قد يكون المؤتمر الأول للمثقفين المصريين الذي دعا إليه الوزير الفنان فاروق حسني هو أهم أحداث عام 2010 وأكثرها تأثيرا، المؤتمر الذي لم يبدأ بعد ومن المقرر تحديده في مايو المقبل بعد أن حدد له في فبراير، أثار جدلا حول حضور الإخوان المسلمين وأزمة مشاركتهم به، بعض المثقفين رفضوا تمثيل دعاة الدولة الدينية المحرضين علي التطرف المتسببين في أكبر جريمة في حق الوطن والبعض الآخر رأي ضرورة تمثيلهم باعتبار أفكارهم جزءاً من المجتمع فيجب دراسة المرض لمعرفة العلاج. اختلف المثقفون علي هذا ولكنهم اتفقوا علي أن الأولوية لأجندة المؤتمر لابد أن تكون لمناقشة غزو بعض الأفكار القادمة من الخليج التي شوهت حياتنا وصنعت مصر لا نعرفها، بالإضافة للاتجاه التعليمي التي يحجب الثقافة عن الشعب فتحنا نقاشاً واسعاً مع أهم الأدباء والمثقفين وممثلي النخبة المصرية، وكذلك أعضاء اللجنة التحضيرية للمؤتمر الذين يعلقون آمالا كبيرة عليه.. كما نعلق نحن. د.جابر عصفور عضو اللجنة التحضيرية للمؤتمر قال: إن مهمة المؤتمر ستكون تقييم أوضاع الثقافة ورسم استراتيجية في ضوء بعض المتغيرات التي طرأت علي المجتمع، وزارة الثقافة كانت تسير وفق استراتيجية وضعها الرواد ومنهم زكي نجيب محمود، ولكن لم تكن حدثت المتغيرات التي نشهدها الآن من العولمة إلي التطرف الديني ومشاكل حرية التعبير والمواطنة والتي يستلزم مواجهتها تعاون الوزارة مع جميع الوزارات المتعلقة بترويج الثقافة وترسيخها. ويضيف عصفور إنه لا يوجد حجر علي أي تيار من الإسهام في المؤتمر لأنه مؤتمر وطني يجب علي كل الأطراف أن تشارك فيه ولا أظن أن أيا من ممثلي التطرف سيجرؤ علي الاشتراك في هذا المؤتمر وإن شارك فسيرحب به لأن الفكر يرد عليه بالفكر. -- الكاتب الكبير صلاح عيسي وعضو اللجنة التحضيرية قال إنهم لن يقوموا بدعوة تيارات سياسية، وإنما جماعات ثقافية ومنظمات مدنية تمارس العمل الثقافي، وأنه قد تتم دعوة إسلاميين مستنيرين مثل أحمد كمال أبوالمجد وسليم العوا وليست تيارات سلفية. وأن اللجنة التحضيرية للمؤتمر مكونة من 11 عضواً كلفت لجنة فرعية يرأسها د.عماد أبوغازي الأمين العام للمجلس الأعلي للثقافة، والتي اقترحت أن يعقد المؤتمر لمدة ثلاثة أو أربعة أيام بحيث تنعقد في الصباح جلسة عامة يحضرها جميع المشاركين في المسرح الصغير تناقش ثلاثة محاور أساسية؛ الأول هو السياسات والاستراتيجيات الثقافية ويشمل حدود دور الدولة في مجال الثقافة وطبيعة العلاقات بين الهيئات الحكومية العاملة في مجال الثقافة. والمحور الثاني هو: واقع منظمات المجتمع المدني العاملة في مجال الثقافة بما في ذلك الجمعيات الأهلية والنقابات التي تضم المشتغلين بالأنشطة الثقافية واللجان الثقافية بالأحزاب السياسية والثالث هو الحريات والحقوق الثقافية وتشمل العقبات القانونية والعرفية التي تعوق حريات الإبداع الأدبي والفني والبحث العلمي وهذا المحور سيتصدي للدفاع عن حريات الإبداع فيما عدا تسفيه الأديان. وفي الوقت الذي أعلن فيه الوزير ترحيبه بدعوة الإسلاميين المستنيرين ورفض أن تكون الجماعة المحظورة ممثلة لهؤلاء الإسلاميين كان للأديب الكبير جمال الغيطاني تصريحات مثيرة للجدل حينما رحب بدعوة الإخوان المسلمين، بل واقترح اسم عبدالمنعم أبوالفتوح، وقد أثارت تلك التصريحات جدلا واسعا من الرافضين لتواجد الإخوان ولكن للغيطاني أسبابا وجيهة إذ قال لروزاليوسف إن تجاهل الإخوان هو تجاهل لثقافتهم التي نراها في سلوكيات الناس في الشارع ولكي يكون هذا المؤتمر حقيقيا لابد أن تتواجد فيه رموز تلك الثقافة التي يشرب منها الناس في المجتمع وأنه لا يرفض ما يقال عن رفض المؤتمر للتيارات السياسية لأن السياسة فكر ولابد من تواجد الرأي والرأي الآخر لكي يكون هناك جدوي من النقاش، وأنه يتوقع عندما يجتمع المثقفون ألا يتحدثوا فقط في الثقافة ولكن في كل القضايا المطروحة والتي تشكل خطراً علي هذا الوطن، وأكد الغيطاني أنه لم يقاطع المؤتمر وإنما تساءل عن جدواه، ولكنه يري أنه من الشيء المهم في هذا التوقيت أن تجتمع خيرة عقول الوطن وتتناقش وتحاول إيجاد الحلول. -- الأديب الكبير إبراهيم أصلان اتفق مع الأديب جمال الغيطاني علي أنه لا يجب الحجر علي أي فصيل من أن يساهم في هذا المؤتمر لأنه لابد أن يكون مؤتمرا ديمقراطيا، قال لنا إبراهيم أصلان إنه يري أن الغزو المتطرف من القضايا المهمة التي يجب أن تكون موجودة بشكل أساسي علي أجندة المؤتمر. وفيما يخص معارضي المؤتمر من زاوية أن البعض يقول إن الوزير دعا لهذا المؤتمر لضمان ولاء المثقفين، قال أصلان هذا كلام غير صحيح، فالمثقفون ليسوا علي هذا القدر من التفاهة. من حق جميع الناس أن تكون لها تحفظاتها أو لا تكون ولكن عندما تكون هناك محاولة تستند إلي رغبة في الإصلاح فمن الصعب أن يرفضها أحد، كان كلام عبدالمعطي حجازي حاسما في رفض الإخوان إذ قال لروزاليوسف إنه إذا كانت الدعوة موجهة للإسلاميين المستنيرين الذين ينطلقون من الدين في أفكارهم ويضعونه في إطاره الحقيقي، فأهلا وسهلا بهم أما دعاة الدولة الدينية الذين يحرضون علي التطرف ويريدون أن يحولوا مجتمعنا إلي مجتمعين منفصلين، فأنا لست مع مشاركتهم في أي وجهة من وجوه النشاط الاجتماعي والذي يجب أن يكون مقصورا علي من يحترم دستور الدولة المدنية ومبدأ فصل الدين عن الدولة. الأديب يوسف القعيد قال إنه مع دعوة كل من يستخدم عقله وضد تواجد من يفكر بعقلية السلاح، ولكن الإسلام المستنير جزء من بنية المجتمع المصري وذلك خارج لعبة التيارات الإسلامية وأبدي القعيد اعتراضات علي المؤتمر منها أنه إذا كان الهدف منه أن يجتمع المثقفون المصريون الذين يحملون رؤية وتصوراً لحلول مشاكل هذا الوطن فكان من المفترض ألا تنظمه الوزارة وإنما اتحاد الكتاب أو اي تنظيم شعبي خصوصا أن تكلفة مؤتمر كهذا ليست ضخمة وكان من المفترض أن يحضر موظفو الوزارة كضيوف شرف. أما الاعتراض الثاني في رأي القعيد فهو أن اللجنة التحضيرية المشكلة ليست لها تضاريس الثقافة المصرية فليس بها واحد من الصعيد وواحد من بحري وواحد شباب، فهذا مهم للإلمام بالثقافة المصرية، وفي هذا الإطار يري القعيد أن القضايا التي يجب أن تفرض نفسها علي جدول المؤتمر هي غروب دور مصر في الوطن العربي وتراجع شخصية المثقف والنظر إليه حسب المقولة التي تقول كلما سمعت كلمة مثقف تحسست مسدسي بالإضافة إلي الهجمة المتطرفة ضد المثقفين فيجب ألا يحرك قضايا الحسبة إلا النائب العام، بالإضافة إلي قضية علاج الأدباء. الإعلامية فريدة الشوباشي اتفقت علي وجود الإخوان بالمؤتمر، بل وقالت إنهم لابد أن يشاركوا فيه لأنها ضد سياسة المنع وأنها ترحب حتي بالتيارات السلفية في هذا المؤتمر لكي تستطيع مناقشتهم، فمثلا علي الإخوان أن يشرحوا شعارا مثل الإسلام هو الحل وكيف سيتم تطبيقه علي مجالات مثل التعليم والصناعة والتجارة والسياحة وغيرها. واتفق إبراهيم عبدالمجيد مع الشوباشي علي أجندة المؤتمر، يجب أن تتصدرها قضية الغزو المتطرف القادم من الخليج الذي شوه حياتنا في مصر، ورحب عبدالمجيد بالرأي والرأي الآخر في هذا المؤتمر وركز علي أن المؤتمر لابد أن يركز علي تحديد هويتنا، ومن نحن وماذا نريد؟.