مى فهيم هذا الاستطلاع قد يصبح فتنة الأيام القادمة.. إنه يطرح السؤال عن الحق العلنى فى انتقاد الأديان ولا يحدد نوع النقد أو مداه، هو حق جاهز للطرح وهكذا.. دون حدود أو قيود.. وبالطبع.. يمكن تصور رد فعل هذا الاستطلاع فى الدول الإسلامية.. كلها تقريبا رفضت وإن اختلفت النسب.. الصدمة الحقيقية أن 13 دولة أخرى من أصل 20 على مستوى العالم وافقت على هذا الحق، ورفضت بشدة أن يكون للحكومات أى حق فى معاقبة الذين ينتقدون الأديان. تعكف الجمعية العامة للأمم المتحدة على مناقشة اقتراح يدعو الأمم لاتخاذ إجراءات ضد تشويه الدين، فهناك 13 دولة من بين 20 حول العالم تدعم حق انتقاد الدين.. وأظهرت نتائج الاستفتاء الأخيرة موافقة 57% على ضرورة السماح للشعوب بانتقاد الأديان علنا بما يدعم حرية التعبير، فى المقابل وافق 34% على ضرورة سن تشريع يتيح للحكومة الحق فى فرض غرامات مادية أو عقوبات جسدية على محاولات انتقادات الأديان لما ينتج عنها من تشويه الأديان. الأمر حاليا يتعلق بضرورة طرح مسألة حرية التعبير للمناقشة فى الآونة الأخيرة، ودعت منظمة المؤتمر الإسلامى المؤلفة من 56 دولة إسلامية، جميع دول العالم للتصدى بفاعلية لعمليات تشويه الأديان والعمل على دحض كراهية الأديان بوجه عام، والإسلام والمسلمين بوجه خاص. وأفادت التقارير أن هناك 7 دول وافقت على ضرورة منع انتقاد الأديان بينها خمس ذات أغلبية مسلمة، وجاءت نسبة الرفض كالآتى 71% فى مصر و62% فى باكستان و57% فى العراق و49% فى أندونيسيا، وفى الأراضى الفلسطينية جاءت النسبة 51% وسجلت الهند نسبة 59% ونيجيريا 54% - الجدير بالذكر أن كلا من الهند ونيجيريا من الدول التى عانت مأساة العنف الطائفى. وفى مارس الماضى، مرر مجلس الأممالمتحدة لحقوق الإنسان القرار ومن المتوقع أن يتم عرضه أمام الجمعية العمومية قبل حلول نهاية عام .2009 وكانت قد تمت الموافقة على قرارات مماثلة منذ عام 1999 وقد تم تمريرها من جانب الجمعية العمومية منذ عام .2005 من جانبها عارضت جمعيات حقوق الإنسان والعديد من الحكومات الغربية من بينها الولاياتالمتحدةالأمريكية القرار، مشيرة إلى أنه يقيد حرية التعبير وقد يستخدم لكبح جماح حرية الأديان بدلا من حمايتها.. الأسبوع الماضى صرحت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون أن الولاياتالمتحدةالأمريكية ستقف بقوة ضد التمييز والاضطهاد، ولكن قدرة الفرد على ممارسة دينه ليس لديها أى شىء يتعلق بحرية التعبير للآخرين فينبغى أن يواجه الاختلاف مع الآخر بتسامح وليس عن طريق القمع. وفى مطلع هذا الشهر دافع زكريا أكرم - ممثل منظمة المؤتمر الإسلامى - عن القرار، مشيرا إلى أن المنظمة تولى أهمية كبرى لممارسة حرية العقيدة والتعبير، ولكن ممارسة هذا الحق حملت معها الواجبات والمسئوليات والتى تشمل الحاجة لمحاربة خطاب الكراهية. وأجرت منظمة الرأى العام العالمى استطلاعاً شمل 18487 شخصا فى 20 دولة وتضمنت الكثير من الأمم الكبرى مثل الهند والولاياتالمتحدة وإندونيسيا ونيجيريا وروسيا بالإضافة إلى المكسيك وشيلى وألمانيا وبريطانيا العظمى وفرنسا وبولندا وأوكرانيا وكينيا وأذربيجان ومصر وتركيا والعراق وباكستان والأراضى الفلسطينية وكوريا الجنوبية وتايوان وهونج كونج، وتراوح هامش الخطأ بنسبة من 3-/+ إلى 4% وأجرى الاستفتاء حول عدد من الدول المختلفة فى الفترة ما بين 25 أبريل إلى 9 يوليو عام .2009 ويلقى حق انتقاد الدين فى الولاياتالمتحدةالأمريكية تأييدا كبيرا بلغت نسبته 89% مقابل 9% من الأشخاص يدعمون وضع الحكومة قيودا عليه، تليها شيلى وتصل نسبة التأييد فيها إلي 82% ثم المكسيك بنسبة 81% وبريطانيا بنسبة 81% وألمانيا 76% وبولندا 68% وفرنسا 66% وروسيا 61% وكوريا الجنوبية 59% وتركيا 54% وكينيا 54% وأوكرانيا 53%، وبلغت نسبة التأييد فى تايوان 68% وفى هونج كونج 81% على ضرورة منح حق انتقاد الدين، وتعد الدول الإسلامية هى أكبر الدول المؤيدة لحظر انتقاد الأديان، حيث أوضح استطلاع منفصل من جانب منظمة الرأى العام العالمى فى 2008 وافقت فيه الأغلبية على أهمية منح الحق للتعبير عن أى رأى من بينها انتقاد الحكومة أو رجال الدين بلغت نسبتها فى إندونيسيا 94% والأراضى الفلسطينية 94% ومصر 80% ولم يتضمن الاستطلاع العراق وباكستان. كما تضمن الاستفتاء الذى أجرى فى 2008 التساؤل بشأن هل ينبغى أن يكون للحكومة حق منع مناقشة بعض الآراء الدينية والسياسية وبلغت نسبة الموافقة على الحظر فى إندونيسيا 55% وفى كينيا 67% وفى تايلاند 63% بينما انقسمت مصر بين 49% مؤيد و49% رافض وفى حين قالت 16 دولة أن الحكومات لا ينبغى أن يكون لها مثل هذا الحق. من جانبه يتابع مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء والذى يترأسه الدكتور ماجد عثمان أحدث الاستطلاعات العالمية التى تتناول آراء مواطنى دول العالم فى بعض القضايا وثيقة الصلة بمصر وبمنطقة الشرق الأوسط مثل الإساءة للأديان وانتقادها وإرسالها إلى مجمع البحوث الإسلامية لمناقشتها واتخاذ الرأى بشأنها. كان مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قد قدم فى مارس 2009 مقترحاً بدعوة الدول لاتخاذ إجراءات صارمة ضد الإساءة للأديان، ومن المتوقع أن تنظر فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة قبل نهاية العام الحالى، فلم يكن أحد يتوقع أن تتعارض مفاهيم حرية التعبير عن الرأى مع غيرها من الحريات والحقوق الشخصية التى يعتز بها ويدافع عنها كل شخص، وعلى رأس هذه الحقوق الحق فى الاعتقاد وهو حق أصيل من الحقوق التى كفلتها المواثيق الدولية ونصت عليها الوثيقة الرسمية لحقوق الإنسان، وقد ظهر خلال العقد الأخير كثير من المحاولات التى تنتهك - عن قصد ومع سبق الأصرار والترصد - حرمة الأديان وتتهكم على الرموز الدينية، ولم ينس العالم قضية الرسوم المسيئة لرسول الإسلام والتى نشرتها الصحف الدنماركية وروجت لها من بعدها الصحف الهولندية، كما لم ينته الجدل الدائر حول الحجاب كرمز دينى إسلامى فى كثير من الدول الأوروبية وعلى رأسها فرنسا.. كذلك لم ينس العالم الجريمة التى ارتكبت على الأراضى الألمانية فى حق المصرية المسلمة مروة الشربينى، وأخيراً جاءت موافقة 57% من السويسريين على حظر بناء المآذن على الأراضى السويسرية لتعطى مؤشراً خطيراً على عدم احترام الأديان والاضطهاد الدينى فى بعض الدول الأوروبية، وفى هذا السياق أجرى مشروع استطلاعاً للرأى فى الفترة ما بين 29 أبريل و5 يوليو 2009 حول توجهات (20298 مبحوثاً) فى 20 دولة وجزيرتى هونج كونج وتايوان نحو الإساءة للأديان وانتقادها، وأجرى الاستطلاع فى مصر مركز «Ahitadely Arket Reseach» على عينة بلغ حجمها 600 فرد من خلال المقابلات وقد شمل الاستطلاع دول.. الأمريكيتين: الولاياتالمتحدةالأمريكية، المكسيك، شيلى. أوروبا: فرنسا، بريطانيا، روسيا، أوكرانيا، المانيا، بولندا. الشرق الأوسط وأوراسيا: مصر - تركيا - فلسطين - العراق - أذربيجان. أفريقيا: كينيا - نيجيريا. آسيا: إندونيسيا - الهند - كوريا الجنوبية - باكستان - تايوان - هونج كونج. أظهرت النتائج أن الغالبية فى الدول التى شملها الاستطلاع تطالب بحقها فى الانتقاد العلنى للأديان، وقد تم أخذ متوسط آراء المبحوثين فى «20 دولة» بشأن توجههم نحو حظر الانتقاد العلنى للأديان وكانت النتائج كالآتى: 1 - رأت غالبية المبحوثين أنه يجب أن يكون لهم الحق فى الانتقاد العلنى للأديان انطلاقاً من حقهم فى حرية التعبير (57%). 2 - فى المقابل أشار 34% من إجمالى المبحوثين إلى أن الحكومة يجب أن يكون لها الحق فى معاقبة من يقومون بالانتقاد العلنى للأديان بسجن أو دفع غرامة لأن ذلك من شأنه الإساءة للأديان و(9%) لا يعرفون ورفضوا الإجابة. 3 - هذا المتوسط لآراء المبحوثين فى 20 دولة لم يشتمل على آراء المبحوثين فى كل من جزيرتى تايوان وهونج كونج. 4 - المبحوثون فى أمريكا الشمالية هم أشد المتمسكين بحقهم فى انتقاد الأديان وأكثر الرافضين لأن يكون للحكومة الحق فى معاقبة من يقوم بذلك. وبسؤال عينة من المواطنين فى الدول التى شملها الاستطلاع حول توجهاتهم فى ظل الجدل المثار نحو قضية حظر الانتقاد العلنى للأديان جاءت الولاياتالمتحدةالأمريكية فى مقدمة الدول محل الاستطلاع التى شدد مبحوثوها على تمسكهم بحقهم فى الانتقاد العلنى للأديان باعتباره جزءاً من حقهم فى حرية التعبير بنسبة 89%. وتذيل العراق قائمة الدول محل الاستطلاع التى يؤيد مبحوثوها حرية الانتقاد العلنى للأديان بنسبة (26%). وفى المقابل كان المبحوثون المصريون هم أكثر من أكدوا على ضرورة أن يكون للحكومة الحق فى معاقبة من يقومون بالانتقاد العلنى للأديان بالسجن أو دفع الغرامة لأن ذلك من شأنه الإساءة للأديان بنسبة (71%).؟