ما زالت حالة من البهجة والسعادة متواصلة عبر القرون بالفانوس الصاج، وما زالت نفس الفرحة موجودة عند الأحفاد كما كانت مع الاجداد في احتفالاتهم بشهر رمضان الكريم، وذلك برغم التطور التكنولوجي والحياة العصرية التي نعيشها، ومن أبسط مظاهرها تلك الفوانيس الصيني الملونة التي تجذب انظار المواطنين وكادت تكتسح الفوانيس المصرية، ولكن الشخصية المصرية ما زالت تفرض سيطرتها فتحافظ من جهة علي صناعة الفانوس الصاج كمهنة وكتراث وجزء من هوية شهر رمضان.. وفي كل عام يستمر الآباء والأجداد في شراء الفوانيس كهدايا لاحفادهم الصغار. وفي حي الربع في منطقة باب الخلق الذي تستقر فيه معظم وأشهر ورش صناعة الفانوس الصاج اليدوي، وتستقبلك من أول خطوة تشكيلات مبهرة من تلك الفوانيس، ويزيد من جمالها تلك الأنوار التي تتلألأ بداخلها والصادرة عنها، فيما فرش التجار بضائعهم وتزينت الشوارع بالزينة الرمضانية، وتعالت اغاني رمضان في سماء المنطقة، ليبدو الأمر وكأنك قد دخلت في عالم جديد مختلف له سحره وشكله الخاص به، والمتواجدون فيه تتباين مقاصدهم، فمنهم من فضل شراء الفوانيس الصيني المستوردة وآخرون فضلوا فوانيس الخيم الرمضانية، أما الفانوس الصاج فقد استرد عرشه وأغرق السوق بأشكاله وأنواعه وأحجامه المختلفة ويذكرنا بالتراث المصري القديم بمشغولاته ونقوشاته الاسلامية الرائعة، بعد أن كادت الفوانيس الصيني أن تلغيه من الوجود، وبالفعل كان فانوسنا التقليدي »منها البرج واللوتس والشويبس والنجمة وتاج الملك والشمامة والبولات والمصحف بأشكاله الهندسية والاسلامية «، هو الأفضل من حيث الشكل والسعر الذي يبدأ من 15 جنيها ويصل إلي 3000 جنيه للفانوس الواحد طبعا. ولا يوجد أفضل من الحديث عن الفوانيس مع الحاج محمد السني 55 سنة، فهو من شيوخ ذلك الفن القديم، وأتقن تلك المهنة منذ أن كان في الخامسة من عمره علي أيدي جده ووالده، ويعتبر من أشهر صانعي الفوانيس الصاج في منطقة باب الخلق، وكما يؤكد لنا فقد عاد الاقبال علي الفانوس الصاج، وخاصة من جانب كبار السن الذين يأتون برفقة احفادهم الصغار لاشراكهم في اختيار الفوانيس المحببة اليهم بألوانها وأحجامها المختلفة، كما زاد الاقبال كذلك علي الفوانيس كبيرة الحجم كالبرج والمصحف والمشمشية للمطاعم والفيلات والقصور والمولات التجارية، ويتراوح سعره ما بين 1000 جنيه و 3000 جنيه، موضحاً ان صناعة الفانوس الصاج الصغير الحجم تستغرق منه أقل من ساعة أما الفانوس الكبير الحجم فيحتاج في تصنيعه إلي يوم كامل لإنهائه لانه يحتاج إلي عناية فائقة. ويقول لنا الحاج محمد : لقد تربيت علي صنع الفانوس وتزيينه واعادة تأهيله علي يد آبائي وأجدادي الذي أفنوا عمرهم في هذا المجال لانهم عشقوا فن هذه المهنة، ويضيف : لا يهمني بكم أبيع الفانوس ويكفيني النظر إلي فرحة الطفل بفانوس رمضان «، ويشير إلي أنه يتم تصديركميات هائلة منها، إلي العديد من الدول العربية، ويوضح لنا «السني « أن مراحل تصنيع الفانوس تبدأ بتقطيع الصاج طبقا للشكل المرغوب فيه من قاعدة وتاج وجسم ثم تركيبها فوق بعضها باستخدام اللحام، ويليها تركيب الزجاج المزين بالآيات القرآنية والصور الملونة وبعض المقولات للتهنئة الرمضانية مثل « رمضان كريم، كل عام وانت طيب «،ويلفت إلي أن هذا العام زاد الطلب علي صور اللاعب محمد صلاح لكي توضع علي الفوانيس، فيما فضل آخرون وضع صورأحفادهم وأولادهم، اما الفانوس الخيامية فيتم تصنيعه عن طريق قماش الخيم الرمضانية بألوانها الزاهية والرائعة وتوضع علي الصاج او سلوك معدنية ويثبيت عليها قماش الخيامية ذو الاشكال الملونه والمدندشة التي تجذب العيون اليها ولذلك يحرص عدد من المواطنين علي شرائها ليضعوها بشرفات المنازل لاشاعة المزيد من البهجة بالجو العائلي في رمضان .