أفرادها أو عندما يحل مولود ضيفاً جديداً أو بزواج أحدهم.. تشتهر الأسرة الأكثر عراقة في بريطانيا بأنها أكثر تعقيداً، مع عدد قليل من حالات الطلاق والزواج الثاني وتكرار الاسم. سيعرف الكثيرون قصة حياة الملكة إليزابيث الثانية بفضل المسلسل الشهير The »rown وإلي أي مدي تعد الأمور معقدة عندما يصبح شخص ما فرداً من العائلة المالكة، فقد قام المسلسل بتأريخ حياتها من مرحلة التتويج قبل الثلاثينيات من عمرها. تعد الملكة صاحبة أطول فترة حكم بين ملوك العالم، بعد أن ظلت علي العرش منذ 66 عاماً، جالسة علي رأس شجرة العائلة المالكة البريطانية، التي تضم أربعة أبناء: الأمير "تشارلز"، أمير ويلز وولي العهد، والأمير "أندرو" دوق يورك، والأمير "إدوارد" إيرل وساسكس، والأميرة آن وثمانية أحفاد (الأمراء وليام وهاري وبيتر وجيمز والأميرات زارا وبياتريس وأوجيني ولويز) هذا بالإضافة إلي أبناء وليام وبيتر وزارا. في أبريل الماضي، استقبل نجل ولي عهد بريطانيا الأمير "وليام"، دوق كامبريدج وزوجته دوقة كامبريدج، "كيت ميدلتون"، مولودهما الثالث الأمير "لويس" الذي بات ترتيبه الآن الخامس علي عرش بريطانيا، وأزاح عمه الأمير هاري إلي المرتبة السادسة. وللمرة الأولي في تاريخ النظام الملكي البريطاني، لا يتقدم هذا الطفل الأمير "لويس" علي شقيقته في ترتيب خلافة العرش وستحتفظ الأميرة "شارلوت" بترتيبها الرابع في العرش، عملا بتعديل يحد من تفوق الذكور علي الإناث في خلافة العرش كل من تم ولادته بعد تاريخ أكتوبر 2011. فبات الطفل البكر هو الذي يرث العرش بغض النظر عن جنسه وليس الذكر الأكبر. فيما انضمت الممثلة الأمريكية "ميجان ماركل" إلي العائلة بعد إتمام زواجها من الأمير هاري حفيد ملكة إنجلترا إليزابيث الثانية، خلال مايو الماضي، ليصبحا أحدث زوجين في العائلة الملكية البريطانية في احتفال كبير بقصر وندسور التاريخي؛ وعلي إثرها منحت الملكة حفيدها الأمير هاري لقب دوق ساسكس، ما يعني حصول زوجته ميجان علي لقب دوقة ساسكس.. وبجانب الملكة إليزابيث يجلس زوج الملكة الأمير "فيليب" دوق إدنبره، في أعلي شجرة العائلة المالكة ولكن لم يتدرج في الخط الملكي للخلافة، وفقاً لتقرير مجلة "تايم" الأمريكية. لم يكن أحد يتوقع يوماً أن تتوج "إليزابيث" ملكة لأنها ابنة الابن الثاني لملك بريطانيا. فقد ولدت "إليزابيث" في 21 من أبريل 1926، ووالدها هو الابن الثاني للملك "جورج الخامس"، الأمير "ألبرت"، دوق "يورك". وجاءت إليزابيث في المقام الثالث في اعتلاء العرش. لم يتزوج شقيق "ألبرت" الأكبر "إدوارد"، أمير "ويلز"، بعد، لكن العائلة كانت واثقة من أنه سيستقر وينجب الأطفال قريباً؛ وهو ما دفع دوق ودوقة يورك لوضع أسس حياة نشأت بعيدة عن الأضواء إلي كل من إليزابيث وابنتهما الثانية مارجريت. ولكن عندما كانت إليزابيث لا تزال صغيرة، بدأ عمها "إدوارد" في قضاء وقت طويل مع المطلقة الأمريكية "واليس سيمبسون"، ما أثار مخاوف القصر الملكي؛ حيث لم يكن يسمح لأفراد العائلة المالكة بالزواج من المطلقات وقتها. وانتشرت الشائعات حول علاقتهما وروجت الصحافة الأمريكية لها وسط صمت من الصحافة والإعلام البريطاني، علي الرغم من تأكيد إدوارد لعائلته أن سيمبسون كانت مجرد صديقة. وغضب الملك والملكة عندما دعا إدوارد صديقته واليس إلي حفلة اليوبيل الفضي للملك عام 1935. لكن الوضع بات أزمة قومية في بريطانيا عندما توفي الملك جورج الخامس في 20 يناير 1936، وحينها شعر كبار العائلة بالقلق من نوايا إدوارد مع واليس خاصة مع تسميته الملك إدوارد الثامن. وتم تأكيد هذه المخاوف عندما تقدمت واليس بطلب الطلاق من زوجها الثاني. وفي 16 نوفمبر 1936، استدعي إدوارد رئيس الوزراء البريطاني "ستانلي بالدوين" إلي قصر باكنجهام لإعلان نيته في الزواج من واليس وجعلها ملكة. أخبر بالدوين الملك أن الشعب البريطاني لن يقبل عروسه علي أسس أخلاقية: إدوارد كان رئيس الكنيسة الإنجيلية، وبالتالي فهو ملزم بقوانينها الأخلاقية. ولكن إدوارد قرر أن يتنازل عن العرش في العاشر من ديسمبر من العام نفسه بعد 325 يوماً فقط من تسلمه مقاليد الحكم. وعلي إثر ذلك، انتقل الحكم إلي ألبرت، والد الملكة إليزابيث، الذي عرف بتردده فيما يتعلق بمسائل الحكم. وبحسب المجلة الأمريكية فإن الملك كان متردداً وانهار وبدأ في البكاء مثل الطفل، عندما كان بصدد مناقشة قرار شقيقه بالتخلي عن العرش مع والدته. فلم يتم إعداده ليكون ملكاً، فلم يسبق له أن شاهد وثيقة رسمية في حياته، فضلاً عن أنه واجه صعوبة في الحديث أمام الملأ. ولكن ألبرت كان ملزماً بحكم الواجب، وتم منحه لقب الملك جورج السادس، ليوجه رسالة مفادها قدرته علي الاستمرار في وقت عصيب. وسرعان ما انتقلت عائلته إلي قصر باكنجهام. وعلي الرغم من حقيقة أن إليزابيث أصبحت وريثا للعرش، إلا أن الملك والملكة أعطيا الأولوية لإسعاد إليزابيث ومارجريت علي الاهتمام بتعليمهما. وتكهن بعض كتاب السيرة الذاتية بأن الملك لا يريد أن تتمكن ابنته من التفوق عليه. من المؤكد أن الملكة اعتقدت أن النساء اللواتي سيحصلن في نهاية المطاف علي وظائف يجب أن يذهبن إلي المدرسة. وتلقت الأميرات ساعة ونصف فقط من الدراسة في اليوم الواحد. وعندما بدأت الحرب العالمية الثانية، اختفي أي شعور بالحياة الطبيعية في بريطانيا. في عام 1940، نقلت الأميرتان إلي قلعة وندسور، علي بعد حوالي 20 ميلاً من لندن، من أجل سلامتهما وظلتا هناك لمدة خمس سنوات حتي هزم الحلفاء ألمانيا. فيما ظل والدهما في قصر باكنجهام. وعقب الحرب، جاءت لحظة استقلال إليزابيث في أوائل عام 1945 عندما سمح لها والدها بالتدريب لمدة ثلاثة أسابيع في مركز تدريب النقل الميكانيكي كجزء من المجهود الحربي. وعادت إليزابيث ومارجريت إلي لندن، بعد أن تعرفت علي الأمير "فيليب"، وأحبت ذلك البحار الطويل الأشقر، وتزوجا فيما بعد. وفي عام 1951، كان الملك جورج السادس يعاني من مشاكل صحية منذ وقت طويل حتي تدهورت حالته. أخفت العائلة الأخبار عن الصحافة، لكن "مارتن تشارترس" السكرتير الخاص لإليزابيث ، أخذ علي عاتقه حمل إعلان اعتلاء العرش في حالة وفاة الملك عندما كانت إليزابيث خارج البلاد. وفي يناير 1952، انطلقت إليزابيث وفيليب إلي كينيا، وهي أول محطة في جولة ملكية كان من المفترض أن يقوم بها الملك. وفي صباح يوم 6 فبراير، توفي الملك "جورج السادس" عن عمر يناهز 56 عاماً. وانتشر الخبر في جميع أنحاء إنجلترا، وبذلك تم إعلاؤها العرش. وتفيد تقارير أن رئيس الوزراء "وينستون تشرشل" آنذاك كان يتذمر من حقيقة أن إليزابيث، البالغة من العمر 25 عاماً ، كانت "مجرد طفلة". وتم استبعاد "دوق وندسور" مرة أخري من قائمة الدعوة لحضور تتويجها مثلما حدث في حفل زفافها. لكن الملك السابق، شاهد الحفل في 2 يونيو 1953 بجانب 20 مليون شخص آخر حول العالم. فيما تجمع ثلاثة ملايين من المتفرجين في الشوارع للتهليل مع وصول الملكة إلي كنيسة ويستمنستر في عربة ذهبية طولها 24 قدما. وكانت الملكة ترتدي ثوباً مزيناً برموز بريطانيا العظمي والكومنولث، وبدأت رحلتها كملكة لبريطانيا واعتلاء العرش.