رغم التهديدات وسخونة المنافسة إلا أن جميع المشاركين في الانتخابات الداخلية في الحزب الوطني للترشح باسمه رضوا بالآليات والمعايير التي يتم علي أساسها الاختيار. تنوعت صور التعهدات من المرشحين بالالتزام الحزبي، وعدم بيع مستقبل الحزب بالخروج عن الخط إذا لم تأت بهم الانتخابات الداخلية التي ستنتهي يوم 29 أكتوبر الجاري، مقتنعين بالتجربة بعد التأكيدات العملية بأنه لا يوجد ضوء أخضر من القيادات المركزية والأمانة العامة لمرشح ما علي حساب الباقين، وأن الحكم في النهاية سيكون حاصل تراكم نتائج استطلاعات الرأي والمجمع والانتخابات الداخلية. في تجربة فوائدها أكبر من سلبياتها مقارنة بآليات الاختيار في انتخابات برلمان 2005 التي رأي الكثيرون أنها كانت من قيادات الصف الأول وليست اختيارات أوراق اللعبة فيها عند القاعديين. المشهد الحالي بدأ باستطلاعات الرأي المتنوعة وبأكثر من طريقة منها فرق قامت باستطلاعات لأعضاء الحزب بواسطة مكالمات لأشخاص تم اختيارهم عشوائيا تستكشف فيها الرأي المبدئي لمرشحي المجمعات، مرورا باستمارات متنوعة الأهداف والتصنيف حول السمعة والجماهيرية والأداء والتفاعل مع الشارع، ليصل المشهد إلي مرحلة المجمع التي تم اختيار أعضائه في اللحظات الأخيرة وتبليغهم يوم التصويت حتي لا يتدخل عنصر المال في رأي عضو المجمع، ثم الانتخابات الداخلية التي تدور معاركها الآن، حيث ستنضم هذه المسارات الثلاثة مع رأي أمانة المحافظة والأجهزة الرقابية والأمنية والمحافظ وفي النهاية الأمانة العامة بنسبة 1% ليتم تفنيد كل ذلك أمام هيئة مكتب الحزب ليتحدد في آخر الأمر اسم المرشح. -- الرأي العام داخل الحزب بين أمناء المحافظات والأمناء النوعيين وأعضاء المجمع والمرشحين يرتضون هذا المنهج الجديد وأقروا في غالبيتهم بالالتزام بالنتائج، ومن يخرج عن ذلك يقف في طريقه عائق التوكيلات الذي من المفترض أن يمنع تكرار مسلسل نزيف المقاعد كما جري في الانتخابات الماضية بالخروج عن الحزب كمستقل عندما يخلو اسمه من قائمة ترشيحات الوطني، وجهزت أمانة التنظيم نفسها لتجنب هذا الانقسام بقرارها أنه لا إعلان لمرشحي الحزب من الأمانة العامة، ولكن الإعلان سيتم من جانب اللجنة العليا للانتخابات بعد غلق باب الترشيح لأن الحزب سيقدم قائمته في اللحظات الأخيرة لموعد غلق باب الترشيح حتي لا يتمكن من لم تأت به القائمة بالتقدم بأوراقه كمستقل فيحدث الانقسام. ومن المنتظر أن يصدر رئيس الجمهورية هذا الأسبوع قرارا بدعوة المواطنين للانتخابات البرلمانية في موعد أقصاه 60 يوما وسط تأكيدات حزبية بأن تكون موعد الانتخابات 29 نوفمبر والإعادة 6 ديسمبر، لينعقد البرلمان الجديد في موعد غايته 13 ديسمبر حتي لا يحدث فراغ دستوري لأن الدورة الماضية انطلقت في نفس اليوم من العام الماضي. -- بعد مرور 75% من مرحلة اختيار المرشحين، والتي أوشكت علي الانتهاء، كان من الضروري استطلاع من داخل الحزب لتقييم هذه التجربة .. د.«محمد الغمراوي» - أمين القاهرة - يري أن التجربة تعتبر غير مسبوقة، وتعطي دلالة مفادها هي أن الوطني تطور بشكل كبير، وأصبح قائما علي تنظيمات تعبر عن الآراء في اختيار المرشحين من خلال تجربة تضاهي الأحزاب البريطانية والأمريكية، ولذلك ستكون هذه التجربة هي الأساس الذي سينظر له بقية الأحزاب في عملية تقدم الديمقراطية الحقيقية، واختيار المرشحين بواسطة أعضاء الحزب من الوحدات القاعدية مرورا بالقسم والمركز التي ستعطي بلا شك صورة واضحة وأمينة. ويستكمل «الغمراوي» قائلا: «هناك بعض الآراء التي تقول إن تلك التجربة ستشهد حوادث وتجاوزات، لكن الواقع الفعلي يؤكد أننا طامحون لممارسة الديمقراطية علي أفضل ما تكون، فلديك انتخابات في 222 دائرة حدثت مشاحنات في 3 أو 4 دوائر، وذلك يدل علي أننا نمتلك وعيا وأن الناخب المصري عنده بعد نظر وطموحات، وأنه لن يتم انتخاب النواب الذين لم يقدموا ما وعدوا به من خدمات في دوائرهم مرة أخري وبعضهم في مواقف صعبة لأن الناخب بهذه التجربة أصبح واعيا لاختيار من يأتمنه علي قضاياه». وعن دوائر القاهرة يقول «الغمراوي»: إن المنافسات قوية خاصة في الدوائر التي بها عدد كبير من المرشحين بدءا من المطرية وعين شمس ومصر القديمة والبساتين وتتصاعد وتيرة المنافسة بشكل لافت في النزهة والمرج ودار السلام وبولاق، وكانت المفاجأة أن تكون المنافسة في الظاهر هادئة علي عكس ما توقعناه! -- الوضع في دوائر الدقي والهرم وإمبابة له أجواء خاصة تشهد تجاوزات وشائعات في دائرة الهرم والعمرانية وصلت إلي ترويج المرشح «محمد أبو صليب» شائعات بشكل علني ضد النائب الحالي «عبد الناصر الجابري»، فضلا عن خناقات تتم وجها لوجه بينهما، وشائعات أخري ضد المرشح «أحمد حبيب» مع قيام منافسيه باستغلال ما تردد عن تورطه في قضية محافظ الجيزة الأسبق «ماهر الجندي»، بينما يقوم «الجابري» نفسه بالتشهير ب «حسانين سلام» النائب السابق لخمس دورات متتالية، مع تنامي شائعة أن أمين المحافظة «شريف والي» ضد فوز المرشح «محسن البطران»، ويواجه النائب الحالي «الجابري» عدة مشاكل مع العائلات الكبري في المناطق الزراعية صاحبة الكثافة التصويتية الأعلي.. وفي الدقي تحسن وضع «آمال عثمان» في مواجهة المرشح «العامري فاروق» الذي يواصل جولاته وسط أحاديث عن دعم «والي» له! بالرغم من الهدوء التام الذي ساد انتخابات الوحدات الحزبية بالقليوبية إلا أن الكل أجمع أن اليوم السبت ستكون أسخن المعارك في دائرة الخانكة، خاصة بين النائب السابق «رمضان الزيني» الذي تم اتهامه في قضية كروت الشحن و«زكي فوزي بدر الدين»، ويخشي بعض المرشحين من الذهاب للوحدات أثناء الانتخابات لوجود توتر شديد بين أنصار المرشحين خوفا من تحويلها إلي معارك ضارية بين أنصارهما وإشعال الفتنة بين أبناء الحزب واكتفي بعض المرشحين بإرسال sms لأعضاء المجمع وسط تكتلات غير مسبوقة! ويري بعض النواب الذين يخوضون تجربة المجمع في دمياط أن أسوأ ظاهرة منتشرة هذا العام هو تفاقم سلاح المال بشكل غير مسبوق من ناحيه المبالغ وكيفية صرفها علي الدعاية في مخالفة صريحة لقرارات اللجنة العليا للانتخابات! -- وفي الإسكندرية يري «أحمد الزهري» - نائب الشوري السابق - وأحد مرشحي المجمع أن الاستفادة التي تحققت من التجربة، هي أن الحزب أصبح موجودا في الشارع عكس السنوات السابقة، موضحا أن أكثر السلبيات التي يجب أن يتلاشاها الحزب في الإسكندرية هي أنه لابد من إعادة النظر في بعض التنظيميين وأمناء الوحدات لأن البعض يعمل لإرضاء أهوائه الشخصية سواء لجمع أموال أو دعم بعض أقاربهم وليس لخدمة الحزب، وهؤلاء التنظيميون سيتضحون للأمانة العامة بعد الانتخابات مبرهنا علي ذلك بما حدث في دائرة المنشية والجمرك التي ألغيت انتخاباتها بسبب هذه الأهواء بعد أن أفرزت الانتخابات آليات غير منضبطة! وفي المحافظة الهادئة الحديثة 6 أكتوبر انعكست التجربة كما يقول أمين المحافظة د. «هاني الناظر» الذي أكد أن المشاركة تحققت بنسبه 85% وهذا يعني اقتناع القيادات والقواعد بمصداقية وشفافية العملية، موضحا أن ما يحدث في المجمع بمثابة بانوراما أمام متخذي القرار في الأمانة العامة خاصه أنه لا يوجد توجهات لشخص معين بل إن النتائج ستعكس الشخص المناسب الذي يتواصل ويكون قادرا علي الرقابة والتشريع. -- إلي سوهاج حيث معقل العصبية والقبلية، ويعكسها النائب «أحمد أبوحجي» الذي قال: «ما يحدث أشعر المواطن الحزبي أنه أصبح لديه قيمة سياسية، بعد أن وجدت القواعد قيادات الحزب يتصلون بهم ويرجعون إليهم، فضلا عن استطلاعات الرأي التي تمت بأكثر من طريقة منها استطلاع عشوائي بالتليفون يتم تطابقه في اليوم التالي وجها لوجه، وهذا لم يبعدنا عن المشاحنات والشد والجذب بالإضافة إلي أنه أصبحت هناك ثقة في الحزب لأن في الانتخابات الماضية كان المجمع أمر لا يهم أعضاء الحزب لأن الجميع كان يعلم أن المرشح سيطرح من الأمانة العامة، أما هذه المرة فلا علاقة للمستوي المركزي بهذه العملية التي أصبح رأيها استشاريا وصاحب القرار هو العضو». -- وفي النهاية نجد أن أهم نتائج المجمع موجودة في أسوان بمشاركة حقيقية وعالية للنوبيين حيث تحدث أمين المحافظة «خلف يوسف» من مركز نصر النوبة موضحا أن معايير وآليات الاختيار الجديدة جعلت النوبيين يشاركون بتحقيق النسب المستهدفة وهذا ما كان غير متوقع خاصة أننا اعتدنا أن النوبيين كانوا بعيدين عن المشاركة في الفترة الماضية، ولكنهم هذه المرة شاركوا بأصوات قريبة من باقي الأعضاء في المحافظة خاصة في نصر النوبة المشتركة في الدائرة مع كوم أمبو، والكل منتظر للنتيجة خاصة أن التجربة جاءت بعد أن تأكد النوبيون أنه لا انحياز من الحزب لشخص علي حساب شخص آخر وهذا ما كانوا متخوفين منه.