كتب: حمدي الوزير سيادة المشير: لا تغضب.. لا تزيد المسافة بينكم وبين الثوار، فهؤلاء الثوار هم أبناء وأحفاد من شاركوك فى الخنادق، هؤلاء أبناء وأحفاد من صاحوا بل صرخوا معك وعاهدوا الله على النصر أو الشهادة عندما جاء العدوان عام 67 فتسلحوا بالإيمان وبقدرتهم على النصر وتحرير الأرض والحفاظ على العرض واستغلوا ما حباهم الله به من قوة ونور وإيمان وعقيدة بداخلهم فراحوا يبذلون الدم والعرق فى التدريبات والمناورات لتتحقق إرادة الله بالنصر فى .73 هؤلاء الأحفاد والأبناء هم خير خلف من خير سلف ولهذا خرجوا وثاروا واستشهد من استشهد وجرح من جرح واعتقل من اعتقل رافضين الذل والمهانة والقهر والفقر والمرض والحرمان كما رفض آباؤهم وأجدادهم من قبل وأنت معهم، ولهذا أقول لا تغضب لأن هؤلاء الأبناء والأحفاد بكوا وضحكوا وسعدوا وكانوا فى حالة من الهيستيريا عندما وجدوا المركبات العسكرية تشاركهم ثورتهم وراحوا يقدمون للجيش الورود وصعدوا على المركبات فى حالة من الجنون والعبقرية هاتفين بأعلى صوتهم «الجيش والشعب إيد واحدة» ولكن أليس من حق هؤلاء الأبناء والأحفاد أن ينعموا بنتيجة ثورتهم؟ أليس من حقهم أن يدافعوا عن ثورتهم التى تتعرض كل ساعة لمؤامرات ودسائس وضربات واتهامات؟ أليس من حقهم أن يتعاطى معهم المجلس العسكرى بشكل سياسى وليس عسكرياً والفرق كبير بين الاثنين؟ هذه الأسئلة هى قلب الحقيقة ولهذا أقول لا تغضب هذا قدرك وقدر أبناء وأحفاد الأحرار الذين لم ينعموا بثورتهم بل على العكس تماماً فقد نظمت الثورة المضادة نفسها فى جنح الليل البهيم لتفقد الثورة والثوار بهجتها بالتشكيك فيها وفى شبابها بالانقضاض عليها مستخدمين فى ذلك كل الأساليب الرخيصة والدنيئة والتى لا علاقة لها بالإنسانية فلو كان هناك تعاطى سياسى للحفاظ على الثورة ما حدث ذلك بل كانت ماتت هذه الثورة المضادة كما تموت الحشرات فى جحورها. عندما أحس الأبناء والأحفاد والثوار بأن ثورتهم فى خطر عقدوا العزم على الدفاع عنها بشكل سلمى أيضاً، فما كان لهم نصيب من السلم ولكن نصيبهم كان الضرب والسحل والعرى والسب والقذف والملاحقات والإهانات بدلاً من التعاطى معهم بشكل سياسى..فعادة فى الثورات ما يكون هناك مطلب شعبى وهو «الكل أو لا شىء» والكل عند ثوارنا كان بسيطاً سلمياً رائعاً وهى «عيش - كرامة - حرية - عدالة اجتماعية» ولم يتحقق شىء من هذا رغم مرور عام كامل كنا نود أن نحتفل بثورتنا معاً جيشاً وشعباً بعد أن نحقق أهداف الثورة الإنسانية وكيف تتحقق ولم يتحقق سوى تنظيم الثورة المضادة لنفسها كيف تتحقق ومازالت الهوة شاسعة بين الحد الأدنى والحد الأقصى؟ كيف تتحقق ومازال قانون الغدر فى سبات عميق؟ كيف تتحقق ومازالت هناك ملاحقات واعتقالات؟ كيف تتحقق ومازالت الثورة تسب وتلعن فى بعض وسائل الإعلام الرسمية التى هى ملك للشعب التى دائماً ما أسمع وأشاهد ما بها من عبارات باهتة مثل المظاهرات والاحتجاجات هى السبب فى تراجع الاقتصاد وتوقف عجلة الإنتاج، وبصراحة بحثت كثيراً عن عجلة الإنتاج هذه فلم أجدها ولن ولم تجدها إلا من خلال معالجة سياسية تعتمد على الشفافية والصدق والعلم ومشروع قومى لتحقيق أهداف الثورة ونظام وقانون يحدد العلاقة بين المواطن والدولة وهذا ليس بمستحيل إذا اعتمدنا على علمائنا وهم كثيرون ولا نعتمد على أهل الثقة وأعتقد أنه طال الانتظار، ومع ذلك مازالت الفرصة قائمة رغم أن الصبر طال كثيراً، ولهذا أنهى بجملة شهيرة لشاعرنا الراحل صلاح عبدالصبور حين قال معبراً عن لحظة غضب ولحظة يأس ولحظة رعب قادم، قال شاعرنا «الصبر تبدد - والليل تمدد - إما أن تدركنا الآن - أو لا تدركنا بعد» وحتى تستمر العلاقة الحميمة بين الجيش والشعب فلابد من تغيير شعار العسكرية الذى ينطق فى نهاية الأمر العسكرى وهو «الله - الوطن بالأمر» فى هذه الظروف السياسية والاجتماعية لابد أن يكون «الله - الوطن - الثورة».