لغة تصطفيني لأنغامها الشارده يستجيب لها وتر القلب عمراً من البوح والشدو والاكتمال.. إن أناملها تعزف الآن أنغامها فوقه فيجئ لها الشعر مؤتلقاً بالتوحد بالقلب يأتي جِثِيَّا ويلملم أزهاره وردة وردة.. ويباهي اللغات بها جاعلاً وجده وجهه الأزليا قلت يا أيها الوله المتعبد تاقت عيون المحاريب للحظات القنوت... ثم تاقت إلي الطيران البعيد الذي يبتدي أول الملكوت إلي آخر الملكوت والمدي رحلة لا تنال.. غير أن الغناء العصي استطاب ركوب المحال قالت اللغة المشتهاة، اصطفيتك بُحْ بالذي يعتريك ولا تبغ إلا الوصال.. قلت: طارت زوارق قلبي في البحر لهفي إليك، احتميت من الموج في ضفتيك، تهجدت فيك، ولم تخطف العين لؤلؤة في القرار، ولا جزرها نئات فلم يدن منها المشيب، ولا زارها الاكتهال... وأتيتك محتشداً باشتياقي، توضأت في نهرك الكوثري، تعطرت من طيبك العنبري، تطهرت من عجمة في اللسان ومن صبوات السنين الشتات، اغتسلت بزمزمك الطاهره.. وفككتُ لساني من أسرِ أي اعتقال... شف قلبي ظمئت، وتقتُ، اعترفتُ.. وبحتُ، نطقتُ، انتشيتُ، ارتويتُ، ابتدأتُ، انتهيتُ بعثتُ، ابتدأتُ، اقتربتُ، انتميتُ، ارتميتُ، اكتويتُ، وصالَ الهوي في الفؤادِ وجال... لغةٌ تستبد فتنزع أنغامها من فم الاشتعال...، علي شفة الجرح، من أول الفوح، من أصدق البوح، من قُنَنٍ خاشعاتِ الجبال.. لغةٌ كتبتها علي سعفِ النخلِ روح اخضرار النخيل، فلا ضلَّ فيها الصدي، ولا ضاع فيها حُداء الصهيل... لغةٌ تكتب القلب فوقَ صحائفها، اجتبته، ويشقي إذا ما اجتوته، فيسكب أسطرَهُ البكر، ينزع عنه رداء الشغاف..، ويعري، علي ظهر هذا الجواد الجموح تراوده الريحُ عن نفسه... يتأبَّي فترميه بالسهم إن الجراحات أوسمة وضفاف.. والتوله بالحب أحلي الضفاف.. لغة مَوْسَقَتها علي القلب رباتُ حُسنٍ بهي مُزجن، انبهار الحقيقة، سحر العيون العميقة، عنف احمرار الشفاه، بخمر رضاب الخيال... لغةٌ من عصير الأساطير جاءت سلافة ليل غوي، معتقة الصفو، حين تخدرنا كأسها بالحميا نفيق... التواصل يخطفنا، كيف نبعد سورة خمر تهلل منها الحنايا. وتبعث موت الخلايا، وتهتك ستر السبات العميق... لغةٌ تسكب البوح نشراً، يعاهد زهراً وعطراً وسحراً، بدمع القياثر، يشدو..... بغير افتعال إيهِ.. يا لغةً علمتني كيف أعانق موتي وأشرع في الموت بعثي وأشرع أغنيتي للجوارح أغنيتي للبوارح أغنيتي للشوارع أغنيتي للمزارع أغنيتي للبيوت القديمة أغنيتي للمصابيح للريح، للنسمة المستحيلة أغنيتي للتمرد أغنيتي للوجود بكل دروب التبدد أشرع رمحَ التحدي وروح اخضرار الإراده.. إيهِ.. يا لغةً كاشفتني بسري حررتني بأسري أذهلتني بألوانها الطيف إن عناقيدك اللهبية تثمر في القلب جمرا، وتحفر في الجدب بئرا...، أحبك.. أسلمت نفسي إليك وأختار كلَّ اشتعالات عمري لديك، علي هدهدات المجامر أختار عنف التشظي علي الخاطرات السواعر إنها ذروة الاكتمال... أيهذا الجمال لغة تصطفيني إليك لسر الفواصل، تدرك سر الحواصل سر جموح المقاصل، سر التنبؤ بالزلزله... ولئن أخرست فم هذي الكهوف فلم تعزف الصلصله لغةٌ تقرأ الريحَ تعرف موعدها ثم ما يفزع الطير، حتي وإن ناح في الجلجله... لغةٌ تدخل القلبَ باب الكمال... أيهذا الجمال الذي قد يطال مع الحلم لكنه لا يطال. ادخل الآن قلبي وغرد علي أيك أغصانه... إن قلبي في نشوة الارتحال.. يلبي نداء معانيك، شدو مغانيك افتح به الباب وادلف بجمرك فيَّ وخل عناقيدك اللهبية تثمر في شجري... فأنا في هواك اشتعال... أنت شهد المواجيد، حلو المواعيد، حسن التجلي، ونور التملي، ومسك التحلي، وجذب التخلي، وصوم الوصال وأنا في هواك المحارة... أنت اللآلئ حال التوله بالعشق، إن المجاذيب فيها ينالون ما لا يُنال... إن تحت لوائك سر اكتمال البهاء، وسر اكتمال الجمال.