أرواعودة الحب لجماهير الكرة المصرية بعد ( مذبحة الميناء) كانت بمثابة نقطة بيضاء في ثوب الحداد الأسود علي ضحايا الأهلي بعد سنوات من الاحتقان والتعصب الأعمي بين جماهير الأهلي والزمالك الذي كان لا تقوي علي شطبه محاكم العدل الدولية. هذا التعصب الذي غذته استديوهات التحليل الفضائية بوصلات من التطرف والانحياز وأيضا النفاق ووصل إلي عتبة الانفجار قبل ثورة مصر وترجمته مواقع التواصل الاجتماعي بالعديد من نماذج ( الخروج عن النص ) والأعراف والتقاليد وأيضا الروح الرياضية التي هي دعامة المنافسة الشريفة . ألتراس الأهلي والزمالك الذي وحدته ثورة مصر في قلب ميدان التحرير كطرف أساسي وأصيل في إنجاح الثورة عاد يسجل أول حالة توحيد وذوبان في تاريخ المنافسة بين أكبر حزبين كرويين في مصر والشرق الأوسط وكتابة أروع ملحمة حب بينهما منذ بداية المنافسة والتي وصلت إلي حد الكراهية والتطرف خلال ال 30 عاما الأخيرة المتوازية مع سنوات حكم النظام السابق. ما حدث في الأسبوع الماضي ما بين شعب الزمالك والأهلي من توحد خرج من رحم المأساة يوثق بداية عهد جديد بين قطبي الكرة المصرية وفاكهة الرياضة العربية والإفريقية بعد سنوات من التخريب والتدمير ساهم فيه بشكل كبير أيضا إلي جانب عباقرة التحليل والحسابات والانتماءات الكاذبة اتحاد الكرة وهو أسوأ من أدار الكرة المصرية علي مدار تاريخها ولم تخدعنا البطولات الوهمية التي يتغني البعض بها في ظل غياب مروع عن المحافل العالمية رغم عراقة الكرة المصرية وروعتها وأقصد هنا كأس العالم التي لم نصل إليها منذ 22 عاما. وسط أكوام الحزن خرجت جماهير الأهلي والزمالك إيد واحدة لتسجل أروع اللحظات بين جماهير الناديين توجت في جمعة الأسبوع الماضي في ميدان التحرير واتحاد أعلام الزمالك والأهلي مع علم مصر لتوديع التعصب للأبد.. سبقتها جملة مبادرات نبيلة لنجوم الأهلي والزمالك أبرزها إعلان نجم الزمالك الموهوب شيكابالا بتبرعه بربع عقده لصالح أسر ضحايا الأهلي الأبرياء بينما تحدث عبدالواحد السيد حارس مرمي الزمالك ومصر عن ارتداء الزمالك الملابس السوداء في اللقاءات المقبلة حدادا علي شهداء الأهلي وتدفق نجوم الزمالك وإدارته ورموزه إلي سرادق العزاء داخل الأهلي واختتمت بجلسة ضمت رئيس الأهلي حسن حمدي ورئيس الزمالك ممدوح عباس لبحث الترتيبات من أجل تعويض الضحايا ومسح آلام أسرهم. أما ما حدث في صفحات التواصل الاجتماعي (الفيس بوك) و(تويتر) فكان أروع المشاهد التلقائية التي تراوحت ما بين لوجهات وبرومهات تعزف سيمفونية الحب بين ألتراس الناديين الكبيرين غسلت كل مظاهر السخرية التي وصلت إلي حد الابتذال في بعض الأحيان علي نفس الصفحات قبل الحادث الأليم ولم تقتصر علي أشهر مواقع ومنتديات الناديين بل امتدت إلي إنشاء صفحات خاصة بديعة في الفيس بوك أبرزها الصفحة التي أطلقها عشاق الأهلي لشيكابالا وتحمل اسم (إحنا آسفين يا شيكا) ردا علي مبادرته واعتذار عن الإساءة التي كانت ثابتة ضده في مواجهات الناديين وخارجها وفي المقابل أنشأت جماهير الزمالك صفحة مقابلة تحمل عنوان (إحنا آسفين يا متعب) ترد اعتبار عماد متعب الذي تعرض لهجوم كبير من جماهير الزمالك وردا علي تجريح نجمهم المفضل شيكابالا . ولم ينس عشاق الزمالك وسط هذه الأحداث التهنئة بنجاح جراحة نجم مصر الساحر «محمود الخطيب» وبكل الحب. أما صفحة عشاق شيكابالا نفسها فتحولت إلي رسائل حب للأهلي وجماهيره ولم تقتصر فقط علي برقيات المواساة بل شملت أيضا أساليب بوليسية لكشف مدبري الحادث الأثيم والمتورطين فيه إلي جانب عرض عدد كبير من فيديوهات تصور حجم المأساة وتتعاطف مع الأهلي وجماهيره . جماهير الزمالك والأهلي أعادوا للأذهان ذكري الأغنية التي قدمتها المطربة صباح في أوائل الستينيات والتي كانت أغنية موسم التقاء الناديين الكبيرين «أنت أهلاوي واللا زملكاوي الاتنين حلوين ومحتارة أشيل مين ولا مين جوه عيوني» والتي استبدلتها القنوات الفضائية باستديوهات الحقد والغل والفتنة وكان أبطالها علاء صادق وأحمد شوبير ومدحت شلبي من أجل حسابات شخصية وموازنات سخيفة وخارجة والتي ساهمت في نشر الكراهية بين جماهير الناديين الكبيرين. أما المشهد الأروع فتمثل في انضمام ألتراس الإسماعيلي والاتحاد السكندري إلي مبادرة الحب التي عادت بين الأهلي والزمالك في بادرة طيبة ستكون هي السلاح الأقوي لاستئناف المسابقة المحببة عند كل المصريين والمتنفس الوحيد من هموم الحياة وإحباط حيل المطالبين بإلغاء الدوري وإسقاط صناعة الكرة المصرية وتدميرها. ألتراس الأهلي والزمالك والدراويش والاتحاد هم السلاح الجديد لعودة الحياة إلي الملاعب ومسح الأحزان واستثمار هذه اللحظة التاريخية التي خرجت من رحم ثورتنا العظيمة ولهذا فإن مبادرة إقامة مباراة بين الأهلي والزمالك بعد ذكري الأربعين لشهداء الأهلي هي الحل الأعظم لعودة الروح للكرة المصرية وبداية عهد جديد بعيدا عن التعصب والفتن. أما أمن وأمان الملاعب وعلي مسئوليتي فهو علي ذمة أجمل ألتراس أهلاوي وزمالك.. صدقوني.