هل أصبحت خناقات النواب والمحافظين مشهدا تقليديا فى الصورة الذهنية العامة.. أم أنها مظهر من مظاهر مولد الانتخابات الذى اقترب كثيرا؟! أسئلة تتزايد مع تكرار اشتباكات النواب والمحافظين، وأحدثها أزمة مصطفى السلاب وكيل اللجنة الاقتصادية ومحافظ القاهرة د. عبدالعظيم وزير، الذى خسر كثيرا عندما تربص بالسلاب لمجرد أنه ساند المخالفين فى عزبة الهجانة لأسباب انتخابية، ويذكر وزير أن هناك مخالفات لأسرة السلاب يصل إجماليها إلى 20 مليون جنيه لا يريد أن يسددها لخزانة الدولة إلا عندما اختلف معه فى المصلحة، استخدم كل قوة وقيادات العاصمة لوقف السلاب عند حده، نموذج صارخ على استغلال النفوذ وفساد السلطة المتوازى مع انتشار التجاوزات والمخالفات! نحن أمام طرفين فاسدين، يجب أن نوقفهما عند حدهما، فلا يمكن أن يغمض المحافظ عينه عن مخالفات مليونية عن هذا النائب الملياردير لمجرد أنهما متوافقان، وعندما يختلفان يفتح له الملفات القديمة، وفى المقابل لا يمكن السكوت عن تجاوزات ومخالفات النائب السلاب، فليس الحل فى وقف إزالة المخالفات ولو مؤقتا، بل معاقبة الاثنين! لكن معروفا عن المحافظ وزير أنه لا يقبل الرأى الآخر لو كان مختلفا معه ولو قليلا، حتى إنه يقاطع الصحف ويطرد صحفييها لو تعرضوا لما هو ضد سياساته وكشفوا أخطاءه، وهذه ليست عقلية تدير مشروعات تطوير القاهرة 2020 - 2050 فهذا المحافظ لا يمر من أزمة إلا ويقع فى أخرى، فعلى سبيل المثال كان معاقو مدينة النهضة والسلام يتظاهرون ضده لأن المحافظ لم يسلمهم شقق المحافظة رغم سداد كل الأقساط، وعندما طالبوا بحقهم تطاول عليهم رجاله، وتزامن ذلك مع أزمة السلاب والمحافظ الذى تورط فيها وزير الإسكان أحمد المغربى.. وزايد فيها الكثير من النواب منهم ماهر الدربى رئيس لجنة الإدارة المحلية والمعروف أنه لديه أملاكا فى عزبة الهجانة! ورغم صمته المثير ضد كل هذه الاتهامات التى يرددها السلاب فى البرلمان واللجان والفضائيات، قبل أن يسافر مع أسرته فى إجازة قصيرة لشرم الشيخ ليريح أعصابه بعد كل هذه الانفعالات التمثيلية التى كان بطلها فى البرلمان خلال الأيام الأخيرة والتى سانده فيها نواب المعارضة قبل الوطنى لدرجة أن أحمد عز كاد يفقد السيطرة على الموقف خاصة أنه كان هناك الكثير من المهيجين، الذين كانوا يستغلون بكاء ونواح السلاب وآهاته فى إثارة الموقف والتصعيد أكثر وأكثر ورفض أى فرصة للحل! واضطر محافظ القاهرة لإرسال مذكرة لأمين التنظيم بالوطنى - أحمد عز - يشرح فيها موقف مخالفات عائلة السلاب بخلاف المذكرة التى أرسلها لرئيس مجلس الشعب د. فتحى سرور فى محاولة منه لإقناع عز بموقفه، بعدما سادت أجواء من الغضب المحافظة بعد قرار رئيس الوزراء بوقف الإزالات بشكل مؤقت! أزمة السلاب ووزير يبدو أنها لن تنتهى بقرار د. أحمد نظيف بوقف تنفيذ الإزالات لعقارات عائلة السلاب بمدينة نصر لحين ورود تقرير جهاز تفتيش الإسكان، بعدما تقدم النائب المستقل جمال زهران بمذكرتين عاجلتين لرئيس المجلس.. الأولى : يطلب فيها تحويل خمسة من نواب الأغلبية للجنة القيم متهما إياهم بالتعدى عليه بالقول ومحاولة التحرش به وضربه فى حضور وزير الإسكان أحمد المغربى أثناء مناقشة لجنتى التنمية المحلية والإسكان لأزمة السلاب والمحافظ. والمذكرة الثانية : للنائب هى النكتة حيث يشكو فيها من اضطهاد زملائه بالمجلس له قائلا: اشمعنا انتصروا لنائب الوطنى ولم ينتصروا لى فى أزمتى مع محافظ القليوبية الذى يضطهدنى ويضايقنى أيضا، بينما لم يذكر طبيعة هذه المضايقات، فى محاولة من محاولات زهران المعتادة للقفز على الأحداث! وكان رئيس المجلس منذ اللحظة الأولى لطرح مشكلة السلاب يرفض مناقشتها بالجلسة، واتصل بالمحافظ تليفونيا قبل السماح بإلقاء البيان العاجل لحل الأمر بشكل ودى إلا أن وزير أصر على موقفه، مؤكدا أن السلاب وعائلته يخالفون القانون وأرسل للبرلمان قائمة بمخالفاته المليونية، وكما يؤكد وكيل المجلس عبدالعزيز مصطفى فإن هذا الملف كان فى صالح السلاب ومكنه من الرد على ما ورد بالمستندات لتبرأ ساحته وأخواته. بكاء النائب وصراخة فى البرلمان طالبا الحماية «احمينى يا ريس» وتأكيده تلقى مكالمات تهديد من رجالة المحافظ على حد وصفه عندك أولاد وشركات خاف عليهم أشعل نيران التعاطف مع نائب الوطنى الملياردير فتحول البرلمان إلى حالة من الغليان على مدار يومين حاول سرور فى اليوم الأول الاستعانة بعز لمساعدته فى تهدئة ثورة النواب إلا أن أمين التنظيم لم يكن أقل منهم ثورة، وهب بانفعال عندما طلب منه سرور التعقيب بقوله دى إساءة للسلطة وإهانة للبرلمان وضرب بيده على مقعده مطيحا بالمايك وما أمامه من أوراق، فاشتعلت الأجواء ما بين تصفيق لمساندة أمين التنظيم للنواب فى غضبهم وما بين صراخ لطلب قرار فورى من البرلمان لرفع هذه الإساءة التى وصفها النواب كما جاء فى البيان العاجل ب«كيد النسا» الذى لا يقبل حتى ولو كان النائب مخالفا فلماذا لم يبحث المحافظ فى دفاتره القديمة إلا بعد أزمته مع النائب فى قضية إزالات الهجانة.. واضطر سرور لرفع الجلسة دون استكمال جدول الأعمال قائلا: أخشى أن يقال أن البرلمان يجامل زميلا بقراراته. وكان اجتماع لجنة الإسكان فى اليوم التالى أكثر سخونة بعدما بدأ بانسحاب رئيسى لجنة التنمية المحلية ماهر الدربى والنقل حمدى الطحان ردا على غياب المحافظ عن الاجتماع مما اعتبره النواب إهانة واستخفافا منه، وقال الدربى «دى جليطة».! واستمرت ثائرة نواب الوطنى بعدما واصل السلاب الدق على قلوبهم بحلفانه «والمكان الطاهر ده والله العظيم تلاتة هذه الاتهامات انتقام من المحافظ وأنا جاللى السكر فى الأيام اللى فاتت بسببه».. وهو ما جعل النواب يثورون ضد الوزير لإصدار قرار بوقف الإزالة وخرجوا صارخين وحاول وكيل المجلس الذى ترأس اللجنة إجلاسهم فلم يستطع فتدخل «عز» لتهدئتهم، حتى أنهى نظيف الموقف مؤقتا! ومعروف عن السلاب أنه كبير ممثلى هذه المواقف الدرامية والقصص المأساوية وبالتالى فهو ضمن الاستمرار فى مقعده بعد هذه الأزمة، ولم ينس أحد الحكاوى المؤثرة التى سردها عن معاناة أهالى العشوائيات ومنها الهجانة مطالبا بضرورة أن يوضع لها حل حاسم، لكنه لم يتحدث عن مواجهات مخالفات المليارديرات الكبار الذين يريدون تجاوز القانون ثم يلجأون للبرلمان.