بينما كانت تداعيات ما نشرناه الأسبوع الماضي عن «مافيا المحامين» بجنوب سيناء والذين تمكنوا من الاستيلاء علي أراضي الدولة وبيعها لإسرائيليين وأجانب عبر مستندات «مزورة» تثير العديد من ردود الأفعال المختلفة علي المستويين الشعبي والرسمي حصلت «روزاليوسف» علي العديد من المستندات والوقائع التفصيلية التي تفيد ب«الدلائل المؤكدة» أن سيناريو التلاعب بأراضي الدولة في سيناء تجاوز بكثير حجم ما كنا نتوقعه! فالسيناريو تكرر بصورة «كربونية» في المحافظة الشمالية.. وبدت في خلفيته مؤشرات تقطع بأن هناك مخططا ما لتسليم أراضي سيناء التي استعدناها بدمائنا إلي الأجانب ومجهولي الانتماء. وعبر ما حصلنا عليه من مستندات سوف تشهد محكمة الإسماعيلية خلال الفترة المقبلة وقائع دعوي قضائية جديدة بطلها «محام» حاول الاستيلاء علي 800 فدان من أراضي سيناء عبر أوراق وأحكام «مزورة» ادعي خلالها امتلاكه لهذه الأرض.. وهي ليست الدعوي الوحيدة التي حصلنا علي تفاصيلها من واقع السجلات والمستندات الرسمية.. والأحداث التي أمامنا ليست أحداثا فردية بالمرة.. بل تحركها شبكة من المحامين عبر سيناريو محكم يضرب بجذوره لسنوات طويلة ماضية! والسيناريو «المشبوه» استعانت خلاله شبكة المحامين ببعض الموظفين العاملين بمحكمة الإسماعيلية الابتدائية.. وامتد كذلك للتلاعب إلي جانب الأراضي المملوكة للدولة بالأراضي التي تم نزعها من الأفراد للمنفعة العامة. وامتد السيناريو أيضا ليطال أراضي إحدي المحميات الطبيعية والتي تعد واحدة من أهم مصادر الثروات الطبيعية بالمنطقة وأحد الملامح المهمة في الساحل الشمالي لسيناء، إلا أن المحامين المتهمين تغاضوا عن ذلك وسعوا للتلاعب والتزوير تمهيدا لبيعها دون الاكتراث بأنهم بهذه الصورة يضعون ثروات سيناء تحت أقدام مستهدفيها! والوقائع التي نحن بصددها وترويها لنا المستندات تتمثل أحداثها فيما سرده المستشار مجدي عبدالباري رئيس محكمة الإسماعيلية الابتدائية الذي بمجرد اكتشافه الحيل القانونية والتواطؤ المشبوه بين المحامين وموظفي المحكمة أرسل عددا من المذكرات للمسئولين بوزارة العدل، كانت الأولي منها لمساعد وزير العدل لشئون المحاكم وتتعلق بما نشرناه في العدد السابق من تزوير في أحكام «تحكيم» لبيع أراض بجنوب سيناء للأجانب من أصول يهودية يحملون جنسية دولة إسرائيل. والمذكرة الثانية أرسلت إلي المستشار ممدوح مرعي وزير العدل، الذي أمر بدوره بفرض سرية شديدة حول الوقائع لحين الانتهاء من التحقيقات ومخاطبة أربع جهات أمنية سياحية للتحري عن الأمر. وتضمنت المذكرة الثانية المتعلقة بوقائع الاستيلاء علي أراض بشمال سيناء كشف الملابسات حول 46 حكما تعود إلي ثلاثينيات القرن الماضي تم تزويرها وإيداعها محكمة الإسماعيلية وهي أحكام كتبها المحامون بأنفسهم بعد تزوير تواريخها وإيداعها بالحفظ ليعودوا بعد ذلك ويرفعوا دعاوي قضائية للحصول علي الأرض بادعاء ملكيتهم لها منذ الثلاثينيات! عندما اكتشف المستشار مجدي عبدالباري رئيس محكمة الإسماعيلية تلك الأحكام أرسل خطابا لوزير العدل.. حصلت «روزاليوسف» علي نسخة منه ذكر فيه: تلاحظ لي من خلال متابعة غرف الحفظ بمحكمتي الإسماعيلية وشمال سيناء وجزئياتهما وجود أحكام قديمة تعود لفترة الثلاثينيات بغرف الحفظ، والاستناد إلي بعض منها وتقديمها كمستندات في الدعاوي المتداولة.. وإدعاء حقوق بناء عليها.. أو طلب تزيلها بالصيغة التنفيذية التي غالبا ما تفيد المعلومات أنها تخص أراض مملوكة للدولة، سواء بتملكها للدولة من حيث الأصل أو سبق نزع ملكيتها للمنفعة العامة.. رغم مرور أكثر من 15 عاماً علي صدورها.. وما يثيره وجود تلك الأحكام بغرف الحفظ بالمخالفة للتعليمات في هذا الخصوص التي توجب إرسالها إلي دار المحفوظات سابقاً بعد مرور 15 عاماً علي صدورها. وكانت تفاصيل الخطة التي حصلنا عليها، وأعدلها المحامون.. تعلق أخطرها بالتخطيط للاستيلاء علي 60 كيلو مترا بأرض سبكية (محمية طبيعية) تمثل أحد المفاتيح الرئيسية لهجرة الطيور في العالم.. وقد أثبتت الدراسات أهمية المنطقة وموقعها الفريد الذي يربط بين قارات آسيا وأفريقيا وأوروبا.. وقد تم تسجيل 244 نوعاً من الطيور في المحمية تمثل 14 فصيلة، كما أنها تعد مثالاً لبيئة ساحل البحر المتوسط ومناطق السنجات والأراضي الرطبة.. وكانت هذه الأراضي جزءا من محمية «الزرانيق» التي تعد مثالاً لبيئة ساحل البحر المتوسط ومناطق السنجات والأراضي الرطبة والتي تشغل مساحة 250 كم2 بالجزء الشرقي لبحيرة البردويل.. وتقع علي مسافة 35 كم غرب مدينة العريش و120 كم من قناة السويس. وتتنوع الحياة البرية بها حيث لا تنتشر في مياه بحيرتها الأسماك والكائنات البحرية الدقيقة وحشائش البحر.. وينمو علي رمالها نحو 155 نوعاً من النباتات والأعشاب الرعوية والطبيعية كما يقع في نطاقها موقعان أثريان هما الفلوسيات والخوينات. وبالفعل قام أحد محضري التنفيذ بمحكمة شمال سيناء بتسليمها لأحد المحامين حتي ألقي القبض عليه لكن المحكمة قضت ببراءته استناداً إلي أن «المحضر».. وهو موظف بسيط محدود التفكير لم يخطر بباله الأهمية التي تمثلها قطعة الأرض! والمتهمان الرئيسيان في الواقعة هما: محمود عثمان وعبدالمقصود لاشين من مدينة العريش إذ قاما بتزوير الحكم وإدعاء أن تاريخه يعود لعام 1941 لإثبات ملكيتهما لقطعة الأرض التي باعاها بعد ذلك لفلسطينيين وعرب 48. واكتشف كذلك حكم أخر نسب تاريخه لعام 1962 وكان المتهمان الرئيسيان فيه هذه المرة: محمد حامد وعبدالحافظ نصر الزملوط المحامي بالإسماعيلية يفيد إثبات ملكيتهما لقطعة أرض تبلغ مساحتها ثمانية أفدنة منزرعة بأشجار النخيل.. وتتبع قسم ثاني الإسماعيلية، حيث ادعيا أن الأرض، وما عليها من نخيل وأشجار مملوكة لهما «وضع يد» منذ أكثر من ثلاثين عاماً.. وادعي أحدهما أنه ورثها عن والده الذي كان يضع يده عليها بغرض التمليك والتصرف فيها دون نزاع، طوال هذه المدة.. فضلاً عن 10 أفدنة أخري! وقد صدرت أحكام بناء علي اكتشاف أعمال التزوير السالفة، منها ما صدر في الجناية رقم 1639 لسنة 2008 شمال سيناء بالحكم 5 سنوات.. وفي الجناية رقم 661 لسنة 2008 الإسماعيلية بالحكم 3 سنوات لكل متهم من المتهمين.. وكذلك الحكم في الجناية رقم 64 لسنة 2009 كلي الإسماعيلية بأحكام تتراوح ما بين 5 إلي 10 سنوات.