مَنْ أنا؟! حتة كاتبة وشاعرة، من تشكيل جغرافي، اسمه مصر! مَنْ أنا؟! حتة كاتبة، وأديبة، منزوعة السلطة.. خالية من هرمونات القوة.. وفيروسات النفوذ.. وجينات صنع القرارات، والأوامر! مَنْ أنا؟! حتة كاتبة، وشاعرة، لها مؤلفات من المقالات، والقصص، والأشعار، التي لا تسد من جوع.. ولا تروي من عطش، ولا تأوي من تشرد.. ولا تحقق عدالة. مَنْ أنا؟ لا أملك شيئا، إلا "قلم يغني".. وصفحة ملونة تعلوها صورتي المبتسمة.. مَنْ أنا؟ شوية أوراق.. وأقلام.. وقصائد.. وقصص، وأحلام.. وانتظارات. ماذا تفيد تلك الأشياء، في عالم لا يعترف، إلا بالسلطة.. ولا تحركه إلا القوة.. لا يرتعب إلا من أصحاب النفوذ، وليس أصحاب الأقلام كم يذبحني هذا العجز! حينما بدأت الكتابة، كنت أزهو، أنني من أهل الشعر، وأصحاب الإبداع، وأنني أعيش بالكلمات، التي هي، كطلقات الرصاص، متي أطلقت لا تعود.. وأنني بالقلم الصادم.. الحالم.. المتمرد، سأغير العالم.. وأغير الوطن.. وأغير مجري النيل.. وأغير مجري الأحداث، وأغير مدارات الكواكب، والنجوم. قد ينتزع العالم، كل شيء عندي، إلا "القلم".. لا أحد يستطيع مصادرته. ببساطة، لأن "القلم" بداخلي، ولم يعطني أحد إياه. لا أحد يستطيع، صنع "كاتبة".. ولا أحد يستطيع، القبض علي الموهبة. مَنْ أنا؟! حتة كاتبة، وشاعرة، لا راحت، ولا جت، أقصد، أنني، لا أمتلك المواهب، والمناصب، والشخصية، التي تحول ما أكتب، إلي حقيقة.. إلي فعل يأخذ به المسئولون عن هذا الوطن، إلي تجربة حياة. عشرون عاما، أكتب عن الفساد، والنفاق، والزيف، ونهب موارد البلد، وذكورية العالم.. والكذب المدسوس مثل السوس، في رغيف العيش. أكتب عن الموروثات العقيمة، التي جعلتنا في آخر قائمة الدول المتقدمة. أكتب عن القبح، وكيف أصبح الظلم، هو سيد الأخلاق.. والمشي جنب الحيط، هو طريق الأمان. عشرون عاما، أصرخ علي الورق، أين الحرية.. أين تنفيذ ما نوقع عليه من مواثيق دولية.. أين آثار الحملة المزعومة منذ سنوات ضد الضوضاء. عشرون عاما، أتساءل، أين العدالة، يا قاعات المحاكم.. يا قضاة مصر.. يا تشريعات مصر.. ولا أري إلا المظالم.. وتباطؤ حصول الناس علي حقوقها، بعد أن تكون قد ماتت. مَنْ أنا؟ كاتبة لا راحت، ولا جت. سنة ونصف، أعيش حالة انتظار العدالة المتشدق بها، في قضية تخصني.. قضية خطيرة، مات فيها مواطن مصري. سنة ونصف، لم يحدث حتي أي تحقيق، أو تساؤلات، أو أي نوع، من أنواع الاهتمام بحياة مواطن مصري بسيط، فقير، لم يكن يملك، إلا عمره، الذي فقده، علي أحد أسرة المستشفيات الاستثمارية الذي قرر تحديد نسل الشعب المصري، بالقضاء علي حياته. ثم تطالعنا الصحف اليومية، بالاهتمام بالفقراء ومشاكلهم، ومصائبهم. مَنْ أنا؟ كاتبة، وشاعرة، وأديبة، ومتمردة.. ومعايا ماجستير، ومعايا دكتوراة.. ومعايا قلم عنيد. كل هذا "أبله وأشرب ميته"، كما يقولون. لو كنت صاحبة سلطة.. لو كنت في منصب حكومي.. لو كنت من أهل النفوذ.. أو بتوع الاستثمار.. كنت ب"تليفون" أنهيت القضية، وأمرت بالتحقيق فيها، وتساءلت عن التأخير، سنة ونصف. لكن كُتب علي الهوان.. أن أكتب عن العدالة.. عن الضحايا.. أري صورة العدالة معلقة فوق دار القضاء العالي، لكنني - في الحقيقة - أنا وقلمي وكتاباتي، لا شيء في هذا العالم. من بستان قصائدي أريد أن أهج أريد أن أطفش أريد أن أهاجر إلي أين؟ لا أدري أعرف فقط أنني سأذهب إلي أرض لا يوجد بها مجلس شعب.. ولا نائب عام ولا قضاة ولا منظمات حقوق إنسان لا تتباهي إلا بالأختام وعدد الدمغات وزعيق الحناجر ليس فيها ضرائب عقارية أو مستشفيات استثمارية.