سيكونُ ليلٌ آخرٌ يرتاحُ فيهِ الأنبياءُ من المزاميرِ الخفيفةِ والتأمُّلِ مثلما يرتاحُ راعي الريحِ من سَفَرِ البراري سيكونُ بحرٌ آخرٌ في حبَّةِ الرملِ الفقيرةِ كيْ أعلِّقَهُ علي حُزنِ الضحايا ثُمَّ أسندَ أغنياتي في المساءِ علي ثراهُ لكيْ أضيءَ بكلِّ أعقابِ الدموعِ رذاذَ ناري سيكونُ قلبٌ للمزاجيِّينَ منتصفَ الطريقِ محلِّقٌ ينشقُّ من صرخاتهِ طيرانِ من صلصالهِ قمرانِ في وضَحِ النهارِ سيكونُ صوتٌ غيرُ مسموعٍ لقدِّيسٍ كجان جينيه يضيءُ بقبرهِ الجيريِّ وجهَ الليلِ أو يمشي إلي صبرا وشاتيلا علي قدميهِ من أقصي الشمالِ الأطلسيِّ لكيْ يُعيدَ إلي الحقيقةِ طفلةً ويُعيدَ زنبقةً بغيرِ دمٍ لأضلاعِ الصواري. طباق لا أحبُّ الطباقَ المراوغَ لكنني قد أُحبُّ الخريفَ بلا سبَبٍ والسفرجلَ يا أختيَ القبَّرةْ لا أُحبُّ مثاليَّةَ الشعراءِ ولكنني قد أحبُّ فماً واحداً لنساءِ القصيدةِ أو قمَراً يطلبُ المغفرةْ لا أُحبُّ انتهاءَ الفصولِ ولكنني قد أُحبُّ الغنَّاءَ المقطَّرَ من جسَدِ الشجرةْ أُحبُّ تفاصيلَ سيِّدةِ اللازوردِ وسيَّدةِ الأقحوانِ فكيفَ إذنْ يا إلهي الحبيبْ صوتُ فيروزَ لم يمنعْ المجزرةْ؟. يحدثُ أن يا قلبُ يحدثُ أن تغيبَ صديقةٌ عن بوحكَ العبثيِّ أسبوعينِ أو قمرينِ مكتملينِ أن تتزوَّجَ امرأةٌ وتغرقَ في الحياةِ حبيبةٌ أن تشتهي صيفاً بعيداً عنكَ يحدثُ أن تشمَّ فقاعةً في صوتها وتجسَّها بتنهدِّ الأعمي ويحدثُ أن تغطِّي الآنَ سيِّدةٌ ملاءتها بأعقابِ السجائرِ والمحارِ وبالزهورِ وسِفرِ بوشكينَ الشقيِّ وبالنجومِ.. وأن تموتَ من الحنينِ إلي فضاءِ روايةٍ لا تنتهي أبداً لتسكنَها ويحدثُ أن أقولَ لقطرةِ المطرِ الصغيرةِ: لم أزل وحدي علي عرشِ الترابِ فضاعفيني.. أو أضيءَ بدمعةٍ وجهاً يرفرفُ في دمي الأزليِّ يحدثُ أنَّ أصغرَ جملةٍ بيضاءَ موسيقيَّةٍ تقتادني في الليلِ من حيفا إلي الدامورِ يحدثُ أن أشيرَ لبجعةٍ ولطفلةٍ ولسروتينِ علي حوافِ قصيدتينِ صغيرتينِ: خذوا مكاني. حُبُّ الحياةِ لصباحاتِ كانونَ أسبابُها كي نحبَّ الحياةَ غمامٌ علي الأرضِ أنشودةٌ للقرنفلِ لا تنتهي مطرٌ في الشفاهِ وصايا المُحبِّ لمحبوبهِ قمرٌ ناصعٌ في النهارِ حديثُ النساءِ الصباحيُّ عن وجعِ الحُبِّ رائحةُ القهوةِ العربيَّةِ في الشارعِ العامِ في الناصرةْ غوايةُ فيروزَ أغنيةُ البحرِ شوقُ الغريبِ لمسحِ غبارِ طفولتهِ عن مرايا الصباحِ الجليليِّ أو وهَجِ البرتقالِ الحزينِ بحاكورةِ البيتِ ... أو خدَرٌ موغلٌ في الجسَدْ حينَ تغفو ذراعٌ بعفويَّةِ الماءِ تشبهُ خفقَ قلوبِ الطيورِ علي الخاصرةْ بائعُ التُحفِ الأربعينيُّ يبحثُ عن قوتهِ وحمامٌ يعاكسُ قابلةً خلفَ نافذةٍ في صباحِ الأحدْ سنحبُّ الحياةَ كما لم يحبَّ الحياةَ أحدْ. أوديسُ الجديدُ ويقولُ أوديسُ الجديدُ: توهَّجي كالشمسِ في جسدي فنولُ الثلجِ ينقضني كغزْلٍ فائضٍ عن حاجةِ امرأةٍ من الدنيا سأطوي البحرَ طيَّ قصيدةٍ يا زوجتي.. ولتكملي نقصانَ أغنيتي الأخيرةِ عن سبايا الملحِ.. أو فلتغفري لي نزوتي البيضاءَ يا بنلوبُ إنَّ هوايَ هاويتي وقلبي كالفراشةِ في السراجِ فنبتةُ الفلِّ المريضةُ لن تحوكَ قميصَ نومكِ في غيابي عنكِ إلا إن طلبتُ أنا إليها أن تحوكَ وكومةُ الصَدَفِ المعذَّبِ لن تضمَّ حفيفَ صوتكِ مثلَ زادِ الدربِ لي إلا إذا زينْتِها للبحرِ خلخالاً وللريحِ الحرونِ قلادةً فضيَّةً.. هل بعدَ أن تأوي عصافيرٌ إلي أوكارها والشمسُ تخلدُ للمنامِ ويجمعُ اللهُ الحبيبَ إلي حبيبتهِ ويُنفخُ حينها في الصورِ يا قمرَ الزمانْ هل يستريحُ المتعبانْ؟. ديسمبرُ السيَّاب يومُ الخميسُ أو اندلاعُ العطرِ بالليمونِ في ديسمبرِ السيَّابِ.. من شمسِ الغروبِ قطفتُ زنبقةً وبحتُ لغيمةٍ أرضيةٍ: لن تفهمي قلقي المشبَّعَ كالهواءِ بوجهِ فاتنتي وظلِّ قصيدةٍ سريَّةٍ وبكلِّ أنفاسِ النبيذِ أو الظباءِ... كأنَّ لوك نورانَ تأتي من بعيدٍ كي تتمَّ المشهدَ الشعريَّ حارسةً لايقاعِ الزهورِ لرغبةٍ تخبو علي الأهدابِ كي يتوَّهَجَ القمرُ النهاريُّ الكسيرُ.. وفجأةً تمضي فأسمعُ في الفراغِ بكاءَ نهرِ بويبَ أو صوتاً سرابيَّاً يقولْ: (وذهبتِ فانسحبَ الضياءْ لم يبقَ منكِ سوي عبيرْ يبكي وغيرُ صدي الوداعِ إلي اللقاءْ و تركتِ لي شفقاً من الزهراتِ جمَّعها إناءْ).