مجلة " المصور " تحتفي بسيد نصر وهو يرفع الأثقال التى جلبت لمصر أول ميدالية ذهبية في 31 أغسطس الجاري تمر الذكري 113 لميلاد البطل المصري سيد أفندي نصير الذي حقق لمصر أول ميدالية ذهبية في رفع الأثقال في أوليمبياد أمستردام 1928 متفوقا علي كل أبطال العالم، وصافحته وقتها ملكة هولندا، واحتفي به جلالة ملك مصر وأقام له رئيس الوزراء حفلا خاصا حضره الوزراء والنبلاء والأمراء، ونظم فيه أمير الشعراء أحمد شوقي قصيدة، وبهذه المناسبة، تبادر " الأخبار " بالاحتفاء بالشمعة 113 لهذا البطل بما نشرته عنه مجلة " اللطائف المصورة " بعد وصوله لميناء الإسكندرية حاملا الميدالية الذهبية لأرض الوطن، فكتبت التقرير التالي : - وصل إلي الإسكندرية بعد ظهر 18 نوفمبر الجاري علي ظهر الباخرة " فينا " فخر شباب مصر الرياضي الأكبر وبطل أبطال القوي في العالم الرباع الشهير سيد افندي نصير بعد أن مثل مصر تمثيلا مشرفا في ألمانيا وأحرز بطولة أوربا في رفع الأثقال في المباراة التي أقيمت في مدينة ميونيخ منتصرا علي أعظم أبطالها، وشارك في حفلة الألعاب الرياضية التي أقامتها الصحافة الألمانية في برلين يوم 5 نوفمبر لمناسبة عيدها العاشر فرفع فيها 160 كيلو جراما ضاربا بذلك أرقامه التي سجلها في ميونيخ والتي نال البطولة من أجلها، وقد أعجب الألمان به إعجابا عظيما وقدروا قوته ونبوغه الرياضي تقدير من يقدر قيمة ذلك وأشادت الصحف بامتنانه ومدحه وكتب العالم الكبير الدكتور " فيلي ميل " مقالا شائقا في وصفه في جريدة "فوربش زيونيغ" ببرلين بتاريخ 9 نوفمبر جعل عنوانه "الله هو الله ونصير هو بطل"، وانفعل أمير الشعراء أحمد شوقي بك بأول بطل مصري يحصد ميدالية ذهبية في الأوليمبياد فنظم فيه قصيدة يقول فيها : شرفا نصير ارفع جبينك عاليا… وتلق من أوطانك الإكليلا يا قاهر الغرب العتيد ملأته… بثناء مصر علي الشفاة جميلا إن الذي خلق الحديد وبأسه… جعل الحديد لساعديك ذليلا أما الشاعر اللبناني " جبران خليل جبران " فكتب فيه : - يا فتي الفتيان أحسنت البلاء.. في المباراة وحققت الرجاء. ولد سيد نصير في 31 أغسطس عام 1905 بقرية شوبر بطنطا، بدأ عشقه لرفع الأثقال بعد ما شاهد لأول مرة في مولد "السيد البدوي" ألعاب البطل القديم عبد الحليم المصري، صاحب الفضل الأول في انتشار اللعبة في مصر، اتجه نصير لمدرسة عبد الحليم المصري وكون فريقًا لرفع الأثقال، وكان متفوقًا في العديد من الألعاب وشارك في بطولة القطر المصري عام 1925، وتوّج بلقبها في الوزنين "الخفيف والثقيل"، واحتفظ بلقب البطولة حتي عام 1928. بداية توهجه كانت في عام 1928 عندما شارك في دورة الألعاب الأوليمبية بأمستردام، تحت قيادة المدرب محمد بسيوني، الذي سعي لضمه للنادي الأهلي لوفرة الإمكانيات والجماهيرية أيضًا، وتوج بأول ميدالية ذهبية لمصر في أمستردام في وزن خفيف الثقيل بمجموع أوزان 355.5 كجم (ضغط 100 كجم - خطف 110 كجم - نطر 147.5 كجم )، محققًا إنجازًا غير مسبوق للرياضة المصرية بتفوقه في الأوليمبياد علي 17 رباعًا من أقوي رباعي العالم وخرجت الصحف العالمية تتغني بما فعله البطل مرددة " لقد ارتفع العلم المصري في الاستاد الكبير، فاز سيد نصير المصري علي أبطال العالم في حمل الأثقال فكان بطل العالم الأول بأرقام مدهشة ".. وذاعت شهرة سيد نصير بعد عودته من أمستردام، وانتشرت اللعبة بشكل أكبر في مصر، وفي عامين متتاليين حقق البطل المصري بطولة العالم لرفع الأثقال في مدينة ميونيخ الألمانية عام 1930، ثم في لوكسمبورج عام 1931. ومن الأمور الطريفة التي تعرض لها بعد فوزه بذهبية الأوليمبياد أنه كان يعمل موظفا بسيطا في الأرشيف بوزارة الشئون الاجتماعية، وفور عودته إلي عمله تم إخباره بأن مديره يسأل عنه يوميا، تاركا له رسالة بضرورة الحضور إليه فورا، وظن نصير في بداية الأمر أن مديره يريد الاحتفاء به، فهو كان في الليلة الماضية نجم حفل نادي الجزيرة بحضور رئيس الوزراء والوزراء والنبلاء من الأسرة المالكة، علي شرف الميدالية الأوليمبية التي حصدها، إلا أنه وجد استجوابا عن سبب الغياب، وعندما أخبره نصير بأنه كان يلعب في هولندا، قرر رئيس الأرشيف معاقبته بخصم شهر من مرتبه، فأخبره بأن كل الصحف نشرت صورته وهو يصافح ملكة هولندا، فما كان من المدير سوي خصم نصف شهر آخر بسبب عدم الحصول علي إذن رسمي من المصلحة لمقابلة ملكة هولندا.. ولم يكن المدير يعلم معني الأوليمبياد، كان يتحدث بحسن نية ويصدر قراراته بناء علي عدم معرفة، اشتد غيظ البطل الأوليمبي، وأخبر مديره بأنه التقي رئيس الوزراء والوزراء والنبلاء وصاحب المعالي وزير الحربية. لم يتحمل المدير هذا الأمر، وخرج مسرعا من مكتبه متوجها إلي مكتب زملاء نصير فوجدهم ينشدون أبيات من قصيدة أحمد شوقي التي نظمها في البطل المصري، فخرج لغرفة أخري فوجد الزملاء يتحدثون عن بطولة نصير، لم يتحمل المدير الصدمة، فوقع علي الأرض مغشيا عليه. كنوز : حصل سيد نصير علي وسام النيل في الأربعينيات من جلالة ملك مصر، ووسام الرياضة من الرئيس جمال عبد الناصر أكتوبر 1965.. وتم تعيينه وكيل وزارة الشباب وكان مسئولا عن مجموعات الكشافة والمرشدات في تطهير مدينة بورسعيد أثناء العدوان الثلاثي علي مصر.