طارق إمام، د. شاكر عبدالحميد، شعبان يوسف، د.خيري دومة، وحسن عبد الموجود استضافت دار نشر بتانة، الأسبوع الماضي، ندوة لمناقشة المجموعة القصصية »حروب فاتنة» للكاتب حسن عبد الموجود، الصادرة عن الكتب خان، وذلك بحضور نُخبة من الكتاب والمثقفين. في البداية قال الشاعر شعبان يوسف، مدير الندوة، أن هذه المجموعة فاتنة بالفعل، ولها تقدير كبير لديه بشكل خاص، موضحا أن حسن عبد الموجود يتمتع بحالة حكائية فريدة، فجميع كتاباته هي مُلخص لقراءتهِ المُتعمقة والمتعددة التي تعرض لها طوال حياتهِ، وأشار إلي أن هذه المجموعة القصصية تدور في أمكنة عديدة مثل مصر ولبنان، ومحافظات مصرية مختلفة، كما أن الأزمنة بداخلها مُختلفة، ولها دلالات سياسية. واستكمل يوسف: تعاملت القصة الأولي بسخرية وتندُّر مع الأحزاب الشيوعية الموجودة في ذلك الوقت، كما أن حسن هدم أسطورة هذه الأحزاب التي يعتبرها البعض كيانات مقدسة، وكان أهم ما يميزها هو الإخلاص الشديد للحزب الشيوعي. أما القصة الثانية »الجنح المنسية» فقد استخدم فيها زاوية بسيطة جدًا لوصف العمل الروتيني في المكاتب الحكومية، مستعينا بفكرة التندُّر والسخرية علي الشخصيات الكُبري في الجمهورية العربية المتحدة، مرورًا بشعار الدولة وذلك من خلال استخدامهِ لزوايا صغيرة. وأضاف يوسف أن عبد الموجود استطاع من خلال هذا العمل القصصي أن يستحضر روح الفكاهة من خلال استخدام شخصيات أسطورية تمارس الفكاهة داخل القصر، واعتبر أن هذهِ المجموعة هي إضافة حقيقية للقصة القصيرة. من جانبهِ قام الدكتور شاكر عبد الحميد، وزير الثقافة الأسبق، بتقديم الشكر لحسن عبد الموجود علي هذا العمل الأدبي الرائع، مشيرا إلي أن فكرة الزمن في أعمال عبد الموجود تتجلي من خلال الذاكرة أو إعادة الزمن من خلال الأحداث أو بكونهِ مُتحركًا نحو الماضي في بعض الأعمال. وأردف قائلًا: الزمن في هذه المجموعة القصصية يرتبط بمصطلح يسمي »الأطراف الشبحية» الذي يتمثل في عملية بتر أحد أجزاء الجسم، حيث يشعر الإنسان بعدها بحكة في هذه المناطق المبتورة، وعادة يكون سبب هذه الحكة هو الألم، لكن قد يتحول هذا الألم إلي لذة في نهاية الأمر بسبب الحك المستمر في هذه الأطراف المبتورة. وأوضح د.شاكر بأن هذا الحك في الأطراف المبتورة نجدهُ مرتبطا ثقافيًا بالأفكار السابقة التي سقطت، لكننا نحاول أن نتشبث بها، علي سبيل المثال؛ فكرة الأحزاب الاشتراكية في المجموعة القصصية التي سقطت ومازالت هناك بعض العلامات التي تدل عليها. وأضاف أن فكرة الأطراف الشبحية هي فكرة ثقافية، فعندما نقول أن مصر صاحبة حضارة لآلاف السنين ورمز هذه الحضارة هو الهرم، نجد أن الهرم هنا هو طرف شرعي، أي جزء موجود حاليًا فيجعلنا نتباهي ونتذكر حضارتنا المصرية القديمة وما تبقي لنا من زمن الماضي، فنحن قد نفخر لأننا نتألم ولأننا لم نجد في الواقع شيئًا نفخر بهِ ونعتز بهِ في حاضرنا، حيث اعتبر أن الزمن يرتبط بالذاكرة، والذاكرة ترتبط بالأطراف الشبحية، والأطراف الشبحية ترتبط بثقافات اندثرت لكن بقيت بعض آثار تدل عليها، هذا ما استخدمهُ حسن عبد الموجود من خلال الوحدة التي انهارت في الواقع، وكذلك العجلة التي تدل علي فكرة الاشتراكية، فهذه هي الفكرة الرئيسية التي كانت من خلال شخصيات تجاوزها الزمن لكنها مازالت تعيش في زمن ماضي. واستطرد قائلًا إن هذه المجموعة القصصية تحتوي علي شخصيات فصامية، فهي ليست سوية سواء معرفيًا أو سلوكيًا أو حتي إدراكيًا، فهي قد تبدو سوية، لكنها ليست كذلك. وأوضح: اهتم حسن عبد الموجود بالحالات الجسمية في كتاباته، حيث نجد النحافة والبدانة من المكونات الأساسية في الشخصية عنده، فالنحافة تتجلي في قصة »النوم مع فتاة مودلياني» التي نجدها في لوحات مودلياني، كما أن في عالم عبد الموجود القصصي نجد شخصيات منقسمة وحالات متنوعة من الشك واليقين. من جانبهِ قال الناقد الدكتور خيري دومة إن هذه المجموعة القصصية هي عالم حقيقي استوقفهُ كثيرًا، واصفًا إياها بأنها كالحلم المتصل الذي يشبه الكابوس، وأنهُ بالرغم من تسمية المجموعة باسم »حروب فاتنة» مُناسبًا جدًا لها. وعبّر دومة عن سعادتهِ البالغة بأن يناقش مجموعة قصصية كهذهِ، خاصة وأن هذا هو زمن سطوة الرواية، وأن هذه المجموعة ليست قصص قصيرة بالمعني الكلاسيكي الذي نعرفهُ بل هي مجموعة تأخذ شكل الحكايات ويميّزها حضور الأشخاص أكثر من حضور الأحداث، حيث قال بأن هذه المجموعة بها تحليل دقيق للنفس الإنسانية. وأردف قائلًا: إن سر هذه المجموعة هو نوعية الشخوص التي يقدمها حسن عبد الموجود في كتاباته. وتطرق د.خيري للحديث حول كتابات الشباب في الوقت الحاضر، قائلا إنه فكّر في ذات مرة في القصص التي يقدمها هذا الجيل من الشباب خاصةً وأنها تتميز بالخروج الكامل من العالم الواقعي الذي نعيش فيه الآن، وأن المسافة بين العالم الواقعي والعالم الذي يسير من خلالهِ هؤلاء الكتاب هي مسافة تحتاج إلي قراءة جيدة، وأشار إلي أن هذه المجموعة يغلب عليها هاجس الجنس والقهر، وأن القهر كان واضحًا جدًا في قصة حروب فاتنة، حيث تخوض كل شخصية في هذه المجموعة حربًا حقيقية ضد من يمنعها من الجنس والحرية، لكنها تحارب في النهاية لأجل غايتها وبطريقتها الخاصة سواء كانت عن طريق النوم أو الضحك. بدورهِ قال الكاتب والروائي طارق إمام إن هذه المجموعة القصصية هي فاتنة بالفعل، مشيرا إلي أن جميع الشخصيات عند حسن عبد الموجود هي شخصيات تعاني نوعًا من الحرج لتلبية مطالبها البسيطة، وأن حسن بارع في التقاط هذه الشخصيات البسيطة في عملهِ الأدبي. وأضاف: أري أن الحلم في هذا العمل الأدبي متمثلًا في حلم اليقظة، يقف أمام ذوات مفتوحة العينين في شوارع المدينة وفي البيوت، فكانت القصة مرة بعد أخري تتشكل من خلال حلم اليقظة الذي يقف بمسافة محسوبة فوق الواقع. وأردف إمام قائلًا إن الشخصيات في حروب فاتنة في أشد المواقف هزلية، من خلال السخرية السوداء التي تكشف عن أحلامهم المحرمة. واختتم الندوة الكاتب سعيد الكفراوي واصفا المجموعة بأنها ليست عملًا تقليديًا، بل أنها خلقت شخصيات وقدمتها علي الورق كما كان يجب أن يكون؛ لذلك فهذهِ الشخصيات سوف تعيش طويلًا علي الورق.