كتب: محمد جمال الدين من مركز شباب مغاغة بجنوب مصر بدأت مسيرته الكروية والتى سرعان ما توهجت فى نادى أسوان حينما كان يلعب فى دورى المظاليم.. وقتها ضرب نجمنا مثلا لكل المواهب المصرية المدفونة بضرورة الإيمان بالقدرات والثقة فى النفس لأن من يرغب فى الوصول لقمة المجد عليه بالصبر والتدريب والاجتهاد وهذا بالفعل ما قام به صقر المنيا أحمد حسن. بدايته لم تكن أبدا مع الأندية الكبيرة وإنما مع أندية صغيرة وبالتحديد من نقطة الصفر كما يحلو للبعض أن يقول.. ورغم أنه من محافظة المنيا وناديه فى أسوان إلا أنه تغلب على كل هذه المعوقات.. فصغر سنه حنيذاك "السادسة عشرة" مثل له عائقا كبيرا فى التنقل بين المدينتين إلا أنه ثابر وقاتل حتى نال ما أراد وأصبح نجما من نجوم الكرة فى مصر.. وهذا ما جعلنا نختاره لأن يكون نجم العام ليس فى كرة القدم فقط ولكن لأسباب أخرى سيأتى ذكرها لاحقا. أحمد حسن كابتن منتخب مصر وصاحب ال34 عاما.. من يراه فى الملعب يشعر وكأنه فى بدايات حياته الكروية.. فهو الأكثر شبابا بين اللاعبين بحماسته ولياقته الوافرة التى نادرا ما نجدها فى لاعبين أصغر منه سنا.. بالطبع لم يصل "حسن لهذه المرتبة بسهولة.. لهذا فإن ما بين النجومية والبدايات هناك قصة لابد من ذكرها. مسيرته الكروية بدأت فى مركز شباب مغاغة وفى موسم 1993 انتقل إلى نادى أسوان ثم انضم للمنتخب الأوليمبى موسم "1994 - 1995" فى عهد الرومانى ستايكو ولكنه لم ينل فرصته الحقيقية إلا عندما تولى الهولندى رود كرول مهمة تدريب المنتخب ومنذ ذلك الوقت لم يغب "أحمد حسن" عن تمثيل مصر فى كبرى التظاهرات الدولية بعد أن حقق مع منتخب مصر ذهبية دورة الألعاب الأفريقية فى زيمبابوى بمشاركة عبدالستار صبرى وحازم إمام. فى عام 1997 انتقل أحمد حسن إلى اللعب فى الإسماعيلى ليبدأ تألقه الحقيقى مع الدراويش وكان نادى الترجى التونسى سبب شهرته بعد أن كلفه مدربه "أسامة خليل" بمراقبة "الهادى بن رخيصة" أفضل لاعبى تونس فى ذلك الوقت والذى كان يوصف بأنه دبابة بشرية لا يستطيع أحد إيقافه ولكن ابن المنيا قصير القامة نجح فى الحد من خطورته تماما. تألق أحمد حسن مع الإسماعيلى جعل الكابتن محمود الجوهرى المدير الفنى لمنتخب مصر يختاره للانضمام إلى صفوف المنتخب الأول الذى شارك فى بطولة الأمم الأفريقية 1998 فى بوركينا فاسو.. وساهم هدفه فى مرمى أفريقيا بتسديدة "لولبية" فى فتح الطريق أمام منتخب مصر للفوز بالبطولة التى غابت عن مصر 12 عاما. لم يمكث أحمد حسن فى مصر كثيرا بعد انتهاء البطولة.. فما هى سوى أسابيع قليلة إلا وتقدمت عدة أندية تركية لشرائه من الإسماعيلى قبل أن تحدث مشكلة كبيرة بينه وبين إدارة النادى الأهلى والمتمثلة آنذاك فى الراحل صالح سليم والذى أوصى وقتها بعدم التعاقد مع اللاعب نهائيا لأنه لم يحترم إدارة النادى وأخل بالاتفاق الذى كان ينص على انتقاله للأهلى. من مصر إلى تركيا كانت رحلة الاحتراف الأولى وبالتحديد فى نادى كوجالى ومنه إلى نادى "دينيزلى" حيث بدأ الصقر يحلق فى سماء تركيا خافقا بجناحيه وضاربا بكل من يقف أمامه بلياقته العالية وسرعته وذكائه.. لكن بدا على الصقر أن طموحه ليس اللعب فى أندية الوسط حيث انتقل إلى نادى "جينشلر بيرلجيى" ليساهم مع زميله المصرى "عبدالظاهر السقا" فى تقديم عروض جيدة لهذا النادى الذى حصل على المركز الثالث فى الدورى ووصل إلى نهائى الكأس. اختتم أحمد حسن رحلته فى تركيا مع نادى "بيشكتاش" المعروف باسم الصقور وهو أحد أندية القمة فى بلاد الأناضول.. وقدم عروضا جيدة مع نادية الجديد فأطلقت عليه الجماهير والصحافة التركية لقب "الصقر المصرى" الذى اشتهر به بعد ذلك وبعد أن أصبح النجم الأول للفريق.. وتولى تدريبه الكثير من نجوم التدريب فى العالم منهم "ديل بوسكى" مدرب منتخب إسبانيا الحالى. شارك الصقر بعد ذلك مع منتخب مصر فى الفوز ببطولة الأمم الأفريقية 2006 فى مصر.. ونال عن استحقاق جائزة أحسن لاعب فى الدورة.. وتصدر قائمة الهدافين. بعد التتويج الأفريقى تسابق العديد من الأندية الأوروبية لضم أحمد حسن وهو ما جعله يفكر فى خوض تجربة احترافية ثانية وكانت فى بليجيكا فى نادى "أندرلخت" صاحب الشعبية الكبيرة.. وكما تألق حسن فى تركيا تألق فى بلجيكا وأصبح النجم المفضل لجماهير ناديه، والذى فاز معه ببطولة الدورى وكأس السوبر وعندما فكر الصقر فى إنهاء تجربة احترافه والعودة إلى مصر كتبت له جماهير "أندرلخت" لافتة باللغة العربية تقول: "لا تتركنا يا حسن" والتى قرر بعدها البقاء فى النادى لموسم آخر. وعاد الصقر ليقود منتخب مصر للفوز بكأس الأمم الأفريقية للمرة الثانية على التوالى فى غانا 2008 وللمرة الثالثة له شخصيا ليحقق بذلك أعلى معدل فوز للاعب مصرى بالبطولة الأفريقية وبعدها يقرر الصقر أن يعود نهائيا إلى مصر. وكشفت المباراة الأخيرة للصقر على ملعب ناديه "أندرلخت" عن وجوه كثيرة يمكن أن تكون للاعب الكرة.. وجه كروى تقدره الجماهير، وآخر اجتماعى.. وثالث دبلوماسى.. هذه الوجوه تجمعت فى هذه المباراة، حيث شهدت وداعا حارا لقائد منتخب مصر.. ويضعه "أحمد حسن" شخصيا فى مصاف أكثر اللحظات تأثيرا فى حياته.. "حيث يقول: "شعرت بدفء كبير على الرغم من أننى لست فى وطنى أو بين أهلى". عاد حسن إلى مصر، وتحديدا فى النادى الأهلى الذى أصر الراحل صالح سليم على عدم دخوله إليه نهائيا، ورغم أنف البرتغالى مانويل جوزيه الذى صرح بأنه لا يحتاجه ليصبح نجما للفريق، ومن ضمن هدافيه بعد رحيل البرتغالى المتغطرس والذى كشف المصرى المخلص حسام البدرى. إيمانه بالدور الإجتماعى لنجوم الكرة كان حقيقة لا مجرد شعارات لذلك .. لم يكن مستغربا أن يتكفل "أحمد حسن" بمصاريف تعليم أحد أبناء مغاغة بعد أن فقد والديه فى حادثة العبارة الشهيرة.. ولم يكن غريبا عليه استمرار علاقته بمستشفى الأطفال الجديد لمعالجة الأورام والتبرع بالدم لصالح الأطفال المصابين بالسرطان. وبنفس حدة الإصرار والتحدى التى تميز بها الصقر كانت هذه الحدة أيضا عندما تصدى بصفته كابتن منتخب مصر لهجوم المذيع "عمرو أديب" عندما اتهم بعض لاعبى المنتخب بعد هزيمتهم أمام أمريكا باصطحابهم لسيدات إلى حجراتهم، وطالبه بالاعتذار شخصيا عن الإساءة التى وجهها إليهم وطلب منه أن يدافع عن لاعبى منتخب بلده الذى يعرف الجميع مدى التزامهم بدلا من تشويه سمعتهم، خاصة أن أغلب اللاعبين لديهم أسر وأطفال. دفاع أحمد حسن عن لاعبى المنتخب جعل أبو تريكة وحسن شحاتة يطالبان "أديب" أيضا بالاعتذار، وهو ما رضخ له فى نهاية الأمر بعد أن تبين عدم صدق ما ردده فى حق اللاعبين على الهواء مباشرة. ولهذا وبحكم مسئوليته كقائد لمنتخب مصر أكد أحمد حسن أن لاعبى هذا الجيل يستحقون التكريم عما قدموه لمصر من انتصارات رغم عدم التأهل لكاس العالم.. وهذا ما فطن له من قبل خبير كروى عالمى، وهو "مارشيلوليبى" مدرب منتخب إيطاليا عندما صرح بأن أحمد حسن يعد من أفضل لاعبى أفريقيا لكثرة تحركاته وقوة التحاماته وإصراره على الفوز.. ذلك الإصرار الذى جعل من ناشئ مركز شباب مغاغة مثالا حيا وقدوة لكل شباب مصر.