كنا نتجول داخل أجنحة معرض "فرانكفورت" العام الماضي .. من قاعة إلي أخري نستمع لكلمات رؤساء كبري شركات السيارات العالمية التي ركزت علي الأزمة الاقتصادية .. نبحث داخل أجنحة الشركات الألمانية والفرنسية والإيطالية واليابانية والكورية وغيرها عن الابتكارات المدهشة التي تجسدها النماذج الاختبارية التي تعودنا أن نشاهدها في المعارض الكبري مثل "فرانكفورت" و"باريس" و "چينيف" و "طوكيو" ومؤخرا معارض الصين سواء "بكين" أو "شنغهاي" .. في الحقيقية لم أجد أي من تلك النماذج الاختبارية العام الماضي في "فرانكفورت" .. بالطبع كان هناك كم هائل من الطرازات الجديدة وكان هناك كم هائل أيضا من النماذج التي تحمل لقب (اختبارية) بالاسم فقط! .. لأنها في الواقع لم تحمل أفكار ثورية بل كان معظمها أقرب لسيارات الإنتاج التسويقي .. كنت أتساءل بعد أن انتابتني حالة من (الإحباط) وأنا داخل أعظم معرض سيارات في العالم قائلا لنفسي: "هل نالت فعلا الأزمة الاقتصادية من الإبداع والابتكار؟! .. هل فرضت الأزمة قيودها علي عقول مهندسي أقسام الأبحاث والتطوير؟!" .. نعم أكدنا من طرفنا العام الماضي في تغطيتنا لمعرض "فرانكفورت" أن صناعة السيارات تغلبت علي الأزمة الاقتصادية ولكنها لم تتعافي من أثارها ولم تسترجع نضرتها .. لذلك لم يملأني الحماس وأنا أستعد لحضور معرض باريس هذا العام .. حتي بدأت تصلني أخبار المعرض وبعض الصور والمعلومات عن عدد قليل جدا من السيارات التي تقرر أن تزيح عنها أكبر شركات السيارات الستار داخل قاعات معرض باريس والعديد من المكالمات التليفونية ورسائل البريد الاليكتروني وصلتني من ممثلي الشركات الأم والمكاتب الإقليمية يؤكدوا مواعيد مؤتمراتهم الصحفية وضرورة حضورها أثناء تواجدي بالمعرض لأن المفاجأة هذا العام من العيار (الثقيل). إلي "باريس" هنا بدأ أخيرا يملأني الحماس وتذكرت حالة الإحباط التي انتابتني في معرض "فرانكفورت" العام الماضي وتذكرت تلك التساؤلات التي لم أستطيع الإجابة عليها وقتها .. فإن كان معرض "فرانكفورت" قد ساهم في إخراج صناعة السيارات من أزمتها، هل يعيد معرض "باريس" لها هذا العام نضرتها ؟!! .. مملوء بالحماس وصلت إلي أجمل مدن العالم "باريس" لأتجه مباشرتا إلي أهم معارض 2010 .. "معرض باريس الدولي" في أول أيامه المخصصة لرجال الصحافة والإعلام وقبل أن يستقبل أكثر من مليون عاشق للسيارات .. أستطيع الآن أن أجد إجابات لعلامات الاستفهام والتعجب التي استوقفتني العام الماضي بعد أن كونت رؤية مسبقة لمعرض من خلال الأخبار والصور التي شاهدتها قبل انطلاق فعالياته .. من مؤتمر صحفي إلي أخر علي مدار يومين، سيطرت علي تماما أجواء معرض باريس وعلي عكس معرض "فراكفورت" العام الماضي ملأتني طاقة غريبة دفعتني لحضور جميع المؤتمرات الصحفية والإصغاء بعناية لكلمات رؤساء شركات السيارات العالمية ومديرها التنفيذيين .. أستمع للأفكار المبتكرة التي تخرج بها النماذج الاختبارية هذا العام في "باريس" .. نماذج اختبارية (حقيقية) وثورية هذه المرة في أجنحة جميع الشركات سواء الأوروبية أو الأسياوية وحتي الأمريكية .. إقبال إعلامي هائل علي المعرض واستعداد كامل من قبل إدارة المعرض لاستقبال الجماهير العريضة حيث تستعد الإدارة لاستقبال أكثر من مليون ونصف من عشاق السيارات من جميع أنحاء العالم هذا العام وهذا هو عدد الزوار الذي استقبلهم المعرض في نسخة . 2008. سيارات كهربائية رياضية شاركت في المعرض هذا العام 250 شركة من 19 دولة مختلفة وقد ابتكرت إدارة معرض باريس هذا العام عددا من الأفكار الجديدة والتي وجدتها رائعة فعلا .. فقد تم تخصيص ساحة كبيرة أمام صالة 2.1 لاختبار السيارات الكهربائية وقد وفرت معظم الشركات العارضة نماذج للاختبار والمثير جدا هو التطور المدهش في فكرة السيارة الكهربائية فمنذ ثلاثة أعوام تقريبا كانت السرعة القصوي لأي سيارة تدار بالكهرباء تتراوح بين 40 إلي 60 كم/س .. التطور الذي أتحدث عنه الآن وحتي إن كانت تلك النماذج مازالت تجريبية إلا أنني فعلا شاهدت سيارات أداء رياضي فائق هذه المرة تدار بالكامل من الكهرباء مثل نموذج "بيجو" EX1 والنسخة المكشوفة من سيارة "أودي" الاختبارية e-Tron التي تعد إنجاز تاريخي بجميع المقاييس .. لذلك فالاهتمام بالبيئة كان من أساسيات معرض "باريس" هذا العام (مثل جميع المعارض العالمية خلال السنوات الأخيرة) ولكن قدمت الشركات أيضا رؤيتها البيئية للسيارات فائقة الأداء الرياضي فنحن كعشاق للسيارات لا نريد أن نصدق أننا سوف نشاهد اليوم الذي يتم فيه إعدام المحركات الكبيرة W16 و V12 وV10و V8 التي تنتج 600 و 500 و 400 حصان .. ولكن في وجود تلك السيارات فائقة الأداء الرياضي صديقة البيئة التي شاهدتها في "باريس" – حتي لو كانت لا تزال مجرد نماذج تجريبية - يمكننا أن نتقبل الوضع الجديد أو الاتجاه العالمي الجديد للحفاظ علي البيئة وهي المشكلة التي تسيطر بشكل كامل علي اهتمام شركات السيارات العالمية حاليا. اختبار Dsiney أدهشتني فعلا فكرة Disney المبتكرة في تنظيم اختبار قيادة للأطفال من سن 7 إلي 12 سنة علي مساحة 1000 متر مربع فبأسلوب رائع – ومتوقع أيضا من شركة رائدة وخبيرة بعقلية الأطفال – استطاعت أن تعرف الأطفال أهم أساسيات الآمان الذي يجب إتباعها عند استخدام الطريق فتلك التجربة لم تكن شبيهه بسيارات (الملاهي) التي يمرح فيها الصغار بل صممت بإتقان واحترافية شديدة في التعامل مع عقلية الأطفال. سيارات اسطورية أبرز ما شاهدته أيضا بجانب النماذج الاختبارية هو معرض السيارات الكلاسيكية The Incredible Collection الذي يقام في صالة 8 والذي تم الاهتمام به هذا العام بشكل خاص جدا وضم عدد من السيارات الأسطورية والتاريخية ليس فقط للشركات الفرنسية مثل كل عام ولكن للإيطالية والألمانية أيضا .. نقدم لكم أكبر تغطية صحفية لمعرض باريس 2010 الذي يقام علي مساحة 18 ألف متر والذي نراه نقلة نوعية في صناعة السيارات بعد الفترة الأخيرة التي عاني فيها جميع الصانعين .. يمكنني الآن أن أؤكد أن معرض "باريس" هذا العام أعاد لصناعة السيارات نضرتها حطم جميع القيود التي فرضتها الأزمة الاقتصادية علي عقول مهندسي أقسام الأبحاث والتطوير.. ندعوكم للتجول معنا صالات وقاعات معرض باريس من خلال التغطية الشاملة التي نقدمها لكم في هذا العدد.