لماذا تستباح الأشجار المورقة، شهية الظل، والثمار، ورحابة الاخضرار، ويقذفها الجميع، بالطوب.. والزلط.. والتسلق الذى ينتهك، خصوصيتها، وجذورها؟ لماذا بوحشية، وغل، وغيظ، وانتقام، تداس الأزهار اليانعة.. وتقطف بهمجية، الورود نادرة الشكل، والعبير؟ لماذا تستخدم كل الوسائل الممكنة، وغير الممكنة، على مدار التاريخ البشرى، فى قمع، وقهر، وكبت، وحجب، وتشويه، المواهب الحقيقية، من الرجال، والنساء؟ فى كل زمن، وفى كل عصر، هناك جواسيس، غير مرئية، للعين الطبيعية، لمراقبة، ومطاردة، وملاحقة وتعويق والتعتيم علي صاحب وصاحبة أى موهبة، فى أى مجال إبداعى... لماذا؟ منتشرون، هم الرجال، بلا مواهب حقيقية... منتشرات، هن النساء، بلا مواهب حقيقية... انتشار، مثل انتشار الذباب، والحشرات فى الحرارة الشديدة... ومثل الناموس، على ضفاف الماء الآسن، والأعشاب العكرة.. لماذا؟ لماذا هذا الخوف الفظيع، من طبيعة الموهبة الحقيقية؟ أحقاً، الموهبة الحقيقية، تستدعى الخوف، وعمل جميع الاحتياطات اللازمة، لمواجهتها؟ هل الموهبة الحقيقية، حصان جامح، منطلق دون حواجز، يرفض البقاء فى اسطبلات الأثرياء، وإن وجد هناك، كل ما لذ وطاب؟ وهل الموهبة الحقيقية، حقاً، تثير الغيرة، والكراهية، والعداء الخفى، والنفور المعلن؟ وأسأل نفسى دائماً، كيف تقدمت البشرية؟ كيف أصبح لدينا، فى الألفية الثالثة، اكتشافات، ومنجزات، واختراعات، وتطورات فى جميع فروع العلوم، والآداب، والفنون، والثقافة.. وإبداعات فكرية أضاءت الدروب المعتمة، للجنس البشرى؟ هل حدث هذا، بسبب الأشجار العارية من الثمار، أم بفضل الأشجار المورقة، شهية الظل، والثمار، ورحابة الاخضرار؟ هل حدث هذا بسبب الشجرة جافة الأغصان، معطنة الثمر، شاحبة الاخضرار؟ أم حدث هذا، بفضل الشجرة ندية الأوراق، طازجة الأوراق، الممتلئة بالثمار؟ هل تقدمت البشرية، ومازالت، بسبب تلك الأشجار الخربة، التى لا يفكر أحد، فى رجمها، بالطوب، والزلط، والتسلق، الذى ينتهك خصوصيتها، وجذورها؟؟؟ أم تقدمت البشرية، ولا تزال تسعى، بفضل تلك الأشجار، المتخمة بالثمار، سخية الظل، ناصعة الاخضرار، والتى تُرجَم بكل الأشياء، وجميع الحجارة، والقمامة المادية، والقمامة المعنوية، والقمامة الفكرية... لكنها أشجار صامدة.. متحدية.. نبيلة.. مقاتلة.. رائعة. هذا الشهر، أهدى وردتى، إلى الأشجار المثمرة، المقاتلة، الخضراء، التى تُرجَم بالحجارة.. لكنها ويا للمفارقة هى التى تصنع أجمل حضارة. * من بستان قصائدى أنا سعيدة فى أحزانى أنا الكون كله فى وحدتى أنام على وسادة من الشعر أصحو على غناء الكلمات أنزف من سحر تفردى وأعتلى السماء بتمردى