جاء دخول أحمد زكي بدر وزير التربية والتعليم الجديد للوزارة في لحظات وصفها البعض بلحظات الفراغ والذهول والخوف والتنبؤات الحذرة داخل ديوان الوزارة، فالامتحانات علي الأبواب وحملة تطعيمات طلاب المدارس الابتدائية ضد أنفلونزا الخنازير في محافظات القاهرة الكبري مستمرة، فيما يسود الخوف في كواليس الوزارة من قدوم الوزير الجديد الذي اعتادت وسائل الإعلام أن تجد في معاركه ومواجهاته وتصريحاته الساخنة والجريئة مادة خصبة لها. سيل من الاتهامات والتوقعات غير المبشرة والهجوم رافق دخول أحمد زكي بدر للوزارة.. مقدمات ذلك الهجوم كان التشكيك في قدراته العلمية بأنه منذ 30 عاما لم يكن الأول علي دفعته حتي يتم تعيينه معيدا، ولكن الكوسة هي التي تدخلت، فالطالب أحمد زكي بدر نجل وزير الداخلية الأسبق كان ال 23 علي الدفعة، ولكن تم تعيين 23 طالبا الأوائل علي الدفعة حتي يُعين! وبالطبع فإن شائعات الإنترنت ليست سوي جزء من حرب مستمرة يشنها الطلاب الإخوان علي أحمد بدر منذ أن كان رئيسا لجامعة عين شمس. السيرة الذاتية والعلمية المشرفة للوزير الجديد لم تشفع له عند طلاب الإخوان رغم أن المعلومات تقول إن لديه cv ضخما في المجال الأكاديمي، فهو خبرة أكاديمية لأكثر من 30 عاما في مجال الحاسبات الإلكترونية والنظم والتحكم الآلي، وكما يشير الcv بأنه قام بالتدريس في العديد من الجامعات المصرية والعربية والفرنسية والإشراف ومناقشة رسائل الماجستير والدكتوراه بمصر والخارج، بالإضافة إلي الخبرة العملية، حيث يعد خبيرا مهندسا لتصميم نظم الحاسبات والمعلومات ونظم التحكم الآلي ووضع المواصفات وبناء العديد من مراكز المعلومات ورئاسة وعضوية لجان وضع المواصفات وفحص نظم وشبكات الحاسبات والمعلومات، والعمل أكثر من 30 عاما في التدريس والبحث بكلية الهندسة جامعة عين شمس، فضلا عن تدريسه بالجامعة الأمريكية قسم علوم الحاسب ومركز التعليم المستمر. ولديه أكثر من 3 سنوات خبرة في البحث العلمي بالمعهد القومي للهندسة بجرينويل بفرنسا. وحصل عام 1995 علي جائزة جامعة عين شمس للبحوث الممتازة وعضو في موسوعة من هو العالم» في العلوم الهندسية ,2007 وفي موسوعة من هو في العالم، وعضو موسوعة المثقفين المتميزين للقرن العشرين بكامبريدج وعضو بموسوعة رجل العالم في عام 1999. -- بدر خاض معارك كثيرة جعلت منه أكثر شخصية جامعية مثيرة للجدل والإثارة كانت البداية بعد عودته من الخارج حاصلا علي الدكتوراه في الهندسة في عام ,1997 وعين رائدا لاتحاد طلاب كلية الهندسة لمدة ثلاث سنوات استطاع وقتها السيطرة علي كل الأنشطة داخل الجامعة، حيث كان لا يتم أي نشاط طلابي إلا بعد موافقته عليه بما كان له من كاريزما تتشابه كثيرا مع كاريزما والده حادة الملامح التي تصل إلي درجة العنف في العديد من الوقائع، وقد عرف عنه أنه لا توجد لديه خطوط حمراء في التعامل خلال معارك توصف بالشراسة، وكانت قراراته الصارمة لا تجد تجاوبا مع رغبات زملائه الذين كانت شخصية بدر تمثل بالنسبة لهم صداعا مزمنا بدءاً من رفضه عرض مسرحية لأحد الطلاب فتكاتف جميع الأساتذة ضده، لكنه كان كالعادة حتي لو تصاعدت حدة الأزمة يقف في مواجهة الرياح مصرا علي موقفه بشكل يجعله أشبه بناظر المدرسة الصارم الذي لا يقبل أن تجري الأمور علي عواهنها دون حزم أو ربط حتي إن تسبب ذلك في اعتراض البعض عليه وكيله له لاتهامات التي لا تصفه فقط وكأنه يتمتع بقوة أشبه بسلطة تنفيذية داخل الجامعة، ولكن أيضا القسوة والجبروت فلم يقبل حفلا صاخبا أقامه الطلاب وأصر علي إنهاء الحفل. لقد تولي بدر رئاسة أكاديمية أخبار اليوم والتي استمرت رئاسته لها لمدة ثلاث سنوات بعدها عين نائب رئيس جامعة عين شمس، حيث كان النشاط الطلابي الإخواني في قمة ذروته وجرت وقائع وأحداث هي الأولي من نوعها داخل الحرم الجامعي لم يكن مهادنا أو مستسلما لرغبات الجماعة المحظورة بالتجاوزات المسيئة والخروقات المعلنة والمستفزة لكل الأعراف والتقاليد الجامعية حتي إن وجهت له الاتهامات الملفقة - والتي كان ينفيها دائما - بقيامه بتسريب ودخول مجموعة من البلطجية داخل الجامعة أو إجهاض مسيرة الأساتذة والتحرش بهم سواء وقت أن كان نائبا لرئيس الجامعة أو رئيسا لها، ولم تكن الاتهامات من قبل طلاب الجماعة المحظورة لبدر خالصة لوجه الله، ولكن كانت لها أسباب تاريخية نظرا للعدواة التي يكنها أعضاؤها لزكي بدر الأب وزير الداخلية الأسبق. فمع بداية العام الجامعي 2007 وبعد 6 أشهر من توليه منصب نائب رئيس الجامعة أصبح رئيسا لها في وقت متزامن مع صعود أنشطة الإخوان، وعمل طلابهم - للمرة الأولي- في الجامعة تحت لافتة الإخوان المسلمين»، بدلا من اسم الصوت الإسلامي» الذي اعتادوا استخدامه. وكانت انتخابات اتحادات الطلبة قد حان موعدها وأوشكت أن تصبح جامعة عين شمس مسرحا لاستعراض قدرة الإخوان ضد اتحاد الطلاب وضد ما يسمح به داخل الجامعة . وكانت إجراءات بدر العقابية لمعالجة الأزمة والتي يتحمل فيها طلاب الإخوان المسلمين مسئولية العنف الذي شهدته الجامعة. وربما يرجع ذلك للحس السياسي الذي ورثه فأعطاه قدرة علي معالجة الأمور وتعامله مع هذا النوع الجديد من استقطاب طلاب الجامعة لفكر ومخطط الإخوان واختراقهم المؤسسات التعليمية، وكان هذا اختبارا صعبا نجح فيه بدر بعد أن نصب نفسه مسئولا وليس أستاذا جامعيا في أشرس معاركه داخل أروقة الجامعة معركة أخري ضمن معاركه كانت رفع رواتب أساتذة الهندسة، وكانت مطالب جماعية علي مستوي الجامعات وإن كانت أقل المعارك وطأة بعد معركته مع تيار الإخوان معركته مع التيار السلفي في إطار تصديه لخطة نشر ثقافة وهابية متشددة في أروقة الجامعة، حيث قامت بعض من الطالبات المنتقبات بالجامعة من كليات الطب والصيدلة والهندسة والآداب والتربية قد تقدمن بدعويين قضائيتين أرقام 79794- و79804 ضده لكن موقف بدر كان حازما ولم يقف مكتوف اليدين وأخضعهن لقرار يحظر ارتداء النقاب حفاظا علي الهوية الجامعية. ولم يكن يعلم أن في انتظاره أخطر معركة وأكبر تحدٍ في عمره بعد تولي منصب وزير التربية والتعليم وأن ما سيواجهه من ملفات علي طاولة مكتبه يفوق بكثير ما مر به، فالإرث ضخم فالتربية قبل التعليم وتطوير مناهج التعليم قبل الجامعي والاكتظاظ الطلابي وملف الكادر الذي لم ينته بعد والتعليم الفني والسياسات الخاطئة المتوارثة، وكذلك احتجاجات الإداريين علي عدم ضمهم للفئات التي تحصل علي الكادر الخاص أحد أهم الأحداث التي مرت بالوزارة وأدت لاعتصام الإداريين أكثر من مرة سواء أمام وزارة التعليم أو مجلس الوزراء ومجلس الشعب.