بقلم : محمود رياض مفتاح يصف الله الداعية بأحسن الصفات بقوله تعالى: «ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله، وعمل صالحا وقال إننى من المسلمين» - «فصلت». وناموس الدعوة كلها محكم فى قوله تعالى: «اتبعوا من لايسألكم أجرا وهم مهتدون» - «يس». فهذه صفة الرسل جميعا وعليها يمضى أهل الإحسان. والشرط الأول فيمن دعا إلى الله أن يكون مهتديا بما يقول ليكون عمله بها دليلا على صدقه وحجة له على غيره. والشرط الآخر أن يكون أجر الداعية إلى الله على الله. فلا يغير فيما يدعو ولايبدل لأن الله هو الذى يؤجره لا الناس. ولو كان الأجر من الناس لاتبع أهواءهم فبدل فى كلام الله، وافترى بالكذب على الله. ولكن كثيرا من الدعاة يفعلون اليوم فعل من سبق من أهل التوراة. هؤلاء الذين احترفوا الدعوة لم تصح لهم شروطها التى اشترطها الله لأنهم غير مهتدين بما يقولون، وهم يأخذون الأجر على دعوتهم هذه من غير رب العالمين. لذلك يسقط بحكم الله حق اتباعهم أو توقيرهم هذه الطائفة من محترفى الدعوة يبيعون كلام الله ثمنا للعيش ويجعلون من القرآن وآياته رحمة تباع للموتى وشفاء للمرضى وتمائم لجلب الرزق. والدولة القائمة على الظلم تشترى هؤلاء لتدعيم أركانها وتصنعهم بيدها إن لم تجد منهم كفايتها. لأنهم جعلوا من الوعظ على مر الأزمان صناعة (تخدير) لا (تحذير). وهذا هو سر الصناعة عندهم أن يكونوا صمام الأمن وجهاز التسكين بين الحاكم والمحكومين. فكل ما يرددونه على مر العصور أقوال مكررة يرددونها على سبيل الأخبار لا الاعتبار فإذا ذكروا النبى محمد (صلى الله عليه وسلم) فى وعظهم رجعوا إلى خرافاتهم وأكاذيبهم فجعلوها بينهم وبينه حجابا. فالنبى محمد (صلى الله عليه وسلم) عندهم ليس من البشر والله يكذب ذلك. وهو عندهم يعلم الغيب والله يدفع ذلك. وهو يشفع للمذنبين منهم يوم القيامة والله لم يقل فى كتابه ذلك. النبى محمد (صلى الله عليه وسلم) عندهم فى مرتبة بين البشرية والألوهية وبهذا طمسوا الأسوة الحسنة التى جعلها الله فى محمد للمؤمنين الذين يتأسون به فى صبره وعزمه وصدقه وجهاده فهل أصبحوا بعد ذلك أى بعد تغافلهم عن أسوة الأنبياء وبعدهم عن أسوة النبى محمد (صلى الله عليه وسلم) هل أصبحوا بغير أسوة؟! على أن من أخطر جناياتهم ما فعلوه بالإسلام من إجماع على حبسه فى الأركان الخمسة وهى من الدين بعضه لا كله وفرعه لا أصله وصورته لا حقيقته. وليس فيها من معنى الدين سوى البكاء على أطلاله؟! كذلك انتهى تفسير هؤلاء من محترفى الدعوة لما جاء به الدين من طاعة ولى الأمر فصرفوها إلى طاعة أهل الكبر والظلم ولم يقصروها على طاعة أهل التقوى. فالحاكم عندهم لا يخطئ قط ولايجور مادام على الكرسى. فإذا سقط عن كرسيه فقد خرج من ملكوت الحق وهوى فى ظلمات الباطل فأصبح قابلا للعنة لأن الحق عندهم هو الكائن لا «ما ينبغى أن يكون». فإذا تصدى لدعوة الناس رجل يمد يده إليهم ولا يعمل بالحق الذى يقوله لهم فقد كذب أولا على نفسه وكذب على الله. وهذا حال أكثر الدعاة الذين انزلقوا فجعلوا الدين فى خدمة الدولة بعد أن كانت الدولة فى خدمة الدين. ومرة أخرى نذكر أن الله سبحانه وتعالى يصف الداعية الصادق بقوله تعالى: «وما أسألكم عليه من أجر إن أجرى إلا على رب العالمين». «الشعراء» أخيرا.. ما موقف الأزهر مما وقع بأحد المساجد بمدينة بورسعيد أثناء خطبة الجمعة مؤخراً من قيام أحد المصلين بالتعدى بالقول على الخطيب بسبب فقدان الأخير، وهو من هو فى سلم علماء الدين لمصداقيته وتغييره آرائه وفقا للظروف السياسية. ألا يكفى ذلك لفتح ملف الدعاة، وهل سيقوم الأزهر الجديد به؟! أشك.