وزير الخارجية يتفقد القنصلية المصرية في نيويورك ويلتقي بعض ممثلي الجالية    الوكيل: بدء تركيب وعاء الاحتواء الداخلي للمفاعل الثاني بمحطة الضبعة (صور)    الأنبا بولا يلتقي مطران إيبارشية ناشفيل    الوراق على صفيح ساخن..ودعوات للتظاهر لفك حصارها الأمني    نائب محافظ قنا يتابع تنفيذ أنشطة مبادرة «بداية جديدة» لبناء الإنسان بقرية بخانس.. صور    سعر الذهب اليوم في السودان وعيار 21 الآن ببداية تعاملات السبت 28 سبتمبر 2024    تراجع سعر الطماطم والخيار والخضار في الأسواق اليوم السبت 28 سبتمبر 2024    ارتفاع أسعار النفط عقب ضربة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت    بمقدم 50 ألف جنيه.. بدء التقديم على 137 وحدة سكنية في مدينة 6 أكتوبر غدا    بناء القصور وبيع الأصول    الجيش الإسرائيلي يشن غارة جديدة على الضاحية الجنوبية ل بيروت    إعلام عبري: صفارات الإنذار تدوي في صفد ومحيطها    الجيش الإسرائيلي: عملية استهداف نصر الله ستغير شكل الشرق الأوسط    جيش الاحتلال: سنهاجم الضاحية الجنوبية في بيروت بعد قليل    فلسطين.. إصابات جراء استهداف الاحتلال خيام النازحين في مواصي برفح الفلسطينية    رويترز: الاتصال مع القيادة العليا لحزب الله فقد كليًا    الزمالك يعلن عن طبيعة إصابة دونجا وعمر جابر    سهرانين للصبح، استمرار احتفالات الزملكاوية بكأس السوبر الإفريقي (فيديو وصور)    نيرة الأحمر: الله لم يرضَ بالظلم.. وتحملنا ما لم يتحمله أحد    تركي آل الشيخ يداعب شيكابالا وشيكا يحتفل بالفوز(صور)    جوميز ثاني مدرب برتغالي يتوج بكأس السوبر الأفريقي عبر التاريخ    ستوري نجوم كرة القدم.. احتفال لاعبي الزمالك بالسوبر.. بيلينجهام وزيدان.. تحية الونش للجماهير    مصراوي يكشف تفاصيل إصابة محمد هاني    محمد عواد: حققنا فوزًا مستحقًا في السوبر الأفريقي.. ويكشف كواليس أزمته الأخير مع الزمالك    أجواء حارة والعظمى في القاهرة 34.. حالة الطقس اليوم    تجديد حبس عاطل سرق عقارًا تحت الإنشاء ب15 مايو    التصريح بدفن جثمان طفل سقط من أعلى سيارة نقل بحلوان    بدءاً من اليوم.. غلق كلي للطريق الدائري من المنيب اتجاه المريوطية لمدة شهر    برج القوس.. حظك اليوم السبت 28 سبتمبر 2024: لديك استعداد للتخلي عن حبك    وفاة زوجة الفنان إسماعيل فرغلي بعد صراع مع المرض    ذكرى وفاة الزعيم جمال عبد الناصر.. رمز الاستقلال الوطني والكرامة العربية    «عودة أسياد أفريقيا ولسه».. أشرف زكي يحتفل بفوز الزمالك بالسوبر الإفريقي    هشام جمال ينصح المشاركين في «كاستنج»: حاول مرة أخرى إذا فشلت    وفاة زوجة الفنان إسماعيل فرغلي    أنغام تبدع خلال حفلها بدبي ورد فعل مفاجئ منها للجمهور (فيديو وصور)    أبرزها منتجات الألبان.. 5 أطعمة ممنوعة لمرضى تكيس المبايض    يفرز هرمونات ضد السعادة.. نصائح للتخلص من «الكرش»    الأطعمة التي يجب تناولها وتجنبها أثناء فترة الحمل    تفاصيل إصابة شاب إثر الاعتداء عليه بسبب خلافات في كرداسة    حبس تشكيل عصابي تخصص في سرقة أعمدة الإنارة بالقطامية    "المشاط" تختتم زيارتها لنيويورك بلقاء وزير التنمية الدولية الكندي ورئيس مرفق السيولة والاستدامة    5 نعوش في جنازة واحدة.. تشييع جثامين ضحايا حادث صحراوي سوهاج - فيديو وصور    نشرة التوك شو| تحسن في الأحوال الجوية والشعور ببرودة الطقس أوائل أكتوبر    تحرك جديد.. سعر الدولار الرسمي أمام الجنيه المصري اليوم السبت 28 سبتمبر 2024    حظك اليوم.. توقعات الأبراج الفلكية اليوم السبت 28 سبتمبر 2024    الشروع في قتل شاب بمنشأة القناطر    «زي النهارده».. وفاة رئيس الفلبين فرديناند ماركوس 28 سبتمبر 1989    مجلس بلدية صيدا بلبنان: آلاف النازحين يفترشون الطرقات ولا يجدون مأوى    عباس شراقي يُحذر: سد النهضة قد ينفجر في أي لحظة    الأزهر للفتوى: معتقد الأب والأم بضرورة تربية الأبناء مثلما تربوا خلل جسيم في التربية    تزامنا مع مباراة الأهلي والزمالك.. «الأزهر للفتوى» يحذر من التعصب الرياضي    الوزارة فى الميدان    "الصحة" تطلق تطبيقًا لعرض أماكن بيع الأدوية وبدائلها    جراحة عاجلة للدعم فى «الحوار الوطنى»    كل ما تحتاج معرفته عن حكم الجمع والقصر في الصلاة للمسافر (فيديو)    سياسية المصرى الديمقراطى: نحن أمام حرب إبادة فى غزة والضفة    أذكار الصباح والمساء في يوم الجمعة..دليلك لحماية النفس وتحقيق راحة البال    علي جمعة: من المستحب الدعاء بكثرة للميت يوم الجمعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أنصار الدولة المدنية لا يدافعون عنها

إذا كنت تعيش في دولة ليست عسكرية ولا دينية إذن بالضرورة هي دولة مدنية.. هذا ما يتم التأكيد عليه في كل مناسبة، مصر دولة مدنية دستورها وقانونها يقوم علي المواطنه والمساواة بين أفراد الشعب ولا تفرقة فيه علي أساس اللون أو النوع أو الدين.
ولكن الواقع له شواهد أخري فنحن ندخل عام 2011 وهناك قضايا معلقة ووجودها يقوض فكرة الدولة المدنية ويعطي للجماعات والأفكار المناهضة لها مجالا أوسع للانتشار وللترسخ داخل العقل الجمعي، ومازالت الدولة في مصر تتعامل مع تلك القضايا كما تتعامل مع الجماعات الظلامية بمنطق المواءمات والتحايل والاحتواء لندرك أننا أبعد ما نكون عن الدولة المدنية بمعناها الواضح والتي يتم فيها فصل الدين عن الدولة فصلا كاملا في كل أمور الحياة.
معوقات الدولة المدنية في مصر كثيرة أهمها مناهج التعليم التي تبتعد بعقول الأطفال عن التفكير العلمي وتقوض فكرة المواطنة وكذلك تزايد ظاهرة النقاب في أماكن العمل، في المدارس والمستشفيات والمصالح الحكومية متحديا القانون والدولة المدنية. وكذلك جعل المؤسسات الدينية هي المرجعية الأساسية للقضايا المجتمعية، مثلا أن يسأل الأزهر في هل قانون نقل الأعضاء حلال أم حرام، وكذلك التظاهر بدور العبادة وعدم تطبيق القانون في الأحداث الطائفية.
مناهج التعليم
إذا كنا نتحدث عن دولة مدنية فمن المفترض أن مناهج التعليم التي تشكل وعي الأطفال هي التي ترسخ مبادئ الدولة المدنية وطريقة التفكير العلمية والحضارية والإنسانية التي من خلالها يستطيعون أن يتعايشوا مع طبيعة تلك الدولة.. الحاصل في مناهجنا هو العكس، حيث إن كتب اللغة العربية تقحم الدين الإسلامي في كل شيء وتجبر الطالب المسيحي علي حفظ الآيات القرآنية والأحاديث الموجودة بكتاب اللغة .
علي سبيل المثال كتاب اللغة العربية للصف الخامس الابتدائي والذي يحتوي علي ثلاث وحدات، أول درس من كل وحدة لابد أن يكون آية قرآنية أو حديثا شريفا، فمثلا الدرس الخاص بالعمل في وحدة «العادات والتقاليد» هو عبارة عن آية قرآنية مكتوب عليها «حفظ».
واضعو المناهج اذا أرادوا أن يعلموا التلاميذ معني أخلاقيا أو إنسانيا أرجعوه للآيات القرآنية مستشهدين بها، ملزمين التلاميذ بحفظها أنها المرجع الأساسي للأخلاق، المشكلة أنك إذا قلت للتلميذ افعل كذا لأن الدين يقول هذا فأنت أغلقت عليه كل باب للتفكير والاختلاف والإبداع، ناهيك عما يتركة ذلك من أثر سييء في العلاقة بين التلميذ المسلم والمسيحي داخل الفصل.
«المناهج التعليمية مناهج ترسخ للتمييز والقهر الديني» هكذا أكد الدكتور محمد منير مجاهد منسق جماعة «مصريون ضد التمييز الديني» مضيفا: الدين الإسلامي يتم إقحامه في غير موضعه فهناك مادة الدين ولكنك تجده يحتل مساحة كبيرة من كتاب اللغة العربية والجغرافيا والعلوم.. ففي كتاب العلوم للصف الثاني تجد درسا عن النجوم تتصدره آية قرآنية، حتي الخط العربي تجده عبارة عن آيات قرآنية وأحاديث، وذلك يخرب العملية التعليمية ويجعل التلميذ المسلم يشعر بالاستعلاء علي زميله المسيحي، وأن تلك بلده فدينه الوحيد هو الممثل داخل مناهجه ويشعر التلميذ المسيحي بالغربة.
ويعطي مجاهد أمثلة من كتاب اللغة العربية للصف الخامس الابتدائي فيقول: في الوحدة الأولي بصفحة 21 تحت عنوان «نصوص وتذوق» نجد حديثا نبويا حرص مؤلفو الكتاب علي وضعه بمسنده - علي الطريقة الأزهرية - وعلي جميع التلاميذ مسلمين وغير مسلمين أن يدرسوا «عن أبي شريح الخزاعي رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحسن إلي جاره.. إلخ»، ويتساءل: هل لهذا النص أي أهمية خاصة لغوية؟
في هذا السياق أجرت مؤخرا وزارة الدولة للأسرة والسكان دراسة حول مناهج اللغة العربية والدراسات الاجتماعية وأصدرت تقريرا حول مراجعة قيم المواطنة واحترام التعددية وحقوق الطفل كانت نتيجته النهائية أن مناهج التعليم تساهم في تعميق التطرف والتعصب عند النشء والشباب، كما أن المناهج التعليمية لا تعكس واقع التنوع الديني، الثقافي للمجتمع المصري.
قانون موحد لدور العبادة
وكأننا نعشق الأزمات الطائفية.. فنتيجة عدم إصدار قانون دور عبادة موحد إلي الآن شهد عام2010 العديد من الأزمات الطائفية التي كان يسهل تفاديها (أحداث العمرانية مؤخراً ومن قبلها كنيسة الأقصر مثلاً) لو لم يبق هذا القانون حبيس الأدراج.
إصدار قانون موحد لبناء دور العبادة مطلب يتبناه كل من يدعو لدولة مدنية حقيقية قائمة علي المواطنة والمساواة وفي مقدمتهم المنظمات الحقوقية لأنه ببساطة سيقوم بتقليل الاحتقان داخل النفوس ويمنح المواطنين اليقين بأنهم متساوون في الحقوق والواجبات.
فقد قدم المجلس القومي لحقوق الإنسان لمجلس الشعب في أبريل 2007 مشروعًا بهذا الخصوص يتكون من ثماني مواد تنظم عملية البناء لدور العبادة للديانات السماوية الثلاث ويعمل علي تحقيق المساواة فيما يتعلق بإجراءات الحصول علي التراخيص وغيرها من الأمور الإدارية اللازمة لبناء وترميم تلك الدور.
يذكر أن أول من طالب بهذا القانون عام 1972 هو الدكتور جمال العطيفي وكيل مجلس الشعب آنذاك في أعقاب أحداث الخانكة الطائفية، حيث تقدم بمشروع قانون موحد لبناء دور العبادة، وفي عام 2005 تقدم النائب «محمد جويلي» - رئيس لجنة الاقتراحات والشكاوي بمجلس الشعب - آنذاك إلي المجلس بمشروع قانون البناء الموحد لدور العبادة لإقراره . كان ترميم أي كنيسة - حتي لو كان تغيير بلاط أو عمل محارة أو تصليح سباكة دورات مياه - يستلزم موافقة رئيس الجمهورية، حتي صدر القرار الجمهوري رقم 3 لسنة 1998 بتفويض المحافظين بإصدار قرارات خاصة بترميم الكنائس وملحقاتها، ثم القرار الجمهوري رقم 453 لسنة 1998 بمنح الجهة الإدارية المختصة بشئون تنظيم كل محافظة، حق إصدار التراخيص لترميم دور العبادة واللذين أعقبهما القرار الجمهوري رقم 291 لسنة 2005 بتفويض المحافظين بإصدار تراخيص البناء أو إجراء توسعات في الكنيسة، ولكن مازالت سلطة بناء كنيسة جديدة في يد رئيس الجمهورية فقط.
ورغم كل القرارات الماضية فلم تحل مشكلة ترميم الكنائس أو تصبح أقل تعقيدا، لأن الأجهزة المحلية مليئة بمن يتفننون في إيجاد الذرائع لعرقلة أي طلب ترميم ، فهم مثلاً يطلبون نسخة من القرار الجمهوري لرخصة بناء الكنيسة التي بنيت سنة 1930 أو يطلبون نسخة من حجة شراء أرض الكنيسة الأثرية التي يبلغ عمرها 400 سنة.
ولنفس هذه الأسباب دعا مؤخرا المركز المصري لحقوق الإنسان رئيس الجمهورية لإصدار قانون موحد لبناء دور العبادة، وأصدر المركز بيانا وقعت عليه 50 منظمة حقوقية طالبوا فيه الرئيس مبارك بسرعة إصدار القانون لإنهاء ملف الاحتقان الطائفي، المنظمات الموقعة أشارت إلي أنها لا تطلب من الدولة المساواة في العدد بين الكنائس والمساجد، لكنها فقط تطلب تحديد جهة واحدة تفرض شروطها وتوحد الإجراءات المتبعة وتفصل في منح تراخيص بناء وترميم دور العبادة.
الكاتب صلاح عيسي - رئيس تحرير جريدة القاهرة - قال لنا: الدولة خائفة من الجماعات الإسلامية المتطرفة والمناخ الإسلامي المتعصب في الشارع يدعو للقلق، كما أن لجوء الأقباط إلي الاستقواء بالخارج جعل الموقف أكثر تعقيدا.. وأضاف: هناك في الفقه الإسلامي فتاوي بشرية - أي قابلة للمراجعة - ولكن التيارات الإسلامية والإخوان المسلمين قاموا بترويجها وترسيخها في عقول الناس وهي أن البلاد التي يفتحها المسلمون يجوز لأصحاب الملل الأخري أن يحتفظوا بمعابدهم وكنائسهم ولكن لا يجوز لهم أن يزيدوا عليها وتلك بالطبع فكرة خاطئة كمال زاخر يقول إن منطق التردد والخوف والاحتواء للجماعات المتطرفة يفيد الجماعات المتطرفة فقط التي تأخذ مساحة أكبر من الانتشار والتوغل داخل المجتمع وإن ذلك يؤثر علي هيبة القانون فهناك قوانين كثيرة لا ترضي الغوغاء مثل قانون المرور فهل نلغيه خوفا من الناس؟.
قانون الأحوال الشخصية
إذا كنت تتحدث عن دولة مدنية فعلي الأقل يجب أن تتعامل الدولة مع المواطن كإنسان بغض النظر عن دينه وخصوصا في الأحوال الشخصية والنزاعات الاجتماعية وأمور الزواج والطلاق.. وقد يتبادر لذهنك أن لدينا مثلا زواجا مدنيا ولكن في الحقيقة حتي الزواج المدني لا يتم بالمخالفة لقواعد الملة وأنه مجرد توثيق للعقد الذي يكون علي أساس الدين، فلا يمكن مثلا بالزواج المدني أن تتزوج مسلمة من مسيحي وتعترف الدولة بها وبأولادها.
وفي ظل هذا يمكننا أن نستوعب العديد من المشاكل واضطرار الفتيات لتغيير الملة أحيانا وكذلك بالنسبة للأقباط، حيث قانون الأحوال الشخصية لغير المسلمين والذي هو تكريس للطائفية والذي في ظله حدثت الأزمة الشهيرة بين الكنيسة والمحكمة الإدارية والذي بعدها تعالت الأصوات لتقول إن قانون الأحوال الشخصية الموحد للأقباط الذي تتفق الطوائف الثلاث الأرثوذكسية والإنجيلية والكاثوليكية علي نصوص بنوده هو المنقذ.
وبالفعل تم إعداد لجنة ممثلة من الطوائف الثلاث لمناقشة مشروع القانون وإعداد بنود ومن لحظتها بدأ النزاع بين الطوائف الثلاث علي اختلافات جوهرية بينها وأهمها قبول الأرثوذكس زواج أتباعهم من الملل الأخري وكذلك إصرار الكنيسة الأرثوذكسية علي الطلاق لعلة واحدة وهي علة الزني، كما طفت علي السطح في القانون مشكلة التبني، حيث رفضت الدولة أن يوضع بند التبني في القانون لأنه يخالف الشريعة الإسلامية، في حين أصرت في البداية الطائفة الإنجيلية علي عدم التنازل عن هذا البند لأن التبني أساس في العقيدة المسيحية فقد جاء المسيح ليتبني الإنسان ويحمل عنه خطيئة آدم.
ومع كل هذه الخلافات أعلنت الكنيسة من 4 شهور أن الطوائف الثلاث أعدت القانون وأنه الآن في درج وزير العدل ولا يعرف أحد شيئا عنه.. تحدثنا مع الأطراف الثلاثة فبدأ الكلام متضاربا بعض الشيء.
صفوت البياضي رئيس الطائفة الإنجيلية قال إنهم كانوا مصرين علي التبني في المشروع الجديد ولكن وزارة العدل رفضت، ولكنها أعطت الحق في إقرار النسب لمجهول كما هو موجود في الشريعة الإسلامية، ولكن الطائفة رفضت ذلك وأصروا علي التبني، فتم رفض البند. وأضاف البياضي أن المميز في القانون أن هناك مادة خاصة تسمح بالزواج خارج الكنيسة زواجا مدنيا ومسموحا فيها بعدم الالتزام بقيود الزواج والطلاق الكنسية.
بينما قال لنا أستاذ اللاهوت القس إكرام لمعي إن مشروع القانون لم يوقع عليه الإنجيليون لأنهم لا يمكن أن يتخلوا عن مبدأ التبني، وأضاف: كيف يكون هناك قانون موحد للأقباط إذا لم تتقبل الكنيسة الأرثوذكسية من الأساس فكرة زواج أتباعهم من الطوائف الأخري. وقال إن دولا إسلامية مثل تركيا وتونس توحد قوانين الأحوال الشخصية.
رمسيس النجار مستشار الكنيسة الأرثوذكسية قال لنا: الحكومة قالت إنها لن تجيز التبني فتخلوا عن هذا البند احتراما للشريعة الإسلامية، والقانون الجديد لن يجيز الطلاق إلا في حالة الزني، والجديد هو أن الكنيسة صرحت أنه في حالة الطلاق من حق المحكمة أن تحكم بالزواج لمن لم يخطئ. الأنبا يوحنا قلته الذي كان ممثلا عن الكنيسة الكاثوليكية لإعداد مشروع القانون قال إنهم تخلوا أيضا عن التبني احتراما للشريعة الإسلامية واحتراما للدولة وأنهم ليس لديهم مشكلة مع الأرثوذكس في قضية الطلاق لأن الكنيسة الكاثوليكية لا تطلق أصلا، ولكن يحدث انفصال وأنهم وقعوا علي مشروع القانون وهو لدي وزير العدل.
المادة الثانية من الدستور
منذ وقت طويل يطالب العديد من المفكرين والمثقفين بإلغاء المادة الثانية من الدستور علي اعتبار أنه لا يمكن الحديث عن دولة مدنية، والمادة الثانية منه تقول: إن «مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع»، وفي نفس الوقت يري البعض أن إلغاء تلك المادة هو أصعب الخطوات في الطريق إلي الدولة المدنية لأنه أشبه بإشعال حريق في البلد وسيخرج الجميع رافعين المصاحف قائلين «فليعد للدين مجده أو تراق له الدماء» لأن جماعات الإسلام السياسي لا يمكن أن تقبل إلغاء تلك المادة وهي التي استفادت بها ومازالت. فأزمة تلك المادة أنه يتم استغلالها من قبل تيارات سياسية وفكرية لإنكار حقوق المصريين غير المسلمين وفي مواجهة الموجة العاتية التي ستقف ضد إلغاء المادة الثانية للدستور رأي البعض أن يتم تمهيد الخطوة بتعديل المادة الثانية من الدستور، فاقترح الكاتب صلاح عيسي أن يتم تعديل نصها، حيث تكون «مقاصد الشريعة الإسلامية والشرائع السماوية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان مصادر أساسية للتشريع» وهو بذلك يري أننا نسد الطريق أمام استغلالها لصالح دين ضد آخر وإن كان يظل الحل الواضح لدولة مدنية ألا يكون هناك ذكر لدين وإنما مبادئ مدنية واضحة وأن يكون الحكم في ذلك قوة القانون وسلطته علي الجميع لكي نستطيع أن ندعي أننا دولة مدنية. وفي هذا الإطار تقدم مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان إلي رئيس الجمهورية ورئيسي مجلسي الشعب والشوري بنداء لتعديل المادة الثانية من الدستور، وتضمنت قائمة الموقعين عددا من المفكرين والكتاب والصحفيين وأساتذة الجامعة والسياسيين والأدباء والفنانين. وقد أدت هذه المادة إلي صدور أحكام قضائية تنكر علي مواطنين مصريين حقهم في تبني ما يؤمنون به، ولا تترك لهم سبيلا لاستخراج الهوية الشخصية وأوراق الثبوت القانونية سوي تغيير معتقداتهم، كما أن التعديل الذي طرأ علي المادة الثانية والذي أجراه الرئيس السادات عام 1980 والذي بمقتضاه صارت «مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع» لا يورد مصادر أخري للتشريع، مما يجعله المصدر الوحيد، حيث أوضحت اللجنة البرلمانية التي أعدت التعديل في تقديمها أن إرادة المشرع الدستوري تعني أنها «المصدر الوحيد»، وإنها تستهدف بذلك إلزام المشرع بعدم الالتجاء إلي «غيرها»، حتي لو لم يجد في الشريعة الإسلامية الجواب الشافي. وهو ما تنوه به بالفعل المحكمة الدستورية العليا في أحكامها ذات الصلة. لقد كان هذا التطور انتكاسة خطيرة لمبدأ المواطنة ولمشروع الدولة المدنية، كما أن التشريعات في كل دولة تمزج بين استلهام المخزون الحضاري الخاص بها، وتلبية احتياجات تطور المجتمعات في الزمان والمكان. ولا يجادل أحد بالطبع في أن الحضارة الإسلامية تشكل رافدا رئيسيا في التكوين الثقافي للمصريين، إلا أنها ليست الرافد الوحيد، الذي يترتب عليه بالتالي طمس أو تجاهل مساهمات الحضارات الأخري - كالفرعونية والقبطية وغيرهما - في تكوين وجدان وثقافة المصريين.
عدم وجود حل للنقاب
في عام 2007 أجرينا تحقيقا في روزاليوسف كشفنا فيه ظاهرة كانت أشبه بفضيحة حضارية، إذ وجدنا مستشفياتنا في مختلف المحافظات بها ممرضات منقبات وأثبتنا علي أساس مهني وطبي أن هذا يتنافي مع شروط الأمان للمريض، وتوالت التحقيقات ووجدنا أن النقاب منتشر في كل أماكن العمل الرسمية، فهناك المدرسات المنقبات والطبيبات المنقبات ومدرسات الجامعة المنقبات.
واكتشفنا مع توالي التحقيقات أن عدد المنقبات الممرضات يزداد، ورغم أن وزير الصحة أصدر قرارا بمنع النقاب بالنسبة للممرضات وأصدر زيا موحدا للمرضات، وعندما زرنا المستشفيات مؤخرا وجدنا العدد تزايد ولا يوجد أدني التزام بالزي الموحد، ووجدنا أن للممرضات يتحدين القانون والوزير باسم الدين ويتحدثن بأنهن حارسات دين الله بزيهن داخل المستشفيات. وبالحديث مع المنقبات المدرسات والممرضات والطالبات وجدنا أنهن أخطر ما يكون في ذلك البلد علي أفكار المواطنة وتقبل الآخر والدولة المدنية بل بالعكس، فهن في مواقعهن وتعبيرا عن فكرهن الذي يرمز له زيهن أكبر من يساهم في مصر الآن علي نشر أفكار مسمومة داخل الأطفال والتلاميذ والأجيال القادمة وهي أفكار تعادي المدنية وتأخذنا في طريق مظلم حالك كالنقاب الذي يرتدينه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.