عن قرب.. مع أسرة الشهيد أيمن حامد رقيب الشرطة الذى راح جراء أحداث «نجع حمادى» ونسيه الجميع وسط أصوات الفتنة الصاخبة، وقفنا على صورة مهمة، حاولت الكثير من وسائل الإعلام التى تبحث عن الإثارة تلويثها.. عرفنا كيف يمكن أن تكون « المحبة» معنى حقيقيا وواقعيا بتضحية أهله، ومواقف البابا شنودة المصرية الوطنية التى لم تنسه، وأثر فينا الأنبا بسنتى حينما قال إن الشهيد أيمن يصرخ بدمائه من أجل العدل.. وكان هذا أقوى من أى أحداث طائفية.. وكيف أن العنف لا يفرق بين المسلم والمسيحى. استشهاد الرقيب أيمن الذى التقت «روزاليوسف» أسرته، أقل ما يمكن أن يقال فى حقه، رغم فداحة المصاب على ذويه، إنه بمثابة شعاع ضوء لامع للوحدة الوطنية، حتى وإن لم يلتفت إليه الكثيرون وسط اشتعال النفوس والقلوب بمآسى القتلى والمصابين، واشتغال الإعلام الأصفر بصحفه وفضائياته بالحديث عن « الفتنة» التى قالوا إنها ألمت بنجع حمادى؟ أمين الشرطة المسلم استشهد متعانقا مع صديقه الشهيد المسيحى رفعت رفيق وليم أثناء عودتهما من دير الأنبا بضابا إلى مدينة نجع حمادى للاحتفال معا بعيد الميلاد المجيد. ولعل البابا شنودة بفطنته وذكائه المعهودين قد أدرك هذه الحقيقة، فساوى بينه وبين الشهداء المسيحيين فى التكريم والإعانة المالية، وكلف الأنبا كيرلس أسقف نجع حمادى بتسليم مبلغ 40 ألف جنيه لزوجة الشهيد وأبنائه، وقال لأسرة الشهيد: أيمن مثله مثل أبنائنا الشهداء المسيحيين، فهو مواطن مثل ملايين المصريين لم تعرف الفتنة والفرقة بين أبناء الوطن الواحد طريقا إلى عقله أو قلبه، وليس أقل من أن أقوم بنفسى بزيارة منزل أسرته وتقديم مساعدة البابا لها ! فى منزل الشهيد زرنا أهل الشهيد فى شقة متواضعة بالطابق الثانى بعمارة مكونة من 10 طوابق بمنطقة السوق التابعة لنجع حمادى، وأسرته هى « زوجته وأبناؤه الثلاثة» : آية 9 سنوات وأحمد 7 سنوات ومحمد 3 سنوات.. ورغم حالة الحزن التى تكسو وجوه أفراد الأسرة لاتزال الأم التى ترتدى ملابس الحداد حريصة على أن تخفى دموعها عن أعين أطفالها الذين يسألون عن والدهم، خاصة الابن الأصغر. زوجته الشابة « وفاء حسن جعفر» قالت لنا : لن يهدأ لى بال حتى أرى المجرمين فى حبل المشنقة.. فقد حرموا أطفالى من والدهم الذى كان كل شىء بالنسبة لهم حتى إن محمد مازال يسألنى عن والده ومتى يعود، وهو لا يدرى أن أسئلته تعذبنى وتجعلنى أغرق فى دموعى، كلما آويت إلى فراشى.. فقد فقدت الزوج والأب والابن. شقيقه الأصغر وليد « مدرس» بادرنا بلهجة تكسوها الدموع : أيمن لم يكن شقيقى فقط بل كان صديقى ومعلمى، رغم أنه يكبرنى بثلاثة أعوام فقط.. لم يمر يوم دون لقائنا رغم ظروف عمله وعزاؤنا فى أبنائه وردنا على حبه لأشقائه بتربية أبنائه كأنه موجود. متابعا : مساعدة قداسة البابا شنودة لأسرة شقيقى وقيام الأنبا كيرلس بنفسه بتسليمها لهم ومساواته بالمسيحيين ليست أمرا غريبا فى نجع حمادى.. فنحن لم نشعر يوما بفارق بين مسلم ومسيحى.. وعلاقتنا كانت ومازالت علاقات صداقة وأخوة حقيقية دون مجاملة أو تزويق، ولا يمكن لمجموعة من القتلة والمجرمين أن يفرقوا بيننا، حتى إننى بالمصادفة أثناء وجودى أمام محل بقالة سألنى شخص: هل أنت شقيق المرحوم أيمن.. وقال لى إنه شقيق المرحوم أيمن زكريا الذى راح ضحية الحادث الغادر فتعانقنا، وظللنا نبكى فى الشارع وسط تعاطف المتواجدين. مشكلة أبناء المرحوم هى أن إيجار شقتهم 350 جنيها بينما معاشه 250 جنيها.. فيجب أن يكون هناك معاش استثنائى من وزارة الداخلية. محبة رغم اختلاف الدين جيرانه من المسلمين والمسيحيين على حد سواء يذكرونه وكأنه مازال يعيش بينهم، وزياراتهم يومية لأبنائه للاطمئنان عليهم. رأفت لمبى «صاحب صيدلية» وأبو عماد «موظف» مسيحيان يقطنان فى نفس العمارة ويقولان: أيمن كان أكثر من شقيق لنا ولكل سكان العمارة ولم نشعر يوما بفوارق بيننا وكان أيمن أول من يشاركنا احتفالاتنا فى الأعياد والمناسبات وأول من يقف بجوارنا فى الأحزان والمكاره. أحمد محمود -موظف- والسيد إسماعيل- تاجر- وعبد الراضى سليمان -عامل- من أهالى المنطقة : أيمن كان محبوبا من الجميع.. لم يتأخر يوما عن خدمة أحد منا ولو شاهد بالصدفة أيا من أهالى المنطقة بمركز الشرطة لا يتركه حتى ينهى مهمته مهما كانت صغيرة أو كبيرة، وإذا وقعت مشكلة بيننا يكون فى مقدمة من يتدخلون لإنهاء النزاع.. وواساهم البابا فى فقيدهم وقال لهم: «إننا ننتظر حكم القضاء.